اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 وَأْدُ الفرح

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Jasmine collar

Jasmine collar



وَأْدُ الفرح  Empty
مُساهمةموضوع: وَأْدُ الفرح    وَأْدُ الفرح  Icon-new-badge19/2/2011, 06:02




في كل صباح تستيقظ على صوت الهاتف الذي لم ينقطع رنينه منذ شهر مضى، تقوم بجسدها النحيل المثقل بالألم فزِعة مما قد تحمله تلك المكالمة ، ترد بصوت متقطع أنهكه التعب والتفكير..
...مرحبا!
...صباح الخير؟كيف هي والدتك اليوم؟
...لا أدري عن أخبارها شيء ،لكن أتمنى أن تكون بخير..
...أوه ،آسفة إن كنت قد أزعجتك ..مع السلامة
...مع السلامة.
تقفل سماعة الهاتف،مسندة ظهرها على كرسي يكاد ينطق من شفقته عليها، تغمض عينيها وتطلق تنهيدة تخبر بحجم الألم القابع بداخلها. "اليوم تكمل أمي شهرها الأول في المستشفى،وأكمل أنا شهراً أصارع فيه شبح الموت الذي خيّم على منزلنا الصغير منذ أن أخبرنا والدي عن مرض أمي ،رباه هب لي صبراً كما صبر أيوب علّي استطع إكمال مشوار الحياة".هذا ما رددته نور في ذلك الصباح المشرق بألمها المتجدد.

العاشرة صباحاً ،موعد استيقاظ إخوتها الصغار،تعد إفطارهم وتحاول الحديث معهم عن كل جميل في الحياة لا تحب أن ترى ذلك الحزن يسطع من أعينهم البريئة،تسألها الصغرى : متى نذهب لزيارة ماما؟
_عند الرابعة مساء
_ يعني أول ما تبدأ الزيارة صح؟؟
_ تجيب وهي مبتسمة " صح"..

تجر خطاها إلى غرفتها الفوضوية فمنذ ذلك اليوم الذي صُعقت فيه بالخبر لم تعد تهتم إلا بصغار يحيطون بها يرون فيها روح والدتهم علّها تعوّض شيئا مما افتقدوه..تفتح حقيبتها المليئة بالأحلام الميتة والطموحات التي اعتقلتها الأقدار،تخرج دفاترها وتبدأ بأداء وظائفها المدرسية دون أن تعي ما تكتب ،فالمهم هو أن تملئ تلك الصفحات البيضاء بألوان حبر تسر معلمتها..تنظر إلى غلاف دفترها والذي كتبت فيه د.نور،متفائلة بجميل الأيام القادمة،تتأمل ذلك وتدمع أعينها على ما فقدته من روح طامحة إلى العلى و إنسانة ملئ بالتفاؤل والأمل تلك روحها التي لم تفهم البؤس إلا منذ شهر،أقصى طموحها أن تعود والدتها إلى البيت،وتعود معها الحياة..

الرابعة مساء وفي سيارة والدهم ،صمت مطبق وكأنما على رؤوسهم الطير ،يرون النور ساطع في المكان لكن دون معنى إنه نهار تزيد فيه المسافات بعدهم عن أمهم ، عن الفرح الذي فارقهم والحضن الذي حرمتهم منه الأقدار.عند الإشارة ترى الصغرى الأطفال في عمرها مع والديهم في مكان واحد يجمعهم ، تلف ذراعيها إلى الأمام وتحني ظهرها حتى ليظن بها أنها تتنصت على من بجوارها،تود أن تسترجع كيف يكون حديث الأمهات مع أطفالهم بعيداً عن رنين الأجهزة؟ وحواجز السرير المحيط بها ! تشتاق لأن تعود بها الأيام لتتشاقى عند أمها وتثير غضبها بعنادها الأحمق.صغيرة وأنهكها التفكير لم أمها بالذات يسرقها المرض؟ تساؤلاتها انتهكت حرمة الصمت.."بابا متى تعود حياتنا مثل السابق؟" "قريباً إن شاء الله" هذا ما أجابه والدها الجريح،الذي أصبح يمقت الجلوس بالمنزل ويرى صغاره تتقاذفهم أمواج القدر العاتية يمنة ويسرة..

