دماء على عامود كهرباء
«... أخطر وزارة في أية حكومة هي وزارة العمل،ليست الخارجية أو العدل أو الأشغال العامة...» هذا ما يراه المفكر والكاتب الفرنسي «أليكسي دو توكفيل» ولا داعي للدخول في التفصيلات ليؤكد توكفيل صدقيته وسلامة رأيه.
مناسبة هذه التقدمة خبر قرأته في صحفنا قبل أيام يتحدث عن «موت» عامل بسبب صعقة كهربائية على عامود لشركة كهرباء وهو على رأس عمله، وأن كوادر الدفاع المدني قامت بنقله متوفياً إلى المستشفى، لاحظوا إذا عدتم للخبر لم يذكر أي من المسؤولين في شركة الكهرباء أو نقابته كانوا هناك كما أن اسمه لم يذكر في الخبر أيضاً.
ما علينا..
في اليوم التالي كانت نقابة عمال كهرباء في وادٍ آخر،فقد كانت منهمكة في الاحتفالات بفوز هيئتها الإدارية الجديدة،فلم تحضر الدفن.. ومن النقيب الفائز عرفت أنه قام وزملاؤه أعضاء الهيئة الإدارية بتقديم العزاء لأهل الشهيد مساء ذلك اليوم، وفهمت أيضاً أن معالي وزير العمل لم يحضر الدفن وواجب تقديم العزاء.. ما جرى أن أهله وجيران «الشهيد» وبعض أصدقائه العمال قاموا بطقوس الدفن كاملة.
اعترف الحديد بأن عشرات من زملائه ماتوا في الشركة بسبب الصعقات الكهربائية اللعينة هذه، وأن نقابته لا تملك الآن إحصائيات دقيقة عن هذه الظاهرة النقابية المؤلمة في كبرى النقابات العمالية الأردنية «نقابة عمال كهرباء» والأسباب كثيرة للوفيات وعلى رأسها «ضعف» إجراءات الصحة والسلامة المهنية لدى شركات الكهرباء العاملة في بلدنا.
في احتفال مهيب أقامته النقابة لتهنئة الهيئة الإدارية الفائزة الذي جرى السبت الماضي أسرّ نقابي معروف (......) في أذني: أن أكثر من عامل تصعقه الكهرباء شهرياً وتؤدي إلى وفاته، ففي شهر رمضان المبارك الماضي صعقت الكهرباء في مدينة الزرقاء عاملاً متزوجاً وأباً لثلاثة أطفال وزوجته حامل..
نعرف أن ظاهرة وفاة العمال بسبب ضعف إجراءات الصحة والسلامة ظاهرة معروفة في النقابات العمالية الأربع عشرة كافة وفي نقابة عمال الكهرباء على الأخص والأمر يحتاج إلى اهتمام كبير من وزارة العمل والنقابات العمالية كلها وأصحاب العمل أيضاً.
هناك مثل إيطالي يقول: «ما أسرع الخادم في أول عمله» نوجه هذا المثل إلى وزير العمل المتحمس ونقيب عمال الكهرباء الجديد أيضاً علي الحديد ورئيس إتحاد نقابات العمال ورؤساء النقابات العمالية ومدير عام شركة الكهرباء وغيرهم لوقف نزف دماء العمال على أعمدة الكهرباء وفي كل مواقع العمل .