(1) كان رنين الهاتف يملأ المكان بقوة وإلحاح ! وكأن أحدهم قد وضع يده على ناقوس الفراق/ لــ يعلن نهاية حكاية ما ! بينما كانت ( هي) تغط في نوم عميق / نوم أقرب منه لــ الغيبوبة / فنوم مابعد الفراق دائما أقرب للغيبوبة منه للنوم / وكأنه محاولة فاشلة للهروب من الحياة / *لكن المحاولة تفشل دائما / فدائما هناك عودة للحياة وكأنه يصعب على الحياة عتق سراح عاشق حزين *فالعشاق لايغادرون نائمين* *لان الحياة أقسى عليهم من ان تمنحهم نهاية عاجلة / بعد نهاية مؤلمة ! لهذا هم يستمرون طويلا ! أطول من أنفاس الحزن في الحياة!
(2) مازال الرنين يعلو ! ومازالت ( هي ) غائبة الوعي عن واقع ماعاد يحتويه ! واقع حاولت قدر استطاعتها ان ترفضه لكنه تمسك بها تمسك بها رغم كل ماتناولته من أدوية ليلة البارحة ! وأبقاها قيد حياة حاولت الرحيل منها! *لكن أبواب الخروج أغلقت في وجهها ! وباءت كل محاولتها لوضع النقطة الأخيرة في رواية الحياة بالفشل ! وبقيت على قيد الحياة / لــ إكمال الحياة / وليس الحكاية!
(3) وتحولت ليلة البارحة إلى مجرد حد فاصل ! بين أنثى على قيد الحياة / وأخرى فارقت دون ان تفارق ! فلم يتغير شيء منذ البارحة سوى ان قلبها أصبح أشد وهنا! *فبعض المشاعر توهن قلوبنا كثيرا ! وقلبها تحمل من ثقل البارحة ماأحنى أكتافه ! فالبارحة ألقت على أكتافها ثقل حكاية ظنتها حكاية العمر ! وانتهت الحكاية قبل ان ينتهي العمر ! وهنا تكمن مرارة مأساتنا */ في فارق التوقيت ! بين موت حكاية / وموت جسد!
(4) فكم تخذلنا الحكايات حين تتخلى عنا في نهاية الطريق! *حيث لاعودة ... ولابداية جديدة ! ويؤلمنا موقف الحكايات منا كثيرا! فبعض الحكايات نعتبرها ( أم ) ! هذا نغمض أعيننا في أحضانها آمنين مطمئنين ! إلى ان يفزعنا خنجر ( الأم) في ظهر الأحلام ! فنستيقظ في قمة صحراء العمر / لا زاد معنا / سوى الخوف!
(5) يالــ سذاجتنا ! فحين نبدأ الحكاية/ نبدأها بكل بياضنا*! بكل قوتنا / بكل جنوننا/ بكل ثورتنا! *نبدأها من الحرف الأول / والكلمة الأولى / والسطر الأول ! وننتمي إليها كــ وطن ! نكبر بين السطور/ *وننمو بين الصفحات*! *ونبني بها المنازل الثلجية والرملية والخشبية! ونزرع أرضها بالشجر والزهر والثمر ! ونزينها بالشموع تارة / وبالمصابيح تارة أخرى! ويصبح لنا في الحكاية / صحبة ورفقة وأهل وذوي وأقارب ! وحين نصل للصفحة الأخيرة نكتشف ان أقارب حكايتنا* *يختلفون كثيرا عن أقارب واقعنا ! وان الصديق في الحكاية لايمت للصديق في الواقع بصلة ! وان الزوج في الحكاية / لايشبه الزوج في الواقع*! *وان الأبن في الحكاية يختلف عن الابن الواقع !
(6) فيتساقط* أقارب حكاياتنا عند أول هزة واقعية على جدران الحكاية ! وعندها ننفصل إلى عقل وروح ! فترحل أرواحنا إلى *حيث تفاصيل حكاية يؤلم الانسلاخ منها! وتبقى عقولنا معلقة بواقع مغاير ! فلا أرواحنا تنجح في ( جر ) عقولنا إلى الحكاية ! ولا عقولنا تنجح في ( إعادة ) أرواحنا إلى الواقع !