اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 لم أعد أبكي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Jasmine collar

Jasmine collar



لم أعد أبكي Empty
مُساهمةموضوع: لم أعد أبكي   لم أعد أبكي Icon-new-badge22/1/2011, 02:40



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


فقدت –فجأة- القدرة على البكاء دون سبب مفهوم ..الفظيع أنني كنت أبكي مرارا في داخلي دون دمع ، صارت عيناي مثل مجرى نهر قديم انقطعت عنه الأمطار واجتاحه الجفاف منذ آلاف السنين ..منذ مئات الآلاف من السنين ..منذ ملايين السنين.

كانت الأعشاب كثيفة والغابات تحفل بالأشجار السامقة والكائنات الحية المتنوعة ، وكانت السماء تمطر بغير انقطاع ، ورائحة المطر الرطيبة تفوح في جميع الأوقات ، ولكن الجفاف قد انشب مخالبه فجأة، أقفرت السماء من الغيوم دون مبرر مفهوم ..وامتد اللون الأصفر بالرمال القاسية التي تراكمت على كل شيء ..طمرت جميع مظاهر الحياة فيها.


مكثت وحدي في الشرفة أتطلع إلى البعيد المجهول ، لم اكن وحدي تماما ، كان هناك قفص صغير لعصفورين من عصافير الزينة بألوانهما البديعة..آية من جميل صنع الله في خلقه . تنسكب الألوان الصافية في انسجام مذهل كما لم تبدعه ريشة فنان ، ولكنهما خلف طلاء الزينة كانا تعيسين تماما . العيون – مثلي- جافة ، لبثا ينقران الحب في جمود دون أن يفطنا أنني أتطلع إليهما.

………………..
مضيت إلى طبيب العيون أسأله المعونة .وضع المنظار أمام عيني في الظلام الدامس محركا نور منظاره الفاحص يمينا ويسارا ، ثم رفع رأسه نحوي
- ماذا تشتكي؟
قلت في اقتضاب
- لم أعد أبكي
قال في ثقة
- لا شيء البتة ، أنت لا تعاني من مرض عضوي
قلت له في هدوء
- معذرة ، ولكنكم تجهلون الكثير. هل تستطيع آلاتك تلك أن تدرك الفارق بين العيون السعيدة والتعيسة؟
قال في حيرة
- كلا ، كلاهما يتشابهان
قلت مؤكدا
- وكذلك يتشابه السكر والملح ، كلاهما أبيض !
…………..
فطنت أن عصفوري الزينة لا يتطلعان البتة لأعلى ، أتراه اليأس المريح أم هو الجهل السعيد ؟
لست ادري
كان عصفورا الزينة هدية في يوم ميلادي ابنتي ،وقد استشعرت المقت صوب هذه الهدية منذ اللحظة الأولى ولكني لم اقدر على ردها . ألقيت في جفاء بكثير من الماء والطعام ثم أشحت ببصري بعيدا ، كانا يزقزقان نادرا ويأكلان بشراهة غير مفهومة وكانت عيونهم مستديرة وقاسية ويتملكني الاشمئزاز كلما تطلعت إليهما.

………..
أصغى الطبيب النفسي إلى شكواي الخاصة بعدم المقدرة على البكاء ثم ضاقت عيناه وهتف في انفعال
-هذا مثير جدا ، إنه يرمز لشيء ما
قلت في عتاب
-أعلم ذلك ولكن ما هو؟
اعتدل في مجلسه وقال في صوت واثق
-ليت الأمر بهذه البساطة . لست ساحرا ولا أملك -للأسف – كرة بللورية ! ،
ولذلك فإن جلسات التحليل النفسي ستغدو حتمية . سوف أفتش في كهوف عقلك الباطن عن حادثة ما مرت بك وظلت مطمورة في أعماق لا وعيك ثم بدأت تعبر عن كيانها بهذه الكيفية.

همست في حزن
- وحتى هذا الحين أكابد العذاب الأليم !
- قلت لك أنني لا أمتلك ترياقا سحريا للسعادة !
- ولكني أتألم ألما نادرا
- لا ريب، طالما أثبتت الدراسات الحديثة أن البكاء يطيل العمر
هززت كتفي في استخفاف
- يا سيدي الطبيب لست أعبأ بطول العمر ولكني اشتقت إلى ملمس الوجه الرطيب المبلل بالدموع

قال الطبيب وهو يبتسم
- يمكنك أن تضع دموعا صناعية تبتاعها من الصيدلية بسهولة . ثمة وسيلة أخرى ..ضع عصير البصل في عينيك وسترى !

