لمولد النبوي أو المولد النبوي الشريف هو يوم مولد رسول الإسلام محمد بن عبد الله ويكون في 12 ربيع الأول حسب بعض المصادر من كل عام. حيث يحتفل به المسلمون في معظم الدول الإسلامية، ليس باعتباره عيدًا[1]، بل فرحًا بولادة نبيهم رسول الإسلام محمد بن عبد الله. وتبدأ الإحتفالات من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته، وذلك بإقامة مجالس ينشد فيها قصائد مدح النبي، ويكون فيها الدروس من سيرته، ويقدم فيها الحلوى والطعام.
تحتفل دول عدة في العالم بذكرى مولد الرسول محمد بن عبد الله حيث تعد هذه المناسبة عطلة رسمية في عدة دول على سبيل المثال سوريا[2]، مصر[3]، ليبيا[4]، الأردن[5] تونس[6]، الإمارات[7] إلا أن دولا كالسعودية لا تمنح عطلة رسمية بهذه المناسبة في البلاد تضاف إلى عطلات عيدي الأضحى والفطر إضافة إلى اليوم الوطني السعودي الذي يعتبر عطلة رسمية 24 سبتمبر من كل عام.[8][9] إلا أن سكان المنطقة الغربية في السعودية اعتبروا الأكثر إحتفالاً في السعودية بالمولد النبوي ومنهم سكان مكة، حيث يتم احيائه بالتجمع وقراءة القرآن وذكر التواشيح الدينية التي تمتدح الرسول.[10
يرجع المسلمون الذين يحتفلون بالمولد النبوي بداية الاهتمام بيوم مولد رسول الإسلام إلى النبي محمد نفسه حين كان يصوم يوم الاثنين ويقول "هذا يوم ولدت فيه"[11]، وذكر الإمام السيوطي أن أول من احتفل بالمولد النبوي بشكل كبير ومنظم هو صاحب أربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبرى بن زين الدين علي بن بكتكين[12]، والذي وثقه علماء السنة بأقوالهم:
* قال السيوطي وابن كثير: أنه أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون.
* قال ابن كثير أيضا: كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا، وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا وأكرم مثواه[13].
* قال ابن خلكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب ابن دحية: «كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي فعمل له كتاب (التنوير في مولد البشير النذير)، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار»[14].
* قال الحافظ الذهبي: كان متواضعا خيرا سنيّا يحب الفقهاء والمحدثين[15].
اعتبر السلفية أن الاحتفال بالمولد النبوي هو "بدعة في دين الإسلام، لم يعمله السلف من قبل". لكن في المقابل وردت نصوص كثيرة لعلماء من أهل السنة يجيزون فيها الاحتفال بالمولد النبوي، منها:
* السيوطي، حيث قال: "عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف"[16].
* ابن الجوزي، حيث قال عن المولد النبوي: "من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام"[17].
* ابن حجر العسقلاني، حيث قال الحافظ السيوطي: "وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة"[18].
* السخاوي، حيث قال عن المولد النبوي: "لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة, وإنما حدث بعدُ, ثم لا زال أهل الاسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم"[19].
* ابن الحاج المالكي، حيث قال: "فكان يجب أن نزداد يوم الاثنين الثاني عشر في ربيع الأول من العبادات والخير شكرا للمولى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم"[20]. وقال أيضا: "ومن تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد"[21].
* ابن عابدين، حيث قال: "اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم". وقال أيضا: "فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من اعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات"[22].
* الحافظ عبد الرحيم العراقي، حيث قال: "إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهورنوررسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة قد تكون واجبة"[23].
* الحافظ شمس الدين ابن الجزري، حيث قال الحافظ السيوطي: "ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه -، وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم، لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيمة"[18].
* أبو شامة (شيخ النووي)، حيث قال: "ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين"[24].
* الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري)، حيث قال: "فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء"[25].
* الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي، حيث قال في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي): "قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم"، ثم أنشد:
إذا كان هـذا كافرًا جـاء ذمـه وتبت يـداه في الجحـيم مخـلدًا
أتى أنـه في يـوم الاثنين دائـمًا يخفف عنه للسـرور بأحــمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره بأحمد مسرورا ومات موحـــدًا
من المتأخرين
* حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر، حيث قال: "إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما يكون بذكر الله تعالى وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود، ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات. ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم، وصلة الأرحام، والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة"[26].
* محمد متولي الشعراوي، حيث قال: "وإكرامًا لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها"[27].
* المبشر الطرازي، شيخ علماء التركستان: حيث قال: "إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أصبح واجبًا أساسيًا لمواجهة ما استجد من الاحتفالات الضارة في هذه الأيام"[بحاجة لمصدر].
* محمد علوي المالكي، حيث قال: "إننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة"[28].
* يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث قال عن ذكرى المولد: "إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟"[29].
* محمد سعيد رمضان البوطي، حيث قال: "الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغي منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل. ومن ثم لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لاينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات"[30].
* عبد الله بن بيه، حيث قال: "فحاصل الأمر أن من احتفل به فسرد سيرته صلى الله عليه وسلم والتذكير بمناقبه العطرة احتفالاً غير ملتبس بأي فعل مكروه من النّاحية الشرعية وليس ملتبساً بنيّة السنّة ولا بنيّة الوجوب فإذا فعله بهذه الشروط التي ذكرت؛ ولم يلبسه بشيء مناف للشرع، حباً للنبي صلى الله عليه وسلم ففعله لا بأس به إن شاء اللهُ وهو مأجور"[31].
* نوح القضاة مفتي الأردن سابقاً، حيث قال: "ولا شك أن مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم من أعظم ما تفضل الله به علينا، ومن أوفر النعم التي تجلى بها على هذه الأمة؛ فحق لنا أن نفرح بمولده صلى الله عليه وسلم"[32].
* علي جمعة مفتي مصر، حيث قال: "الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان"[33].
* وهبة الزحيلي، حيث قال: "إذا كان المولد النبوي مقتصرًا على قراءة القرآن الكريم، والتذكير بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، وترغيب الناس في الالتزام بتعاليم الإسلام وحضّهم على الفرائض وعلى الآداب الشرعية، ولايكون فيها مبالغة في المديح ولا إطراءٌ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله) وهذا إذا كان هذا الاتجاه في واقع الأمر لا يُعد من البدع"[34].
* محمد بن عبد الغفار الشريف، الأمين العام للأوقاف في الكويت، حيث قال: "الاحتفال بمولد سيد الخلق عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم أمر مستحب، وبدعة حسنة في رأي جماهير العلماء"[35].
* محمد راتب النابلسي، حيث قال: "الاحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت"[36].
* عمر بن حفيظ، حيث قال: "مجالس الموالد كغيرها من جميع المجالس؛ إن كان ما يجري فيها من الأعمال صالح وخير، كقراءة القران، والذكر للرحمن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام للإكرام ومن أجل الله تعالى، وحمد الله تعالى، والثناء على رسوله صلى الله عليه وسلم، ودعاء الحق سبحانه، والتذكير والتعليم، وأمثال ذلك مما دعت إليه الشريعة ورغبت فيه؛ فهي مطلوبة ومندوبة شرعاً"[37].
* عبد الملك السعدي، المفتي العام للعراق سابقًا: "لم يكن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف معروفاً في عصر الصحابة الكرام. ولكن لا يَلزم من عدم وجوده في عصر النبي -صلى الله عليه سلم- أو في عصر الصحابة كونه بدعة سيئة أو منافياً للشريعة، فالاحتفال بالمولد إن أُقيم على أساس أنَّه عبادة مشروعة -كالصوم والصلاة والعبادات الأخرى- : فهو بدعة. وكذا لا نسمِّيه عيدا، بل إحياء ذكرى؛ لأنَّه لا يوجد سوى عيدين في الإسلام. وإن أقيم على أساس إحياء ذكرى مولد سيد المرسلين وإعادة ذكريات سيرته العطرة وخلا من المنكرات واختلاط الرجال بالنساء والمبالغة في مدحه صلى الله عليه سلم فلا يعد بدعة"[38].