قرار محكمة العدل الدولية ومدى الزاميته
قضت محكمة العدل الدولية في لاهاي بعد سبعة شهور من المداولات القانونية بأن الجدار الفاصل الذي يقيمه إسرائيل على مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية ينتهك القانون الدولي ودعت إلى إزالته وتعويض الفلسطنين المتضررين من بنائه وجاء في نص الرأي الاستشاري "أن بناء الجدار شكل عملاً لا يتطابق مع التزامات قانونية دولية عديدة مفروضة على إسرائيل " وعددت المحكمة بين انتهاكات القانون الناتجة عن بناء الجدار واعاقة حرية نقل الفلسطنين وحركتهم واعاقة حقهم في العمل والصحة والتعليم ومستوى حياة كريمة. ورأت المحكمة في المقابل أن حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس لا يبرر هذا الانتهاكات للقانون الدولي وجاء في الرأي الاستشاري" أن الانتهاكات الناتجة لا يمكن ان تبررها المتطلبات العسكرية وضرورات الأمن الوطني أو النظام العام" ودعا القرار إسرائيل إلى تفكيك أجزاء الجدار التي تم بنائه في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وجهة المحكمة نداء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من اجل وضع حد للوضع الغير قانوني الناتج عن بناء الجدار الإسرائيلي.
في النهاية اعتبرت محكمة العدل الدولية بناء الجدار العازل عمل غير مشروع ومخالف للقانون الدولي ويجب على إسرائيل الوقف في بنائه وتعويض الفلسطنين عن الأضرار التي لحقت بهم من بناء هذا الجدار الإسرائيلي.
• مدى إلزامية القرار
وتقر الأسرة الدولية أن القرارات الصادرة على الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك الفتاوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية غير ملزم النفاذ من قبل الدولة أو الدول الصادرة ضد هذه القرارات أو تلك الفتاوى لعدم وجود سلطة تنفيذية عالمية قادرة على فرض التنفيذ بالقوة.
أن القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالجدار العازل غير ملزم لإسرائيل ولا سيما أن إسرائيل قاطعت جلسات محكمة العدل الدولية وبالتالي تكون غير ملزمة بالقرارات التي تصدر عنها هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى تختص محكمة العدل الدولية بالمنازعات التي تشوب بين الدول فقط وأن السلطة الفلسطينية ليس دولة وما يصدر عنها من قرارات تتعلق بالجدار العازل تكون قرارات استشارية غير ملزمة لأطرافها.
وقد اعترضت إسرائيل منذ البداية على إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية على أساس انه نزاع سياسي وان محكمة العدل الدولية تنظر وفق اختصاصها الإفتائي فقط بالمنازعات القانونية.
على الرغم من عدم إلزامية قرار محكمة العدل الدولية لإسرائيل إلا انه تلقى صداه في المجتمع الدولي. والضغط على إسرائيل وعدم استمرارها في بناء الجدار الفصل العنصري مما يجعل إسرائيل قد تلتزم في بعض الأحيان بقراراتها وخوفاً على سمعتها الدولية.
وبالتالي يتوجب على المجتمع الدولي الوقوف بقوة ضد هذه التوجهات السياسية المنحرفة والتي ستؤدي في النهاية إلى حدوث اضطرابات أمنية في العالم ومزيد من الصراعات الدولية.
أه يمكن الالتفاف حول اختصاص محكمة العدل الدولية لاتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لعرض النزاع أمام محكمة العدل الدولية ويكون القرار ملزم للطرفين إلا أن إسرائيل لايمكن أن تتوصل إلى مثل هذا الاتفاق فتقيد حريتها من أعمال العدوان والاستيلاء على الأملاك الخاصة والأراضي وضمها إليها.
المطلب الثالث
رد فعل إسرائيل
رفضت إسرائيل أي قرار لمحكمة العدل الدولية ضد بناء الجدار الفاصل وجاء هذا الرفض بتأيد من أمريكيا بوصفها من قبل الرئيس الأمريكي بوش بأن الفتوى تتجاوز سلطات محكمة العدل الدولية.
وأن الفتوى جاءت مخيبة للآمال وزادت معدلات هذه الضجة صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد رغبة تل أبيب التي زادت صراخها في الأوساط الدولية وضد إرادة واشنطن التي زادت تحذيرها من وقوف الأسرة الدولية إلى جانب الإرهاب الدولي في ثبوت الفلسطنين وحرمان إسرائيل من حقها في الدفاع عن نفسها.