وصلوا إلى المستشفى والأب ممسك بصغيرته خوفاً من أن تدهسها سيارات ممارسي لعبة الموت،يدخلون إلى بوابة المستشفى وتفوح رائحة المعقمات والمطهرات،الناس متواجدون بكثرة في هذا المكان ،عند الاستقبال يتجمع البعض ليسأل عن غرفة أحد المرضى ،وعلى اليمين كراسي تئن من ثقل القابعين عليها منذ ساعات منتظرين أخباراً تسرهم أو تحزنهم،وهناك القادمين والفرح يرتسم على محياهم ،والابتسامة تجمّل تلك الملامح الفرحة،حاملين وروداً بيضاء وعلب شوكلاتة مزينة باللون الوردي يبدو أنهم قادمين لجناح الولادة .إنه نفس المكان ونفس الزمان الذي يجتمع فيه البائس والفرِح،الباكي والضاحك،الفاقد لأحبابه والعائد لهم،هناك تزدحم الأقدار كما يزدحم البشر،يسير الأب وبناته نحو المصعد،وأعين صغيراته تنظر بلهفة في وجوه الناس التي تملأ المكان،علهم يجدون من يشاركهم ذات الألم والفقد،لكن هيهات أن تترجم الأعين أي حزن يسكنها وأي فقد تدمع من أجله.يدخلون إلى المصعد الذي يرجون ربهم في كل مرة يصعدون به أن تكون هذه زيارتهم الأخيرة التي يكونوا فيها وحيدين مع والدهم ،علّ رحمة الأيام القادمة تجمعهم هنا مع والدتهم .

يسيرون بخطى تسابق الزمن الذي سرق وجودها من بينهم،يحسبون الدقائق والثواني التي تجمعهم بها،علّها تروي ظمأ صغارِ أرهقتهم الأيام بآلامها ،هاهو الجناح السابع هادئ جداً لا تسمع سوى صوت قرع أحذية المارة وصرير الكراسي المتحركة ،كل نزلاء هذا الجناح يتطبعون بالهدوء قسراً عنهم ، فشدة المرض أوردتهم هزلاء لا يقدرون على شيء ،هذه غرفة والدتهم،تتزايد نبضاتهم في كل خطوة تقربهم إلى ذلك المكان،بحجم شوقهم يكون قلقهم وخوفهم،يخشون الحالة التي سيرون فيها والدتهم من جديد،أي جزء من جسدها اليوم سنرى الأبر تهتكه؟وأي دواء اليوم أضيف إلى قائمة أدويتها؟وماذا عن أشواقها لجميل الأيام الماضيات؟تقرع نور الباب بهدوء لم يكن في يوم من طباعها،تدخل وتجد خالاتها ملتفين يشكلون نصف دائرة حول سرير والدتها،وعلى الطاولة فناجين قهوة باردة،وأحاديث تدور حول معجزات الشفاء،ويقطع تلك الأحاديث شكر وحمد لله على كل حال،تقدمت مع أخواتها إلى سرير يحتضن أحن وأجمل حضن عرفته في حياتها،حضن والدتها الذي إذا تكالبت الهموم لجأت إليه حتى لتحمد الله أن مصيبتها لم تكن فيه،ها هو الحضن الذي يلهمها الصبر يكاد يرحل ،تراه على شفا حفرة تخشى أن يسقط فيها،انحنت إليها أمسكت بيمين والدتها وشدت عليها ،قبلت جبينها،دون أن تتكلم بكلمة واحدة،فالحديث يكون قاصرا عندما يكون موجها للأم.

أمرتها والدتها بأن ترفع صغيراتها اللاتي يحول حاجز السرير بينهم وبينها،ترفع بصعوبة أختها الصغرى التي منذ وضعت رأسها على صدر والدتها انفجرت باكية،صغيرة بما يكفي لتجهل الكتمان،كبيرة بحزنها الذي جعل صرختها تخيل لسامعها بأنها صرخة ثكلى خمسينية وليست طفلة تعيش عامها الخامس فقط..تحتضنها أمها وقتاً أطول ،تطمئنها بصوت مرتجف يصارع عبرة حبستها كي لا تزيد الآم صغارها أكثر.." أنا بخير وسأعود لكم قريبا لا تحزني حبيبتي" ،أبعدت نور تلك الصغيرة وهي تسمع شهقة من والدتها تحاول كتمانها ،نور في صراع بين دمع سجين وروح أمها العليلة التي لا تحتاج إلى مزيد من التعب، قررت الكتمان جاعلة دموعها حبيسة لتلك العينين الحزينتين،وعبرة تتحشرج في حنجرتها لا هي أخرجتها و لا هي بالتي نسيتها.
تسألهم والدتهم عن الدراسة عن سير حياتهم ، عن الرياض في الشتاء، عن المطر الذي يفرحهم،سألتهم عن كل شيء،قلب أم لا يُلام حتى في قمة تعبه لا يهمه سوى قطع منه تمشي على الأرض..تجيب نور بأن كل الأمور تسير بسلام ولا ينقصهم سوى وجودها بينهم،وبعد دقائق يتقلب لون وجه والدتهم يبدو أنها متعبة بشكل كبير،تأتي الممرضة تطلب من الجميع مغادرة الغرفة،بقيت نور لوحدها مع والدتها،قامت الممرضة بعمل الإجراءات اللازمة وحضر الطبيب الذي فحصها وقرأ نتائجها،توجه إلى نور ذات الخمسة عشر ربيعاً ليخبرها بأسباب ما حصل يتحدث إلى قلب كبرته الأيام جعلته يفهم بالغيبوبة وأسبابها ، الجلطات واثآرها،تحدث إليها وكأنما يتحدث إلى امرأة خاضت تجارب الحياة،تستمع إليه بعينين مندهشتين خائفتين مما تحمله الأيام القادمة،تنظر إليه وكأنها تتوسل بأن يقدم كل ما في وسعه لكي لا يُحرموا من وجودها،طمئن قلبها الذي يكاد أن يطير خوفاً وقلقاً،"ارتفاع شديد في الضغط " هذا ما قاله الطبيب..
عادوا إلى منزلهم الخالي من مظاهر الحياة،وفي غرفتها تتوسد مخدتها التي اختارتها والدتها تلفها على وجهها حتى تبكي دون أن يظهر الصوت،تبكي حال أمها وحال أخواتها وحالها ،تبكي الزمن الذي حرمهم منها..
وفي الصباح تذهب إلى مدرستها تدخل إلى صفها بجسدها فقط تاركة قلبها لدى والدتها، تدخل معلمة قواعد اللغة العربية وتبدأ بالشرح، تضع نور رأسها على الطاولة بسبب إنهاكها وتعبها ،تسمع أصوات لكن لا تعيها، وفجأة إذ بصوت قوي يصدر من طاولتها رفعت رأسها فزعة، " ما هذا الإهمال؟ أليس لديكم منزل لتنامي فيه؟" تقوله معلمتها،أحنت رأسها إلى الأسفل لا تملك إجابة لتلك الأسئلة العقيمة،أمرتها بالوقوف،" مثلي لفعل ماضٍٍٍِِِ في جملة مفيدة"
أجابت بحزن: " وأد الزمان فرحتنا" ..


لمى حمّاد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد الرواضيه

avatar



وَأْدُ الفرح  Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَأْدُ الفرح    وَأْدُ الفرح  Icon-new-badge19/2/2011, 12:03

كل الشكر لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Jasmine collar

Jasmine collar



وَأْدُ الفرح  Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَأْدُ الفرح    وَأْدُ الفرح  Icon-new-badge19/2/2011, 20:53

الشكر و التقدير لك اخي خالد على مجهودك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وَأْدُ الفرح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تحميل و استماع نشيد التخرج يوم الفرح مالك المجيدي MP3 , فيديو يوتيوب التخرج يوم الفرح مالك المجيدي 2013 , كلمات التخرج يوم الفرح مالك المجيدي 2013
»  تردد قناة الفرح المصرية 2011 للاغانى الشعبى على النايل سات - تردد قناة الفرح
» حافظي علي فستان زفافك ,حافظى على فستان فرحك من اول ماتجبيه الي نهايه الفرح , ازاى تحافظى على فستان فرحك من اول ماتجبيه لحد ما الفرح يخلص
» ايها الفرح...
» الفرح والحزن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: المنتدى العلمي :: ادب و شعر :: قصص قصيرة-
انتقل الى: