ظل الأمر يزعجني، فخبرتي الميكانيكية المتواضعة لم تستطع تحديد مصدر التسريب، المشكلة كلما أوقفت سيارتي في مكان ما تركت خلفها بقعة من الزيت تماماً كأثر البعير ..وكلما هممت بتشغيلها «جلست القرفصاء» وأجلست شركائي بالرحلة القرفصاء محاولين تحديد منبع التسريب دون فائدة.
صحيح أن لا تأثير مباشراً للبقعة على حركة السيارة، الا ان منظر التهريب لم يكن يعجبني..
المهم..أخذتها ذات يوم إلى الميكانيكي، فتح غطاء الماتور، تفحّص الأنابيب وأغطية الزيت .. ثم قال لي : «الكسكيت»!!..التهريب واضح من الكسكيت!! انظر من هنا ومن هنا زيت جديد..ثم نصحني بتغييره «بكسكيت» كوري أصلي..دفعت ثمن القطعة وأجرة الرجل وعدت الى البيت.. في اليوم التالي : بقعة جديدة في مكان جديد..أعدتها للميكانيكي ثانية تفحصّها مرة أخرى..ثم رفع نظارته وقال: «الدسبرتور»..مشكلتك «بالدسبرتور»..ثم أخذني من كتفي وأشار لي؛ شمال يمين شمال في محل قطع غيار..قل له: «دسبرتور» أصلي كيا ون لمؤيد..دفعنا ثمن «الدسبرتور» وأجرة الميكانيكي وعدنا إلى البيت ..في اليوم العاشر..قال :علبة الكلاتش!!..دفعت ثمن العلبة وأجرته وعدت الى الجريدة ..بعدها بقعة زيت أوسع من سابقاتها..عدت اليه في اليوم الثالث عشر..غاص بيده بين الأسلاك عضّ على شفته وهو يبحث عن الخلل..اخرج رؤوس أصابعه الملطّخة بالزيت المحروق ثم قال : شايف؟..قلت له: شايف بس شو؟..فأشار الى أن «اللبّادة» تحتاج الى تغيير لأنها سبب التسريب..فلمته على تغييره لكل القطع السابقة دون وجه حق،أهمل الرد وانصرف الى سيارة أوبل كدت..بالكاد أرجعته الى سيارتي بعد ان دفعت ثمن «اللبّادة» وأجرة يده..في اليوم الرابع عشر اتسعت رقعة الزيت أكثر ..ربطت فوطة بامبرز تحتها وركضت بها الى المدينة الصناعية..انسدح على كرتونة تحتها ..طلب من الصبي مفك 20 ثم شق 18 ..لف العجل يمين ..يسار ..ارفع جك نزّل جك...ثم نظر الي من اسفل الروديتر قائلاً: خالي المشكلة بزيت الجير..فك عبوة الزيت ورماها في الجورة وطلب أخرى جديدة..دفعت ثمنها وأجرة يده وغادرت..في اليوم الخامس عشر وجدت بقعة زيت قطرها نصف متر تحت السيارة..فوراً نصبت على أنتين السيارة»وحدتيّ مغذي جوبترول» وركضت بها الى الميكانيكي..قبل أن أوقفها في باب كراجه قال..بدهاش حكي: «مجموعة ستيرنج» واضح من مشيتها...وفعلاً غيرت المجموعة..
أبشّركم، اليوم هو السادس عشر وها أنا أكتب مقالي من بقعة الزيت في الجورة ..وكل ما هو حولي يجعلني انطق بحكمة ولدت بالتجربة :
(( اذا لم ترض بالسيء المجاني ..فستدفع ثمناً باهضاً لتحصد الأسوأ.))
احمد حسن الزعبي