والقرار الوحيد التي تأخذه إسرائيل في الاعتبار هو قرار المحكمة الإسرائيلية العليا متهمة محكمة لاهاي في تنبني موقف معادي مسبق لإسرائيل من جانب أعلن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد سرانغا أن الأسرة الدولية يجب أن لا تساهم في أن يصبح القرار محكمة الدولية بشأن شرعية الجدار أداة للمهاجمة إسرائيل.
ورأت الحكومة الإسرائيلية أن قرار المحكمة الدولية حول الجدار الفاصل في الضفة الغربية يتجاهل كلياً الإرهاب الفلسطيني.
وقال رئيسي الوزراء الإسرائيلي للحكومة أن إسرائيل ترفض كلياً رأي محكمة العدل الدولية انه رأي أحادى الجانب لا تقف وراءه سوى اعتبارات سياسية ويتجاهل كلياًً سبب بناء الجدار الأمني وهو الإرهاب الفلسطيني.
الخاتمة
لاتزال قوات الاحتلال الصهيونية ترتكب العديد من أعمال العنف والقتل والعمد والاستيلاء على الأملاك الخاصة والحصار الجماعي وجرف الأراضي والاستمرار في بناء الجدار الفصل العنصري على أساس لا يوجد شريك فلسطيني يمكن الجلوس معه على طاولة التفاوض والوصول إلى اتفاق سلمي وأن الجدار العنصري ليس إلا وسيلة وقائية تندرج تحت وسائل الدفاع الشرعي كرد للأعمال الإرهابية التي يقوم فيها الفلسطينيين والتي تشكل خطر على الأمن والسلم الإسرائيلي والدولي حسب الزعم الصهيوني.
إلا أن الجدار العازل يشل خرق واضح للقانون الدولي الإنساني الالتزامات الدولية التي تفرضها اتفاقية جنيف الرابعة التي تتعلق بحقوق الإنسان التي صادقت عليها إسرائيل في تموز 1951 وارتضت بأحكامها.
ح يث ينتهك الجدار المادة (46) من اتفاقية جنيف الرابعة "عدم جواز نقل السكان المدنيين التي أضلت أراضيهم وكذلك المادة (49) الفقرة 6 وكذلك المادة (53) "التي تنص على حماية المدنيين والأملاك الخاصة"
لما ترتب هذه المخالفات الالتزامات الدولية المسؤولية الدولية على إسرائيل وفرض العقوبات عليها كالتعويض كأثر لسلوك المخالف للقانون الدولي.
وان صاحبة الاختصاص الدول في فرض مثل هذه العقوبات هي محكمة العدل الدولية التي تختص بالنظر بالمسائل والمنازعات الدولية.
إلا أن رأي محكمة العدل الدولية في هذه المسألة رأي استشاري ليس له أي قوة إلزامية ليس فقط لعدم وجود سلطة عليا تفرض بجنودها على الدولة التي أخلت بتنفيذ التزام دولي تنفيذ القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية وانما عدم تمتع السلطة الفلسطينية وصف الدولة الذي يسمح لمحكمة العدل الدولية أن تصدر قرار قضائي ملزم
التوصيات
أ- تقديم شكوى خطية من قبل السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية على أساس الجرائم التي يرتكبها شارون ضد الشعب الفلسطيني والتي تشكل جرائم حرب وذلك بموجب المادة (7) والمادة (8) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ب- ضرورية التعاون بين الدول العربية في جامعة الدول العربية للضغط على المجتمع الدولي والرأي العام وتبين مدى خطورة الجدار العازل والنتائج المترتبة على هذا الاستيطان.
جـ- ضرورية التعاون بين الدول العربية لتبين الأعمال التي يقوم فيها الفلسطنين هي أعمال مشروعة كوسيلة للدفاع عن نسهم وعرضهم ومالهم واعمال التي يقوم الإسرائيليين هي أعمال مخالفة للقانون الدولي الإنساني.
د- يجب عدم التعاطي مع الجدار بوصفه قضية تفاوض فإزالة الجدار يكون شرط العودة إلى التسوية.
هـ- مخاطبة الاتحاد الأوروبي وتبين له مدى خطورة الجدار العازل والآثار التي تترتب عليه وعدم تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
و- يمكن الالتفاف حول اختصاص محكمة العدل الدولية في مسألة الجدار العازل وذلك من خلال اتفاق صريح بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لعرض النزاع على محكمة العدل الدولية ويكون القرار ملزم للطرفين.