سئل العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
قال السائل : ما حكم خلع النعلين في المقابر؟
قال الشيخ رحمه الله : الجواب كما هو معلوم في كل أمر صدر من النبي صلى الله عليه وسلم الأصل فيه أنه للوجوب إلا إذا وجدت قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب ولا قرينة هنا وعلى ذلك ينبغي البقاء على الأصل ألا وهو الوجوب ولكني أقول قد يمكن هنا أن نتلمس قرينة تؤكد أن الأمر هاهنا على الوجوب من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) ففي هذا الحديث وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين أمرين أو شيئين متباينين فهو من جهة يأمر باحترام الميت وذلك بالنهي عن الجلوس على قبره ومن جهة أخرى ينهى عن المبالغة في احترام الميت فينهى عن الصلاة إلى القبر فقال عليه الصلاة والسلام لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها . والسؤال السابق آنفا في الأمر فيما يتعلق بالمشي بين القبور " يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك " كذلك هنا يرد السؤال نفسه في قوله عليه السلام "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها " هل النهي هنا للتحريم أم للتنزيه ,الجواب كالجواب السابق بالنسبة للأمر فكما أن الأصل في الأمر الوجوب فكذلك الأصل في النهي التحريم
فقد يقول قائل نهيه عليه السلام عن الجلوس على القبر وعن الصلاة إلى القبر هل هو للتحريم أم للتنزيه الجواب كما سبق بالنسبة للأمر الأصل فيه أنه للتحريم , وحينئذ يمكننا أن نستنبط من نهيه عليه الصلاة والسلام عن الجلوس على القبر أنه يلتقي مع أمره لصاحب السبتيتين بخلعهما وذلك من باب احترام المقبورين فالتقى هذا الحديث بذاك وصار الثاني قرينة مؤيدة كون الأمر في حديث السبتيتين هو على أصله أي الوجوب
قد يورد بعض الناس في مثل هذه المناسبة حديث إن الميت إذا وضع في قبره فإنه يسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرين. فيتوهمون أن الحديث يدل على جواز المشي بين القبور وليس الأمر كذلك
ذلك لأنه ليس من الضروري أن نتصور أولا أن إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الميت إذا وضع في القبر أنه يسمع قرع النعال أنه يعني أن المشي بين القبور بالنعال جائز لأنه يمكن أن نتصور الأمر لا يصطدم مع أمره لصاحب السبتيتين بخلعهما , يمكن أن نتصور أمرين اثنين دفعا للتعارض
الأمر الأول: أنه لا تلازمن بين سماع الناس عند انصرافهم لدفن الميت أن يكون الدفن بين القبور بحيث يستلزم هذا الدفن المشي أيضا في النعال بين القبور , يمكن أن يكون هذا السمع من الميت لقرع النعال في وضع خاص , كأن يدفن في حافة المقبرة في جانب منها
فحينئذ لا يستلزم إذا ما استحضرنا هذه الصورة أن يكون الناس قد ساروا بين القبور بنعالهم
الشيء الثاني: يوجد لدينا قاعدة أصولية تساعد على التوفيق بين الأحاديث التي قد يبدو التعارض بينها أحيانا من هذه القواعد :
أنه إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح
حديث السبتيتين يحظر على المسلم أن يمشي بين القبور متنعلا الحديث الثاني في ظاهره إذا لم نحمله على المحمل الذي ذكرته آنفا في ظاهره يفيد إباحة المشي بين القبور بالنعلين فإذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح وهذه القاعدة بداهية جدا لمن يتتبع تدرج الأحكام الشرعية وطريقة ورودها ونزولها على قلب النبي صلى الله عليه وسلم (4) . اهـ
وقد سئل العلامة الألباني رحمه الله ما نصه:
الجنازة في الظهر أو العصر تكون الشمس حارة جدا فهل لهم أن يمشوا بحذيانهم وفي المغرب والعشاء ....
قال الشيخ الألباني رحمه الله مقاطعا : بارك الله فيك دائما أنا أذكر إخواننا طلاب العلم دائما المسائل تعالج بدون تطريق احتمالات ترد ، بدون تطريق ، واضح جدا هل يجوز أكل الميتة ؟ الجواب لا ، أييي لكن راح يموت من الجوع ، ... يا أخي إلا ما ضطررتم إليه ، فهكذا المسائل دائما العارضة يجب أن ينظر إليها النظرة العادية الشمولية ، يجوز أو لا يجوز ؟ الجواب لا يجوز , والله الأرض رمضاء شديدة الحرارة خاصة بالنسبة لأمثالنا المنعمين اللي أسفل أقدامهم كخفاف الفصال الذي جاء ذكره في حديث الرسول عليه السلام صلاة الأوابين حين ترمض الفصال مذا يفعل الفصيل ؟ لأن خفه ناعم ما صار كخف أمه وأبيه منعل نعل ما بيشعر بالحرارة إطلاقا فهو كونه أولا فصيل وكونو حيوان ابن حيوان يبدو له أن ينتقل من مربضه ينطلق وإذا به يقفز لأنه يشعر بالرمضاء من أسفله فيعود إلى مربضه فالقصد أن الإنسان إذا عارضته مثل هذه الصورة فحينئذ الضرورات تبيح المحضورات (5). اهــ
وسئل سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
س: حديث: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر على من مشى بنعليه في المقبرة؟
ج: الحديث لا بأس به ، ولا يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إلا عند الحاجة ، مثل وجود الشوك في المقبرة ، أو الرمضاء الشديدة ، أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه ، كما أنكر صلى الله عليه وسلم على صاحب السبتيتين ، ويعلّم الحكم الشرعي.
س: ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟
ج: يخلعها إذا كان يمر بين القبور ، أما إذا لم يمر بين القبور فلا يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبرة ويسلم فلا يخلع.
هذا السؤال وسؤالان بعده من ضمن أسئلة مقدمة لسماحته من الجمعية الخيرية بشقراء (6).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله
في شرحه لحديث بشير رضي الله قال: باب المشي في النعل بين القبور أي بين القبور أي أن ذلك لا يجوز إلا إذا كان فيه حرارة شديدة كالرمضاء أو كان فيه شوك يتأذى منه الإنسان فإنه يمشي بالنعل والنهي جاء حتى بين القبور كما أورده أبو داود من حديث البشير رضي الله عنه أي أن المشي في المقبرة لا يجوز أي بالنعال ولكن إذا كان هناك أمر يقتضي كـأن تكون الشمس حارة وفيه رمضاء أو شوك أو أي شيء يؤذي فيمكن الإنسان أن ينتعل لأن ارتكاب أخف الضررين يعني في سبيل التخلص من أشدهما جائز ولكن ما يطأ على القبر
ثم قال حفظه الله : وليس النهي خاص بالسبتيتين بل جميع النعال .
ثم قال حفظه الله : فألقاهما يعني بادر إلى الامتثال لما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم بادر إلى الامتثال وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المبادرة وإلى امتثال ما جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه والحكم عام لجميع النعال
وقال في تفسير حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم
قال الشيخ حفظه الله في شرح حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم) قال: هذا فيه دلالة يقصد حفظه الله على أنه يمشي بالنعل في المقبرة وقد مر حديث صاحب السبتيتين ولكن يمكن أن يجمع بينهما على اعتبار أن المقبرة فيها فضاء وأنهم يمشون في هذا الفضاء حتى يصلوا إلى القبور فتكون عليهم نعالهم وإنما ليس بين القبور. (7) اهـ