سم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمور كثيرة أصبحت أشاهدها وليس لي تعليق عليها سوى النظر والسكوت ذهولاً أمام هذه الهجمة الشرسة التي انقضت على شبابنا في ظاهرها التحضر والتقدم وفي باطنها الانحطاط والتحرر الفج من كل القيم والمبادئ الجميلة والأصيلة التي كانت تخلق مجتمعًا سليمًا فكريًا وجسمانيًا .
وإليكم صورة من صور الاغتراب - المتفشية بين مجتمعاتنا العربية – وهي الدخيلة علينا تماماً شكلاً ومضموناً :
ما وصل إليه حال الفضائيات العربية من التدني والانحدار الأخلاقي خصوصًا الغنائية أو مجموعة فضائيات الطرب "الكليبي" الراقص ، وخاصة التي تقدم مجموعة الإعلانات التي تحض على تحدي الملل وهو ما لا يسر أحداً على الإطلاق .
هذه القنوات وللأسف صورة من صور الإسفاف والانحطاط الأخلاقي والفني الذي وصلنا إليه بخطوات نحسد عليها أصبحنا فصرنا نقترب من حافة الهاوية وننحدر بسرعة الصاروخ إلى عصر كل ما فيه يعج ويموج بالتفاهات والخزي والعار , عصر ضاع فيه الحد الفاصل ما بين الصالح والطالح , وانقلبت الموازين في كل شيء , عصر هلامي القوام لا نكاد نرى فيه أنفسنا ولا نرى غيرنا بل نرى المصلحة التي ستعود علينا والمصلحة فقط .
أصبحنا في عصرٍ مختوم بشعار "الدنيا مصالح" !! فأي عصر هذا الذي نعيشه ؟؟ ويا ضيعة القيم .. لم يعد لدينا أية روابط أو ضوابط لسلوكياتنا وأصبحت القيم والمبادئ وكل ما في الحياة من الجزئيات وكل شيء مباح وجائز وممكن .
السلوكيات المبتذلة أصبحت تحيط بنا من كل جانب من عبارات وحركات مستهجنة ومستوردة ودخيلة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية وللأسف الإعلام هو الراعي الرسمي لها بل و يروج لتلك السلوكيات والأخلاقيات المتدنية .
إعلانات تفرد لها إحدى القنوات الفضائية مساحة من الوقت لا بأس بها كي تتيح للشباب التعرف على الطريقة المثلى لتحدى الملل بمحتوى غرائزي بحت ومثير للشباب , وبمواد تخدش الحياء وتنشر الخلاعة وتحض على الفسق والفجور .
ما الفائدة المرجوة من ظهور فتاة وصدرها شبه عارٍ في إعلان يعاد عشرات المرات دون كلل أو ملل من خلال مجموعة من القنوات الفضائية، أقل ما يوصف به أنه تافه وممل وسمج ويدمر أخلاقيات ومبادئ عظيمة ظلت مزدهرة في المجتمع العربي إلى أن أصبحنا فريسة سهلة لهذا الهجوم التتاري الفضائي الموشوم بالخلاعة والعري .
ما الفائدة التي ستعود على الشباب من إعلان يدمر المتبقي من احترام أو هيبة المدرس لدى الطلبة؟ عندما يَنقَضُّ بطل الإعلان على المدرس ويطرحه أرضًا ويوسعه ضربًا وركلا ويساعده في ذلك الطلبة ؟! وهكذا يكون تحدى الملل ؟؟
وما الفائدة التي ستعود على المشاهد عندما يقضي على فتور العلاقة الزوجية بإعلان ساخن مثير لامرأة مثيرة تستجدي زوجها حقها في العلاقة الحميمية وهو رافض ؟! إعلانات مستفزة ومقززة حقاً ..
إعلانات وإعلانات وبرامج تجد نفسك بينها كمن ألقي بين موج متلاطم ولكنها أمواج كلها تحث على إثارة الغرائز والضغط على زناد الشهوات والرغبات لدى الكبير والصغير , لا فرق في الخطاب الموجه لهما معًا وحتى النساء والفتيات كان لهن نصيبهن من كعكة الانحطاط هذه .
ما يحدث هو أن القائمين على هذه القنوات لديهم ضعف أو شلل في التفكير وربما هم من يحتاجون إلى العيادات النفسية فقد تعينهم على التخلص من هذا الشحوب والزيف الإبداعي , ووقتها ربما أخرجوا لنا من الأفكار النظيفة ما نستطيع تقبله واستيعابه .
نحن في عصر تتسلق فيه الرداءة حياتنا في غفلة من الوعي العام كنبات شيطاني لا أصل له ولا جذور , طفيليات تتغذى على جسد المجتمع المسلم وتنخر فيه كالسوس .
وساعد أدعياء الفن في ذلك حالة اللامبالاة التي تسيطر على المثقفين خصوصاً والناس عموماً , وكأن من ينطق ويقول رأيه فيما يحدث ويبدى عدم تقبله ورفضه لهذه السلبيات هو من كوكب آخر غير الأرض .
وحقيقة اللوم لا يقع على البرامج والمعد والمخرج لها .. ولكن على من ارتضى تقديم وبث مثل هذه الأشياء للشباب العربي والمسلم من خلال قنواته الفضائية فكل اللوم على صاحب القنوات الفضائية .. والتي تبث السموم ولا شيء غيرها.
خير الكلام:
لا المال ولا الجاه يمنحان المرء حصانة من الحساب يوم القيامة .. فالأفضل أن تكون حصانتك هي ما تقدمه يداك من خير للناس ولنفسك أولاً حتى تكون ذكراك عطرة لا أن تكون ذكراك الحث على مفسدة جيل بأكمله .