زوجي الذي احب ينعتني بأنني لا اهتم بالشأن العام كما ينبغي. وحجته في ذلك هي انني ارفض متابعة الاخبار السياسية ٢٤ ساعة في اليوم ٧ ايام في الاسبوع . اتمني ان ادله علي اسبابي ولكني اتراجع وافضل الصمت. ان المتابعة المتصلة للاحداث وادراك ما لا تعلنه وسائل الاعلام بلغة يفهمها غير المتخصصين يدفع بي الي حافة المرض احيانا. الاخبار هي الاخبار ولكن اسلوب البث واختيار السياق له دلالات كثيرة. اشعر باعراض ارتفاع ضغط الدم داخل جمجمتي فاسرع الي الطبيب فينصح الطبيب بالهدوء وعدم التعرض لمسببات القلق .
ولكني اعود للمتابعة ايمانا بأن لكل اجل كتاب وانه من الافضل تنظيم المشاهدة الي فترات منتظمة تتخللها فترات اكثر هدوءا. وبما ان الطيور علي اشكالها تقع فأن اهتمامي بالشأن العام لا يقل عن اهتمام الزوج العزيز ربما لأنني اكتشفت اهمية هذا البعد من حياتنا مبكرا وبدون تشجيع من احد. فلم يكن والدي من نوع الاباء الذين شجعوا اولادهم علي الخوض في السياسة. ومن ذكرياتي المبكرة جدا اشتراك اكبر اشقائي في مظاهرة ضد الاستعمار الانجليزي ومحاولات الحكومة الملكية انذاك لقمع الحريات ومنع التظاهرات والزج في السجون بالشباب المتمرد. فتعرض شقيقي للاعتقال الي ان افرج عنه فنال من ابي لوما وتقريعا ونهيا وتهديدابألا يعود اللتظاهر والا ....
من تلك الذكري البعيدة الي ذكري الدكتورة فاطمة موسي التي كانت استاذة كرسي الادب الانجليزي في جامعة القاهرة وكانت في شبابها اول فتاة مصرية تعين للتدريس في الجامعة في زمن كانت الكوادر كلها مخصصة للانجليز. وسافرت للحصول علي درجة الدكتوراه وهي زوجة واما لطفلين وعادت لتربي جيلا بعد جيل من الدارسين. قبل وفاتها بسنوات كانت في لندن فشاركت في تظاهرة دفاعا عن الحريات .. شاهدتها تتحرك وسط المتظاهرين وهي علي كرسي ذي عجلات. ولم يوقف عزمها تقدم العمر او الام المفاصل.
تذكرتها ودعوت لها بالرحمة حين فاجأتني ابنتي الوحيدة بصحوة سياسية مصحوبة بغضب شديد فقالت: لا ادري كيف تتعايشون مع ما يحدث بمثل هذا الهدوء. ثم اعلنت عزمها علي المشاركة في تظاهرة سلمية لدعم التظاهرات الشبابية في مصر . وعادت لتخبرنا بأنها التقت بثلاثة اجيال من المغتربين في التظاهرة وبأن عددا من زملائها في العمل انضموا الي التظاهرة دعما لشرعية ما يطالب به شباب مصر. والجدير بالذكر ان هؤلاء الزملاء اوروبيون.
اخجلتني ابنتي . واخجلتني ذكري استاذتي. الي ان قرأت مداخلة دونتها احدي قارئاتي هذا الاسبوع .اكتفت بأن ذكرت بحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: علي كل مسلم صدقة . قالوا يارسول الله ارأيت ان لم يجد؟ قال يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق. قالواأرأيت ان لم يستطع؟ قال يعين ذا الحاجة الملهوف . قالواأرأيت ان لم يفعل؟ قال يمسك عن الشر فانه له صدقة.
حين خلوت الي نفسي تمنيت لو كنت في القاهرة اشارك بيدي وان لم تسعفني يدي ربما اسعفني لساني وان لم يسعفني اللسان قد يسعفني قلب مؤمن بعدالة الله . هل اكتسبت صدقة لأنني لم امنع ابنتي من التعبير عن قناعتها كما فعل ابي في زمن بعيد؟ هل يشفع لي استمراري في العمل وتوظيف هذا القلم المتواضع لخدمة الحق ؟ اتمني ان اكون دائما ممن يمسكون عن الشر حتي اكتسب صدقة وان تتذكرني ابنتي واولادها ان رزقت بأولاد بأنني كنت اتابع ما يجري حولي بهدوء يسمح بالتفكير وتبني قناعات لا يبدلها تغير الوجوه والاحداث.
فوزية سلامة
Jasmine collar
موضوع: رد: أنا وهو وهي 20/2/2011, 18:54
معضلة جميع الازواج .. كتير بسمع انه مشاكلنا على الثقافة و الاطلاع و امور السياسة
موضوع: أنا وهو وهي 
20/2/2011, 17:34
