كتاب طوق الحمامة ، هو كتاب لابن حزم الأندلسي وصف بأنه أدق ما كتب العرب في دراسة الحب و مظاهره و أسبابه. ترجم الكتاب إلى العديد من اللغات العالمية.
واسم الكتاب كاملاً طوق الحمامة في الألفة والأُلاف. ويحتوي الكتاب على مجموعة من أخبار وأشعار وقصص المحبين، ويتناول الكتاب بالبحث والدَّرس عاطفة الحب الإنسانية على قاعدة تعتمد على شيء من التحليل النفسي من خلال الملاحظة والتجربة. فيعالج ابن حزم في أسلوب قصصي هذه العاطفة من منظور إنساني تحليلي. والكتاب يُعد عملاً فريدًا في بابه.
يشمل الكتاب نصائح و فوائد كبيرة يوزعها في أبواب، فمثلا في باب من أحب من نظرة واحدة يحذر من الوقوع في الحب في الوهلة الأولى و يسرد قصة أحد اصحابه:
كثيراً ما يكون لصوق الحب بالقلب من نظرة واحدة. وهو ينقسم قسمين، فالقسم الواحد مخالف للذي قبل هذا، وهو أن يعشق المرء صورة لا يعلم من هي ولا يدري لها اسما ولا مستقراً، وقد عرض هذا لغير واحد
.
حدثني صاحبنا أبا بكر (...) أن يوسف بن هارون الشاعر المعروف بالرمادي كان مجتازاً عند باب العطارين بقرطبة، وهذا الموضع كان مجتمع النساء، فرأى جارية أخذت بمجامع قلبه وتخلل حبها جميع أعضائه، فانصرف عن طريق الجامع وجعل يتبعها وهي ناهضة نحو القنطرة(...)، نظرت منه منفرداً عن الناس لا همة له غيرها فانصرفت إليه فقالت له: مالك تمشي ورائي؟ فأخبرها بعظيم بليته بها. فقالت له: دع عنك هذا ولا تطلب فضيحتي فلا مطمع لك في النية ولا إلى ما ترغبه سبيل فقال: إني أقنع بالنظر. فقالت: ذلك مباح لك، فقال لها: يا سيدتي: أحرة أم مملوكة؟ قالت: مملوكة. فقال لها: ما اسمك؟ قالت: خلوة. قال: ولمن أنت؟ فقالت له: علمك والله بما في السماء السابعة أقرب إليك مما سألت عنه، فدع المحال. فقال لها: يا سيدتي، وأين أراك بعد هذا؟ قالت: حيث رأيتني اليوم في مثل تلك الساعة من كل جمعة. فقالت له: إما أن تنهض أنت وإما أنا، فنهضت نحو القنطرة ولم يمكنه أتباعها، يقول: فوالله لقد لازمت باب العطارين والربض من ذلك الوقت إلى الآن فما وقعت لها على خبر ولا أدري أسماء لحستها أم أرض بلعتها، وإن في قلبي منها لأحر من الجمر. و هي خلوة التي يتغزل بها في أشعاره، ثم وقع بعد ذلك على خبرها بعد رحيله في سببها إلى سرقسطة
.
أبواب الكتاب
قسم ابن حزم كتابه طوق الحمامة إلى ثلاثين بابا بدء بباب علامات الحب و قد ذكر منها إدمان النظر و الإقبال بالحديث عن المحبوب و الإسراع بالسير إلى المكان الذي يكون فيه المحبوب و الإضطراب عند رؤية من يحب فجأة و حب الحديث عن المحبوب بالإضافة إلى الوحدة و الأنس بالإنفراد و السهر .
باب ذكر من أحب في النوم وذكر فيه كثرة رؤية المحبوب في المنام ثم باب من أحب بالوصف و فيه ذكر و قوع المحبة بأوصاف معينة حتى لو لما يرى المحبوبين بعضهما فقد تقع المحبة لمجرد سماع صوت المحبوب من وراء جدار.
باب من أحب من نظرة واحدة و فيه ذكر وقوع الحب في القلب لمجرد نظرة واحدة ثم باب من لا يحب إلا المطاولة و فيه ذكر المحب الذي لا تصح محبته إلا بعد طول كتمان و كثرة مشاهدة للمحب و يصرح المحب بحبه بعد مقابلة الطبائع التي خفيت مما يشابهها من طبائع المحبوب ثم ذكر باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها و ذكر فيه أنه من أحب صفه كانت في محبوبته لم يرغب بصفة غيرها فمن أحب شقراء الشعر مثلا لا يرضى بالسوداء الشعر.
