في أسواقنا شيبس عبري
وبسكويت مقوي جنسي
في الوقت الذي رحنا به نعتبر أغذية الأطفال خطاً
أحمر يجب عدم تجاوزه، فإن أسواقنا من خلال ما يتواجد بها من مخالفات جسيمة
تبدأ من ألف (سوء التصنيع وعدم الصلاحية ) إلى ياء وجود منتجات غريبة
مجهولة المصدر،لا يدل ذلك إلا على ضعف الرقابة والمتابعة بالأسواق فمن
بسكويت باب الحارة المقوي الجنسي إلى شيبس مدون عليه عبارات عبرية والمشكلة
أنها تتوزع بأضخم المولات والمراكز التجارية لدينا.بل الاسوء من ذلك أن
بعض المنتجين يستغل موضوع التجارة العربية الحرة وشهادات المنشأ بأن يقوم
باستيراد مواد أولية بأسوأ الأصناف والأنواع ومحدودة مدة الصلاحية ويصنعها
في مستودعات وورشات محلية ثم يطرحها في أسواقنا على أنها مستوردة
في
الأسواق السورية العشرات من المعامل التي تطرح منتجاتها من الأغذية للأطفال
أقل ما يقال عنها غير صالحة للاستخدام البشري, وذلك بشهادة العديد من
التحليلات في المخابر الخاصة والعامة, فهذه الأغذية المغشوشة والملوثة من
الناحية الجرثومية والكيماوية باتت تشكل خطراً حقيقيا على صحة أطفالنا ,
والمعامل المنتجة لهذه الأضرار لازالت تعمل بدون حسيب أو رقيب بدءاً من
دمشق مروراً بحلب وباقي المحافظات, هذه الأغذية الملوثة للأطفال منتشرة في
جميع مناطق سورية ويمكن رصد العشرات من أنواع هذه الأغذية من السكاكر
والشيبس والبسكويت والحلوى الرخيصة الثمن المكشوفة والمغلفة أحياناً بشكل
عشوائي بدون ذكر تاريخ الصنع ومدة الصلاحية وانتهاءها يعني مجهولة
الهوية،حيث يلجأ أصحاب المعامل اليوم إلى تصنيع بطاطا ليست بجودة عالية بل
تكون من أرخص الأنواع و أقلها جودة وهي على الأغلب منتجات محلية وليست
مستوردة ،فعند النظر في أغلفة المنتجات بالأسواق يتضح عدم وجود تفصيلات
كنوع الدهن و الزيت المستخدم, ورقم المواصفة بالنسبة للمواصفة السورية كذلك
رقم مواصفة النكهة بالنسبة للمواصفة السورية و بالتالي فإن المنتجات لا
تتوافق مع شروط المقايسة السورية التي تفرض كتابة مواصفات المواد المستخدمة
في الصناعة إذن لا يمكن بأي شكل من الأشكال دراسة الوضع الصحي لهذه المادة
من خلال عبوة المنتج وبيان التصنيع المدرج عليها واخطر ما في ذلك انه
أثناء عملية القلي تشكل مركبات كيميائية ضارة أبرزها (الأكريلاميد) وهي
مادة تستعمل في صناعة المواد البلاستيكية وتتواجد في دخان السجائر ودلت
الدراسات المخبرية على أضرار بالغة تنعكس على الكبد ,كما وتضر بالقلب و
الكليتين و العظام عند الأطفال,وتسبب درجات متعددة من الأميبيا و إيذاء
الأجنة .
