حزن وابجدية متناقضة
حين نتوقف عن الحزن نتوقف عن الكتابة
وحده الوجع اوكسجين القلم
وحده المحرض للذاكرة
ووحده مفتاح المحبرة
لا توجد ابجدية دون نبرة الحزن في صوتها
ولا توجد كلمات قادرة على الحياة
دون ان تمر بلحظات الالم قبل الانبعاث على الورق
الفرح يقتل الابجدية
يأسرها في المحابر
ويرفض ان يتشارك معها في اي حكاية
اما الحزن
فيحررها من علبتها الحبرية
ويسمح لها ان تنطلق الى ابعد المسافات في الخارج
واعمق المسافات في الداخل
كثيرا ما ظننت
ان الحزن حين يكون عميقا وكبيرا
يستطيع ان يجعل ابجديتنا اكثر يسرا وانهمارا
يستطيع ان يقتلعنا من صمتنا
ومن قلبنا ومن روحنا
وحتى من اصابعنا المكبلة عن الحراك وعن الحياة
كثيرا ما ظننت
ان الحزن حين يغلفنا
يستطيع ان يجردنا من كل شيء الا من اوراقنا
يمنحنا دوما حرية الاعتراف
وحرية البكاء على الصفحات البيضاء
يهبنا دوما قلما بدلا من وشاح
ويجبرنا على ان ننزفه بحبر اسود اللون
مالح الطعم يشبه دمعنا
لكني حين واجهته
عرفت انه لا يسمح لنا ان نذرفه حينما نحتاج
ولا يسمح لنا ان نكتبه وقتما نريد
حتى هو لديه كبرياءه وعنفوانه
يريد ان نحترمه ونصمت وبلا كلمات
يريد ان نقف امامه بخشوع وبدون مجاملات
يريدنا ان نقدر حضوره فينا
علنا نعرف اهميته وقيمته
الحزن هذا المارد الاسود
الذي يطل برأسه بين وقت واخر علينا
هذا القناع المخيف الذي يرتدينا احيانا رغما عنا
ورغما عن ارادتنا
هذا الوجه الكئيب الملامح الذي يرسم نفسه على تفاصيلنا
فيمنعنا حتى من الابتسام وحتى من الفرح
حين نعرف الحزن
نعلم ان الكلمات داخلنا ايضا تحزن
ابعد الله عنكم الاحزان