من المفاهيم و المناهج التي يعتمد عليها مكتب الدراسات العلمية: العلمية في العمل الاجتماعي – الغاية - الأهداف – الأولويات – التخصص – التفرغ – العمل الجماعي – التقييس – التقييم – الوضوح – النقد – المحاسبة – الحزم و الردع.
إن البحث العلمي ضمان صريح للنجاح، شريطة أن نؤمن ونعتقد بأنَّ العلم أفضلُ من الجهل، فقبل أن نؤسس مشاريعنا علينا أن ندرسها دراسة علمية معمقة، معتمدة على الإحصاء، و التحليل، و التخطيط.
من المفروض أن تكون غاية الفرد المسلم - ومن خلاله الجماعة المسلمة - واضحة بيِّنة، لا خلل فيها ولا تردُّد، ذلك أنَّها من الثوابت والمبادئ، تضرب جذورها في العقيدة وعلم التوحيد والإيمان. ففي القرآن الكريم، كلُّ غاية المخلوق هي: نيل رضا الله تعالى. "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (سورة الأنعام:162) ، "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" (سورة الذاريات:56). فالغاية هي المحطَّة الأخيرة التي يراد الوصول إليها.
من تمام الصدق أن نعمل جاهدين على إحلال مفهوم العمل بالأهداف، طلبا للإنجاز، وابتعادا عن الادعاء والافتراء، واختصارا للجهود والطاقات، وضمانا للنتائج الإيجابية، والتفوق المبين؛ فإنَّ أمَّتنا في أمسِّ الحاجة إلى كلِّ ذلك، إذا أرادت أن تصل إلى مقام الانتصار والنصرة، وإلى درجة التمكين في الأرض.
أبدع الفكر الإسلامي علما دقيقا هو: فقه الأولويات، وهو مسمًّى جديد لفقه مراتب الأعمال. كما أنَّ الفكر الغربي قد أبدع علما هو: علم إدارة الأولويات، وهو من العلوم المعاصرة، التي حظيت بالقبول والنجاح الباهر في المؤسَّسات الغربية، وساهمت في النجاح المعنويِّ والماديِّ لها.
« قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما يوما وقد شاورهما في شيء: قولا، فإني فيما لم يوحَ إليَّ مثلُكما». فالضرر من الخطأ الناجم عن عدم التخصص في العمل الاجتماعي أعمق وأخطر من الضرر الناجم في كل مجال مادي آخر. قال الله تعالى: "... فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، "ولا تقف ما ليس لك به علم، إنَّ السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولا" .. فالقاعدة إذن هي: كلٌّ قمَّة في تخصُّصه، وقاعدة في تخصُّص غيره.
إنَّ كلَّ عمل يحتاج إلى وقت ضروري، وإلى حدٍّ أدنى من الساعات الفردية والجماعية.
يمثِّل فكرة "توجيه الطاقة" في أعلى صورها، فهو قوَّة في الأساس، وتوافق في السير، ووحدة في الهدف... والتوجيه هو تجنب الإسراف في الجهد وفي الوقت.
كيف نقيس كفاءة الفرد في عمل معين؟ ومن يقيس؟ وما هي المعايير؟... فأهمُّ ما يجب أخذه بعين الاعتبار في كلِّ ترشيح للمسؤولية: تقوى الله تعالى، مقياس القوَّة، مقياس الأمانة، مقياس الخبرة.
كلَّ عمل تمَّ تقييمه بعلمية وموضوعية، هو عمل ناجح بالضرورة، مهما كانت النتيجة. وكلُّ عمل لم يتمَّ تقييمه، هو عمل فاشل ابتداءً. ذلك أنَّ الغرض من التقييم هو اكتشاف الإيجابيات، بغرض تثمينها والتركيز عليها؛ ومعرفة السلبيات، لتفاديها ومحاولة التخلُّص منها.
الأصل في حياة الناس الفردية الخصوصيةُ والتكتُّم، والأصل في العمل الاجتماعي الظهور والوضوح. ولذا، فحياة الذي يتولَّى مهمَّة ما مرشَّحة للنقد من كلِّ جانب، فليتحلَّ بالصبر والحلم والأناة، وليقبل كلَّ ملاحظة سواء أكانت سلبية أم إيجابية، من أيِّ طرف كان، وعليه أن يكون واضحا في أموره كلِّها، وأن لا يخفيَ شيئا من شأنه الإظهار.
أمَّة بلا نقد مثل محرِّك بلا شعلة، مهما وفَّرت من طاقة وهواء، فإنَّها لن تشعل محرِّكات الرقيِّ، ولن تغادر أرضها، ولن تلحق بركب الحضارة. والصدق في العمل الاجتماعي يستوجب النقد المتواصل، فلو صدقت النية وصدق العزم لما رضي مسؤول – مهما بلغ شأنه – أن تمرَّ مرحلة بلا نقد، وإلاَّ اعتبر ذلك خيانة له، ورفض المسؤولية، شأن الخليفة الأول أبا بكر رضي الله عنه يوم قال: «إذا رأيتم فيَّ اعوجاجا فقوِّموني». وشأن الخليفة الثاني عمر الذي قال هو كذلك، ومَن بعدهما من العباقرة الأفذاذ.
كلُّ عمل يقوم به ابن آدم لا بدَّ سيحاسب عنه، إن عاجلا أو آجلا، في الدنيا أو في الآخرة. والمحاسبة الإيجابية في الدنيا، راحة تريح المرأ من المحاسبة الشديدة في الآخرة، فكلُّ من عمل بصدق، والتزم الصراحة والوضوح، واستعان بالتقييس والتقييم، محددا غاية واضحة، وأهدافا دقيقة، وأولويات معتبرة، لا يخشى المحاسبة، بل يطلبها، ويعتبرها محكًّا إيجابيا له ولعمله.
لا يمكن قيادة ولا عمل أيِّ مشروع إلاَّ بمفهوم السِّلم، فالتشنُّج، والقلق، والاضطراب، والصراعات الساخنة... كلُّها مقدِّمات للفشل، وسبب فيه...ولكنَّ الحزم – مع ذلك- مطلوب في مكانه، ذلك أنه يمكن لأيِّ مشكل أن يأخذ حيزا من الزمان، وأن يُتعامل معه برفق وتوأده، ولكن إذا طال، وتحقَّق ضرره وجب الحزم في آنه، وإلاِّ تحوَّل المشكل إلى جزء من حياة المشروع، لا يقدِر أحد أن يفكَّه، ولا أن يوجد البديل.