هذا بالنسبة لتواجد المنتجات بالمعامل أما عند توزيعها
فتكتمل الحكاية بسوء الاهتمام لدى الوكلاء والموزعين وكما علمنا فان الشيبس
أو مقبلات الأطفال تكون مخالفة بسبب سوء تخزينها وعرضها في المحلات على
الأرصفة تحت أشعة الشمس , ما يؤدي إلى ارتفاع رقم البروكسيد عن الحد
المسموح به ،وكما أن مخالفات البوظة تكون بسبب استخدام مواد أولية ملوثة في
صناعتها مثل : المياه والفستق وأدوات المعمل الملوثة وقلة نظافة الأيدي
التي تتعامل معها ،إلى هنا تبدو الأمور عادية فسوء التخزين وعدم الصلاحية
باتت من الأشياء العادية في أسواقنا لكن أن يصل الاستهتار وتدخل منتجات
الشيبس من ماركات مستوردة مجهولة الهوية و ليست معروفة إلى أسواقنا وأين في
مراكزتسوق ضخمة ،ولا ندري هل هي كل الشاحنات التي ضبطت أم أن هناك شاحنات
دخلت ولم يعلم بها احد.
بجولة على أسواقنا في دمشق وسواها من المدن
والمحافظات سنلحظ بالعين المجردة كيف أن هذه الأغذية التي لا تطولها عين
الرقيب أو تغض الطرف عنها مركونة على الأرصفة وعلى أبواب المحال التجارية
بطرائق وأساليب تدعو للدهشة بدءا من (الشيبس والفوشار ومأكولات الحلويات من
بسكويت وشوكولا وسكاكر وغيرها وحسب رأي وزارة الاقتصاد والتجارة فإن
مشكلتنا الأساسية في مجال الرقابة التي تكمن بتعدد الجهات المسؤولة عنها,
الأمر الذي يشتت الجهود المبذولة في هذا المجال حتى وإن اختلفنا بمدى
فاعلية وجدية وقوة هذه الجهود.. ولا ندري هنا من المسؤول هل وزارة الاقتصاد
أم مديريات التجارة الداخلية التي تعتمد حسب عملها على حماية المستهلك
فالكثير من المخالفات تحصل والكثير من حالات الغش والاحتيال تكون ولا نعلم
بها إلا في وقت متأخر كالحالة التي ضبطتها دوريات حماية المستهلك مؤخراً في
دير الزور المتعلقة برواج بسكويت غير مرخص يدعى باب الحارة يحمل صور
فنانين سوريين حيث تبين بالبداية مخالفة البسكويت للشروط الصحية وعدم
الترخيص فقط إلا أنها سرعان ما أظهرت التحاليل المخبريةعليها انه مقوي جنسي
قد يؤدي إلى الشلل لاحقاً ،إذ يوجد بداخل العلب شريط طولي عبارة عن لعبة
بحيث يتم الضغط على الكيس السائل ضمن هذا الشريط ومجرد أن يتمزق يقوم
بالتفاعل مع الحبوب الموجودة ويؤدي انتفاخ الشريط بحيث يصبح كأنه عصا طويلة
وقد أدى ذلك إلى إمراض ومشاكل لدى الاطفال..
الدكتور محمد الحلاق
مدير الشؤون الفنية والجودة بوزارة الاقتصاد بين انه بالنسبة لقضية التلاعب
بالأغذية، فالدور هو إيصال الشكوى إلى القضاء، فإن تبين وجود سلع منتهية
الصلاحية أو مخالفة، يبت فيها خلال 24 ساعة وهذا يتطلب وجود أجهزة رقابية
فعالة ومدربة، كما لابد من توفير الأيدي العاملة المدربة ورفع مستواها
العلمي والفني بشكل دائم، وإدخال الممارسات الجيدة إلى المخبر وتقديم
التسهيلات لتوفير المستلزمات المخبرية والمادية.. غير أن هناك مشكلات عديدة
في مجال الرقابة، وأهمها قلة عدد المراقبين مقارنة مع ألاف المتاجر
والباعة، معتبرا الحلاق أن البائعين المتجولين يشكلون نقطة ضعف في الوزارة
فهم متواجدون بكل مكان ويسهل عليهم الوصول إلى أي مكان فهم لا يمتلكون
الترخيص