قلت في جد
- اسمع يا دكتور ..أحيانا أخال أنني نواة حبيسة في ذرة تحرسها إلكترونات تطوف من حولها كسجان يقظ ،أترى الطاقة الهائلة التي تنبعث من تحطيمها فرحة هائلة تعربد بالخلاص من الأسر الطويل.؟

لم ينبس الطبيب وتشاغل بكتابة الوصفة الطبية، استطردت قائلا
- وأحيانا أخال أنني روح حبيسة في جسد ولكن موعد إطلاقها لم يأت بعد . أشعر بالأسر ولا أدري لم؟
كف الطبيب عن الكتابة ورفع عينين متشككتين، قال وجهه يفيض حبورا
-أنت تفكر في الانتحار ..يبدو هذا بجلاء
- كلا ..كلا..
- لا تقاطعني ، هتف في انفعال ، إنهم جميعا ينتحرون يوما ما.
- الانتحار هو آخر ما جال بذهني
تكدر وجه الطبيب نوعا وقال في دهشة
- ولم؟
- لقد تعذبت مرارا ولن أضيف الجحيم لأعبائي
قال وقد فترت حماسته
- منطق معقول ، والآن ها هي الوصفة الطبية.
………….
طمرت الرمال مجرى النهر القديم تماما
……………..


هرعت إلى شيخي الروحي أبثه شكواي
- لم أعد أبكي يا مولاي . رغم ذلك تصرخ الندابات في جنون خلف قناع جلدي السميك ، يخمشن وجوههن بأظافرهن ويمزقن شعورهن.
أحيانا أخال أن الدموع مأسورة في أعماقي خلف لوح زجاج غير مرئي . إنها موجودة يا سيدي ..الدمع نقي وأمواجه متلاطمة وتسبح فيه عشرات الأسماك التعيسة . ولكن كيف أهشم اللوح الزجاجي وأطلق الدمع الحبيس ؟ ،إنه في صلابة الماس وقسوته أيضا. أخبرني يا مولاي هل ثمة ما هو أشد صلابة من الماس؟


قال الشيخ ووجهه يتهلل بشرا
- الإيمان يا ولدي
- حقا يا سيدي ولكن النهر قد جف تماما ، انقطعت عنه الأمطار وأوشكت على الهلاك من الظمأ


قال الشيخ في جد
-"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ..صدق الله العظيم "
…………..


استغفر الله العظيم ، عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، سائلك وفقيرك ومسكينك.
………………

فهمت كل شيء فجأة .
كان الظلام يرخي ستائر دياجيره وكنت أتخبط في الظلام البهيم ، ومض البرق لثوان معدودة لكنها كانت كافية لأجتلي الحقيقة.أبصرت سجني وسجاني وأدركت خلاصي.
مضيت إلى الشرفة وأمسكت بباب القفص ففتحته وتراجعت خطوات إلى الوراء

ولبثت أرتقب
لم يبرح العصفوران القفص وتساءلت في أسف أتراهما لا يحسنان الطيران ؟ هل تحولت الأجنحة إلى أقدام من طول الأسر؟
لم يطل تساؤلي
انطلق عصفور كالسهم الملون خارج القفص ،،أوشك أن يصطدم بسقف الشرفة ومضى يرفرف في السماء كعاشق مجنون.
ومكث العصفور الآخر لحظات ثم رفع رأسه لأول مرة ، وما لبث أن شق طريقه إلى السماء حيث رقص رقصة الحرية الأولى.
مضيت إلى داخل المنزل وأنا أترنح ..كان الموج يتدافع بصوت صاخب صوب مجرى النهر القديم الذي لم يعد قديما.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
theredrose

theredrose



لم أعد أبكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: لم أعد أبكي   لم أعد أبكي Icon-new-badge22/1/2011, 19:40

ابداع وتميز يا رائعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Jasmine collar

Jasmine collar



لم أعد أبكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: لم أعد أبكي   لم أعد أبكي Icon-new-badge22/1/2011, 21:11

مرورك هو الابداع والله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لم أعد أبكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أبكي ولا تبكي
» أبكي ,, ولا تُبكي
» في رمضآن لماذا يبكون ولا أبكي
» تأتي لحظات أبكي فيها من
» أبكي قصيدة وأشبك البيت بالبيت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: المنتدى العلمي :: ادب و شعر :: قصص قصيرة-
انتقل الى: