أنت مدير جيّد حقاً! من غيرك يشهد بذلك؟
أنت مدير جيّد حقاً؟
من غيرك يشهد بذلك؟
البروفيسور روبرت كينت
باعتبار "إدارة الناس" أهمّ ما يقوم به المديرون، ماذا ستقول لو سئلت (هل أنت مدير جيدُ للبشر؟) ألديك إجابة صحيحة؟ ما الدلائل التي ستقيم رأيك عليها؟
معاشر الإداريين الأفاضل، يعتقدُ معظمنا (من المشرفين المباشرين وحتى قياديي الذروة) أنّه مديرٌ للبشر فعّال. بكل صدق يرى أحدنا أنّه يقوم بمهمّات توجيه موظّفيه خير قيام. ولم لا يعتقد ذلك! ألم يتمّ اختياره لهذا الموقع الإداريّ بناءً على ما لدينه من مقدرات؟ وأليس بعضنا الآخر هو مالك شركته ومؤسّسها؟ ألا يثبت نجاحه في ذلك أنّه يعرف كيف يقوم بكل خطوة على أحسن وجه؟
نقاط القوة في جانب قد تخفي نقاط الضعف في جانبٍ آخر
فكيف يمكنك رؤيتها جميعاً؟
لا ينبغي للمرء انتقاص ما لديه من مواهب ونعم، ولكن مهلاً! يجب ألاّ ندعَ "تأثير الهالة hallo effect" يشوّه رؤيتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا.
في "تأثير الهالة" تؤدّي رؤيتنا لما لدينا من نواحي القوة إلى جعل عيوننا لا تلاحظ نقاط الضعف والتقصير. وغالباً ما يقود الإيهام الذاتيّ معظم الناس إلى الظنّ بأنّهم يحسنون إدارة الناس أكثرَ ممّا يفعلون في الواقع.
وحتّى لو كان لدى شركتك عملية تقويم للأداء سارية المفعول وصحيحة (ومعظم الشركات لا يتحقّق هذا الافتراض لديها) فإنّ جودة أو سوء إدارتك للناس غالباً ما يحتاج تقديرها إلى رأي رئيسك أو مديرك، وهنا نجدُ كثيراً منّا يفتقرون إلى نعمة مديرٍ يديرهم، إنّهم هم أنفسهم المديرون!
ما تحتاجه هو الرأي المحنّك المختمر بالتجربة لدى من تديرهم، لدى الموظّفين لديك. الأمر هنا شبيه بما تراه في خدمة العملاء. لا يمكن لمديرك أن يحدّد لك مقبولية أو عدم مقبولية خدمتك، العملاء المتلقّون للخدمة هم من يفعلون ذلك.
في محاولاتي سؤال المرؤوسين عن جودة إشراف رؤسائهم عليهم (هل يعطيكم رئيسكم تعليمات جيّدة واضحة، هل يقدّم لكم المعونة والرعاية والإرشاد حتّى تتفهّموا وظائفكم..) فإنّني أتلقّى في معظم الأحوال إجاباتٍ سلبيّة لا تسرُّ أحداً. كثيراً ما يصف المرؤوسون مديرهم: بغير المبالي، ضعيف التركيز والوضوح، أو المدير بِ "إلقاء التعليقات العابرة".
صديقي المدير: دون أن أنظر أعرف أنّ يدك ترتفع بالاعتراض والقول: هذا ليس صحيحاً! هؤلاء المستاؤون ليسوا موظّفيّن لديّ حتماً!
ودون جدال طويل أقول لك: أثبت ذلك!
هل تطلب من موظّفيك الآراء التي تنفعك؟
أم تشجّع التي تعجبك وحسب!
إنّ السبب الشائع لهذا التباين بين رأي الرئيس وآراء مرؤوسيه هو أنّ معظمنا يدير من خلال علاقةٍ وحيدة الاتجاه مع موظفيه: نحن نوجّه (أو نعتقد أنّنا نفعل ذلك) وهم ينفّذون. نادراً ما نتلقّى التغذية الراجعة منهم حتّى نعلم ونقيّم مدى نجاحنا.
في العادة، تُترك مهمّة التقييم هذه للرئيس (إن كان لنا رئيس) ولكن خبّروني بالله عليكم من سيعرف أفضل من موظّفينا مدى نجاحنا في توجيههم؟
إنّ التغذية الراجعة الموضوعية حول أدائنا المقدّمة من موظفينا (وكذلك من زملائنا) يمكن أن تزوّدنا بمعلوماتٍ لا تقدّر بثمن من أجل تطوير وتنمية أنفسنا. ولكنّها لا تخلو من مخاطر أيضاً.
ففتح الباب على مصراعيه أمام التغذية الراجعة "الصادقة الصريحة 100%" بشأن أدائنا قد يجرّ الموظّفين إلى التحدّث بأمورٍ لا يهمّنا التحدّث فيها، أو أشياء لا ينبغي الخوض فيها مثل التقييمات الشخصية، أو انتقاد جوانب عملنا التي لا تتوفّر لهم المعرفة الكافية عنها.
وبالنظر إلى كلّ ما سبق فإنّ الطريقة الآمنة والفعّالة -ليس لاكتشاف مدى جودة إدارتك للناس وحسب، بل ولتحديد الخطوات اللازمة لتطوير نفسك- هي أن تطرح هذين السؤالين على موظّفيك (مستخدماً هذه الصياغة دون تزويق):
1- حتّى تيسّر لي ولنفسك القيام بوظائفنا بأقصى فاعلية ممكنة هلّا تفضّلت بتحديد بعض الأمور التي تراني أقوم بها ممّا يساعدك في القيام بعملك؟
مع ازدياد معرفتي بهذه الأمور فإنّني سأصبح أكثر مقدرة على ضمان استمرارها.
2- وانطلاقاً من الهدف السابق أيضاً، هلّا تفضّلت بتحديد بعض الأمور التي تراني أقوم بها ممّا يعرقل قيامك بعملك؟
مع ازدياد معرفتي بهذه الأمور فإنّني سأتمكّن من اتخاذ الخطوات اللازمة في معالجتها.
اطلب من موظّفيك الإجابة على هذه الأسئلة كتابةً، أو في اجتماع مباشر غير رسميّ. ولك في ذلك أسوة حسنة بالكثير من المديرين الذين ينفّذون هذه الممارسة بانتظام. جرّب هذه الطريقة اليوم ولا تتأخّر في إهداء نفسك وإهداء شركتك فرص التحسين والتصحيح الكامنة.