لا يمكن بأي شكل من الأشكال السكوت على حمّام الدم الجاري الآن في ليبيا.. فالنظام هناك غير كل الأنظمة.. نظام لا يعرف كيف يستمع ولا يعرف كيف يتكلم.. ولا يؤمن بالمظاهرات والأحزاب.. بل شعاره (من تحزّب خان).. حتى عندما يريد أن يفرّق مظاهرة فإنه لا يؤمن بالغاز المسيل للدموع أو العصي أو الحجارة.. بل بالرصاص فقط.. واعتقد بأن القذافي سيحاسب الآن الذين أطلقوا النار على المتظاهرين.. ليس لأنهم أطلقوا النار.. بل لأن هناك جرحى.. هولا يريد جرحى.. يريد أمواتاً فقط.
أستمع منذ يومين للإعلام الليبي الرسمي.. أي عبقرية هذه..؟؟ هذا خطاب لا ينتسب لأي زمن.. حتى زمن الطفولة الأول.. سذاجة ما بعدها سذاجة.. وكل ربطات العنق التي يرتديها المذيعون الليبيون لن تجعل الخطاب يقترب من بدايات العقل المتحضر.
ما هذا الإعلام الذي يرى شعبه كله عميلاً للصهيونية..؟؟ ما هذا الإعلام الذي يطلب من للشعب أن يموت مع القذافي ويدفن معه في تراب القبر..؟؟ ما هذا الإعلام الذي يجعل من القائد مقدماً على البلد التي يحكمها (الله: القذافي: ليبيا وبس).. هذا هوهتاف الأجهزة هناك..؟؟ ما هذا الإعلام الذي يقول لجماهيره انظروا ماذا حدث في تونس ومصر: نعم فلينظروا.. لقد تحرر الشعبان..؟.
بالتأكيد سأعود مرات ومرات لحكاية الشعب الليبي البدوي العربي الأصيل مع خاطف ليبيا في وضح النهار.. ولكن ما يعنيني الآن: هو الدم النازف بلا رمشة عين من القاتل.. الشعب الليبي يموت الآن.. بل يُقتل بدم بارد.. والقاتل معروف.. وعلى العرب كل العرب الوقوف الآن وقفة ليس مثلها وقفة.. عليهم أن يعلنوا للقذافي أن الشعب الليبي جزء من شعب العرب لأنه على ما يبدو بأنه نسي أن (عمر المختار) لنا وليس له.. ويبدوأنه صدّق كذبته النكتة بأنه (ملك ملوك أفريقيا..).
ليبيا تستحق اليوم أن ننقذها من كل هذا الجنون.