في ظل الفوضى للسوق والغياب شبه كامل للرقابة لا يعرف
المستهلك من المسؤول عن حمايته فجهات عديدة متواجدة كاسم ولكنها على ارض
الواقع مفعولها بطيء فمن مديرية حماية المستهلك إلى جمعية المستهلك إلى
دوائر رقابية في وزارة الاقتصاد إلى.إلى ...دون جدوى لنجد تقاعس غير طبيعي
في الإجراءات الرقابية وعدم تحقيق الفائدة مع المخالفين إذ تزداد المخالفات
أكثر وحالة السوق إلى الاسوء لنجد منتجات وسلع غذائية للأطفال ذات ماركات
متعددة وتحت تسميات قريبة من بعضها وتواجدها بالسوق لايزال ،الكل يذكر
عام2007 الذي كان مميزا بمخالفاته الغذائية وخاصة للأطفال خاصة بعدما لفتت
كثرة المخالفات الغذائية كلا من محافظي دمشق وريفها وكان على اثر ذلك وجود
انتشار أمراض الدم والكبد والربو والقولون نتيجة كثر المخالفات الغذائية
وانتشارها بشكل غير طبيعي الأمر الذي حول الأسواق حينها بعد هذا لتشديد
واتخاذ الإجراءات الصارمة إلى خلية نحل من المراقبة الدؤوبة على مدار 24
ساعة مما جعل المستهلك حينها يتمنى أن تستمر هذا التشديد تحت أعين الرقابة
دون انقطاع خاصة بعدما فقدت التموين اسمها منذ 7 سنوات وتحولت إلى حماية
للمستهلك ليكتفي عملها فقط اليوم بتحويل الضبوط إلى القضاء، وعند وصولها
للقضاء فإنها ستحتاج إلى فترات طويلة للبت بها على الأقل عام أو عامين مع
العلم انه في دول أخرى تصل أمور التلاعب بالغذاء إلى الإعدام كما حصل
بالصين منذ عام ونصف عندما اكتشف وجود خطآ في حليب للأطفال الأمر الذي
اعتبره القضاء الصيني جريمة لاتغتفر وكانت هذا الخطأ عبرة للآخرين في
السنوات اللاحقة ..
الملفت للانتباه أن جمع الإحصائيات في دوائر
الرقابة الصحية التموينية حول أسباب المخالفات في المواد الغذائية التي
يتناولها الأطفال إلى انخفاض بنسبة الدسم بالنسبة لمادة الحليب ومخالفات
نقص الوزن وانتهاء مدة الصلاحية وارتفاع نسبة الجراثيم الهوائية
والكولوفورم ونسبة البروكسيد فإذا ما دققنا في المخالفات المرتكبة من قبل
منتجي البوظة مثلا وجدنا العينات المسحوبة من هذه المادة تؤكد ان90% منها
غير صالحة للاستهلاك البشري بسبب ارتفاع تعداد الجراثيم الهوائية والتعداد
الكولوفورم الكولونية والعقدات البرازية ، والذي يزيد الأمور تعقيدا ازدياد
المخالفة أكثر في انتشارها في مراكز التوزيع وعدم تناسب مكان وجود السلع
مع طبيعتها وخواصها التي سرعان ما تفتقدها في الوقت التي تصر مديريات
التجارة الداخلية في اغلب المحافظات ومنها دمشق والريف بأنها تزيد من عملها
الرقابي على الأسواق على أغذية الأطفال والمقبلات المختلفة والشرابات
والبوظة التي يكثر الطلب عليها أثناء فصل الصيف ..محمود المبيض مدير
التجارة الداخلية بدمشق أشار أن أسباب مخالفات أغذية الأطفال متعددة منها
ما يتعلق بالتصنيع اليدوي في بعض المعامل القديمة إضافة إلى وجود ورشات
بسيطة لإنتاجها تتوضع في مناطق السكن العشوائي. موضحاً أنه لا يوجد مقياس
دقيق لوجود مخالفات غذائية تتركز في منطقة سكنية دون أخرى . معتبراً أن
انخفاض نسبة المخالفات في أغذية الأطفال في المدينة أمراً إيجابياً ويعزو
ذلك إلى تطوير المعامل لتي تنتجها وهي في معظمها آلية وحديثة ...