باب التعريض بالقول و ذكر فيه أن أول ما يستعمله أهل المحبة في كشف ما يجدونه إلى أحبتهم بالقول إما بإنشاد الشعر أو طرح لغز أو تسليط الكلام.
باب الإشارة بالعين و ذكر فيه إشارات المحبوب لمحبوبه بالعين فالإشارة بمؤخرة العين الواحدة تعني النهي عن الأمر و إدامة النظر دليل على التوجع و الأسف و كسر نظرها دليل على الفرح و الإشارة الخفية بمؤخرة العين تعني سؤال و ترعيد الحدقتين من وسط العينين تعني النهي العام و إعتبر ابن حزم أن العين أبلغ الحواس و أصحها دلالة و أوعاها عملا عن بقية الحواس.
باب المراسلة و ذكر فيه المراسلة بالرسائل و قد ذكر فيه صفات الرسائل بين المحبين و شعورالمحب بالسرور عند تلقيه رسالة من محبوبه.
باب السفير و ذكر فيه صفات الوسيط بين المحبوبين كالكتمان و الوفاء للعهد و النصح ثم باب طي السر و يذكر فيه صفات المحب حين يخفي حبه كجحود المحب إن سئل و التصنع بإظهار الصبر و يكون سبب الكتمان الحياء الغالب على الإنسان و حتى لا يشمت به الأعداء.
باب الإذاعة و تحدث فيه عن أسباب إذاعة الحب و يكون ذلك حتى يظهر صاحب هذا الفعل في عداد المحبين و يكون ذلك بسبب غلبة الحب ثم باب الطاعة ويذكر فيه أسباب طاعة المحب لمحبوبه و في باب المخالفة أسباب مخالفة المحب لمحبوبه مثل غلبه الشهوة.
باب العاذل و فيه ذكر اللوم للمحبوب و أثره في النفس ثم باب المساعد من الإخوان و فيه ذكر صفات الصديق المخلص الذي يعلم بأمر المحبوبين و يكتم السر ثم باب الرقيب و فيه ذكر صفات المراقب للمحبوبين و محاولة الرقيب إظهار سرهما و البوح بوجودهما ثم باب الواشي و قد ذكر فيه صفات الواشي الذي يريد القطع بين المتحابين و الإطلاع على أسرار المحبوبين و ذكر الوشاة الكاذبين و ذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية و الأقوال والأشعار التي تنهى عن الكذب.
باب الوصل و فيه ذكر و صل المحبوب و المواعيد بين المحبوبين و إنتظار الوعد من المحب ثم باب الهجر و ذكر فيه هجر المحبوب لمحبوبه عندما يكون هناك رقيب حاضر و قد يكون من اجل التذلل و قد يكون من أجل إبعاد الملل أو بسبب العتاب لذنب يقع من المحب.
باب الوفاء و فيه ذكر وفاء المحب لمحبوبه و ذكر صفات الوفاء بين المحبوبين ثم ذكر باب الغدر ثم ذكر باب البين و هو إفتراق المحبوبين عن بعضهما و ذكر صفات مفارقة المحبوبين لبعضهما ثم باب القنوع وذكر فيه قناعة المحب بما يجد إذا حرم الوصل بين المتحابين و ذلك من خلال الزيارة بين المتحابين من خلال النظر و الحديث الظاهر ثم باب الضني و قد ذكر فيه معاناة المحب بعد فراق محبوبه و علامات الضعف التي تصيب المحب بعد الفراق ثم باب السلو و قد ذكر فيه اليأس الذي يدخل إلى النفس من عدم بلوغها أملها وقد قسمه ابن حزم إلى النسيان و الملل و الإستبدال.
باب الموت و ذكر فيه الموت بسبب الحب وذكر قصص من ماتوا من أجل مفارقتم من يحبون.
باب قبح المعصية و فيه ذكر العفة و ترك المعاصي و الإبتعاد عن موافقة الشيطان و الإبتعاد عن الفتن و الفجور و غض البصر و النهي عن المعصية و ذكر الزنا في القرآن و الأحاديث النبوية الشريفة.
باب التعفف و قد ذكر فيه البعد عن المعصية و الفاحشة و الخوف من الله تعالى وقد ذكر أبيات شعرية تحث على التعفف.