نهضة ذوي الإحتياجات الخاصة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ..
--------------------------------------------------------------------------------
إيماناً بأهمية التربية الخاصة والتعليم للجميع، وانطلاقا من المادة السادسة من الدستور الأردني واستناداً إلى التشريعات الخاصة بالمعوقين التي تضمنها القانون ذي الرقم (12) لسنة 1993م وقانون الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007 وما ورد في الميثاق، فقد ضمنت جميعها للإفراد ذوي الاحتياجات الخاصة جزءاً من حقوقهم في التعليم والتدريب والتشغيل والحياة الكريمة، مما عكس مدى حرص الدولة الأردنية على ضرورة الاستمرار في تقديم أفضل الخدمات لهم باعتبارهم الفئة الأقل حظاً في المجتمع. وقد شهدت التربية الخاصة في المملكة الأردنية الهاشمية تطوراً هائلاً وكبيراً خاصة في العشرين سنة الأخيرة من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، وتحديداً بعد إعلان الأمم المتحدة عام 1981 عاماً دولياً لذوي الاحتياجات الخاصة، وما انبثق عنه من توصيات مهمة تسهم في العمل لرفع مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة حتى أصبحت الأردن في طليعة الدول العربية، لا بل دول العالم الثالث، وذلك لما أبدته من اهتمام خاص ومحدد وملموس في إبراز هذه القضية كإحدى القضايا الاجتماعية الهامة التي يتطلب العمل الجاد والحقيقي من أجلها وإعادة صياغة التوجهات ورسم السياسات ووضع الخطط بما يتلاءم مع تقديم أفضل البرامج والخدمات التربوية والتدريبية والإرشادية والرعاية المؤسسية للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة كافة، وفق قدراتهم متفاعلين وعاملين منتجين في المجتمع الذي يعيشون فيه، وفقاً لنظرة متساوية ومتعادلة ورؤية واضحة وخطط متوازية نحو بناء الإنسان الأردني.
ومع شح الموارد والعبء الكبير الذي تتحمله الدولة الأردنية تجاه مواطنيها وما يرتبط منه بفئات التربية الخاصة وارتفاع كلفة العمل معهم ومحدودية مصادر الدعم، فإن الدولة عملت جاهدة تحث الخطى وبسعي دؤوب من خلال مؤسسات رسمية وتطوعية بإيلاء هذا الموضوع كل العناية والاهتمام.
فبدءاً من الثلاثينات شهدت الأردن اهتماماً بذوي الاحتياجات الخاصة، والذي كان بتأسيس أول مدرسة للمكفوفين في القدس عام 1938/1939 سميت المدرسة العلائية التي تعنى بشؤون المكفوفين، وقد تسارع الاهتمام بهم وتطورت الخدمات التربوية والعلاجية وتتابعت مسيرة البناء في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات، حيث ظهرت المدارس والمراكز والمؤسسات التي تقدم خدمات لمختلف الفئات عقلياً وسمعياً وبصرياً وحركياً سواء من قبل الجهات الرسمية أو التطوعية، وظهر التحول والتطور النوعي للبرامج والخدمات المتميزة في بداية عقد التسعينات، واكبه توسع كمي في أعداد المراكز والمدارس والصفوف لمواجهة تزايد الأعداد طالبة الخدمة من ذوي الاحتياجات الخاصة في أنحاء المملكة، وذلك لتحقيق العدالة وإيصال الخدمات لمستحقيها في مناطق سكناهم، إذ بلغت أعداد هذه المؤسسات والمراكز والصفوف اواسط التسعينات من القرن الماضي حوالي (112) مائة واثنتي عشرة مؤسسة تتبع لمختلف القطاعات الحكومية والأهلية والتطوعية ووكالة الغوث الدولية وتزايد عددها بشكل ملحوظ في السنوات التالية حتى وصلت عام 2005 إلى اكثر من 200 مؤسسة ومركز وأكثر من 300 غرفة مصادر عاملة في المدارس موزعة على كافة محافظات المملكة.
إن خدمات التربية الخاصة في الأردن هي خدمات مؤسسية أكثر منها مجتمعية حيث تقدم الخدمات من خلال المراكز والمدارس والصفوف التي أحدثت نقلة شاملة وواسعة في مستوى خدماتها مقارنة في العقود السابقة وخاصة في الستينات والسبعينات والتي كانت تفتقر لمثل الخدمات والبرامج الحالية، وغدت البرامج والخدمات شاملة للجوانب التربوية والتعليمية والإرشادية والصحية والتدريب المهني والتشغيل والرعاية المؤسسية الداخلية والإعفاءات والتسهيلات الضريبية والبيئية الممكنة، وهذا عكس صورة جميلة من الوعي والثقافة المميزة للمجتمع الأردني عن غيره من المجتمعات، حيث تبدلت الاتجاهات والنظرة الى الاكثر ايجابية.