ما
نجده اليوم أن اغلب الصناعات الغذائية تُستعمل في معاملها كميات كبيرة من
المواد الملوِّنة والمنكهة والحافظة، وهذه المواد تُعطي طعماً جيداً
ومنظراً جذاباً، وأكثر الفئات العمرية المستهلكة لها هي من الأطفال وتوجد
في سورية مواصفات قياسية لهذه الصناعات، لكن الرقابة على هذه الصناعات
ومنتجاتها ضعيفة، ولا يكفي أن نضع المعايير والمواصفات للرقابة لوحدها بل
إن آلية المتابعة أهم من المقياس أو المعيار نفسه. لذلك نجد في الأسواق
ملونات المخللات المخالفة ومنكهات الأطعمة والحلويات والبوظة المخالفة، وكل
هذه المواد مسرطنة للإنسان إذ استمرت بمواصفاتها دون تحسن وأثرها تراكمي،
ولا تظهر نتائجه بسرعة..
فقد وجد أحمد شاش- أستاذ أمراض الطب المهني
والوقائي جامعة دمشق: أن المضافات الغذائية هي عبارة عن مواد كيماوية تضاف
للأغذية لتصبح جزءا منها وتؤثر في مواصفاتها وقد ثبت استنادا إلى مواصفات
دولية (منظمة الصحة العالمية) أن بعض المضافات وخاصة الاصطناعية قد تكون
خطيرة جدا وهي بالتالي ارخص من الطبيعية لذلك لا يعطى صاحب المنشأة موافقة
نهائية فورا إنما موافقة مبدئية تتعلق بتركيز الملون ونسبته ومن ثم يعاد
تقييم هذا المضاف بعد فترة ليست بقصيرة.
ومن الغريب بقاء جمعية حماية
المستهلك في سباتها بعيدة عن تأدية الدور المنوط بها, فرغم مرور أكثر من 5
سنوات على إحداث جمعية حماية المستهلك,إلا أنها لم تستطيع كسب ثقة المستهلك
وكما قال احدهم ليتها تحمي نفسها على الأقل في الوقت التي تكون مثل هكذا
جمعيات في دول أخرى لها الدور البارز والمهم في رقابة الأسواق وتطويرها بما
يخدمها لا الإساءة لها ففي ألمانيا اقل جمعية هناك تحوي25الف عضو بينما
لدينا لا يتجاوز العدد160 عضو والمستغرب أن عملها يتوقف على تلقي
والاستجابة للشكوى التي ترد إليها والكشف عن المخالفات في الأسواق ومن ثم
إحالتها إلى مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد لاتخاذ الإجراءات
اللازمة..السيد عدنان دخاخني رئيس جمعية حماية المستهلك على ضوء ذلك دافع
عن عمل الجمعية بأنها على حد قوله ليست سلطة تنفيذية محاسبة بل سلطة رقابية
توعوية أهلية، تسلط الضوء على ما يجري في الأسواق من مخالفات وأمور غير
طبيعية لرفعها إلى الجهات المعنية صاحبة القرار النهائي بعملية المحاسبة،
وبالنسبة للأغذية حصراً والتلاعب أو الغش فيها نشدد على الحائز الأخير وهو
جهة الترويج، لذلك يجب معالجة هذه القضية من الجذور، خاصة وأن هناك أشخاصاً
يصنعون ويروجون دون أي حس أو رادع أخلاقي.
لابد من القول أن تجاوزات
كبيرة تستوجب الوقوف عندها طويلاً، وخاصة فيما يتعلق بالأغذية. فالحفاظ على
صحة المستهلك وسلامته وخصوصاً الأطفال، مسؤولية مجتمعية قبل أن تكون فردية
وضرورة وجود بالدرجة الأولى جهة رقابية دائمة لمراقبة ومتابعة هذه
التشريعات لا توقفها على جمعيات حماية المستهلك وغيرها..