بأربعة أرجو نجاتي وإنها **** لآكد مذخور لدي وأعظم
شهادة إخلاصي وحبي محمدًا **** وحسن ظنوني ثم إني مسلم
ذكر في هذين البيتين أربعة أسباب للنجاة:
1- شهادة أن لا إله إلا الله عن علم ويقين وإخلاص وصدق ومحبة وانقياد وقبول لها ولما دلت عليه من الأوامر والنواهي قال r: «من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة»([1]) وقال: «فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»([2]) وقال: «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل» رواه مسلم.
2- وحب الرسول محمد r قال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»([3]) وقال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه ممن سواهما..» الحديث([4]) وقال: «المرء مع من أحب»([5]) ولا شك أن المحبة تقتضي وتستلزم الانقياد والمتابعة والطاعة في القول والعمل قال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به»([6]) ومن علامة محبة الله تعالى اتباع رسوله r قال تعالى: }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ [آل عمران: 31] فأوجب اتباع الرسول محبة الله لمن اتبعه ومغفرة ذنوبه برحمة الله الغفور الرحيم.
3- ومن أسباب النجاة: حسن الظن بالله تعالى في أنه يغفر له ويرحمه بعد الجد والاجتهاد فيما يقرب إلى الله من طاعته وطاعة رسوله قال الله تعالى في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي»([7]) وقال عليه الصلاة والسلام «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله»([8]) وقال تعالى عن الكافرين والمنافقين }الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ{ [الفتح: 6] وقال }يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ{ [آل عمران: 145] حيث ظنوا أن الله لا ينصر رسوله وأن أمره سيضمحل ويذهب ويتلاشى وأن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته ففسر هذا الظن بإنكار الحكمة وإنكار القدر وإنكار أن يتم الله أمر رسوله، ويظهره على الدين كله، وإنما كان ظن سوء لأنه ظن غير ما يليق بالله وحكمته ووعده الصادق قال تعالى: }وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ{ [فصلت: 23].
4- ومن أعظم أسباب النجاة الإسلام وهو الاستسلام لله والانقياد له بالقول والاعتقاد والعمل والحب والبغض والفعل والترك بأن يعتقد المسلم أصول الإيمان ويعمل بشرائع الإسلام وأركانه ويتصف بحقائق الإحسان فلا يترك واجبا ولا يعمل محرما ولا يخالف أمرا ولا يرتكب نهيا بل يمتثل ما أمر الله به ورسوله راجيا ثواب ربه خائفا من عقابه محبا له بكل قلبه مرضيا له بكل جهده وإذا كان كذلك فهنيئا له بالثواب العظيم والنجاة من العذاب الأليم([9]).
------------------------
([1]) رواه البزار عن أبي سعيد ورواه الطبراني في الأوسط والكبير عن زيد بن أرقم ورمز السيوطي لصحته.
([2]) رواه البخاري ومسلم.
([3]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([4]) رواه البخاري ومسلم
([5]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([6]) قال النووي: حديث حسن صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.
([7]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([8]) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
([9])المصدر بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين للشيخ عبد الله ن جار الله آل جار الله ـ رحمه الله ـ ص 554.