استيقظ كعادته ككل صباح، تنهده لأنه يعلم انه سيكون يوما طويل كبقية أيامه حياته القصيرة، اغتسل وتوجهه إلى خزانة الأقنعة ليحدد أي قناع سيلبس هذا اليوم..
عصر ذاكرته ليتذكر برنامجه اليوم وتذكر إن لديه اجتماع هام مع المدير العام للشركة، ثم إن هناك احتفالا في احد الفنادق الكبرى بمناسبة زواج احد أقربائه الليلة، وعليه أن يجتمع طوال النهار مع موظفيه من اجل إعداد خطة العام الجديد لقسمه. ولا ينسى بين هذا وذاك عليه زيارة والدته لأنها عاتبه عليه منذ مدة طويلة ووو..
"إذا هو يوم حافل" قالها في نفسه " سيتوجب علي أن البس أكثر من قناع" التقط الأقنعة التي سيلبسها هذا اليوم وهم بالخروج.
هذه حكاية مجموعة من البشر تمرسوا مهنة "التقنع"، أتقنوها فأحسنوا إدارة أقنعتهم بالشكل المطلوب لتتناسب مع أغراضهم وأهوائهم الخبيثة أو غيرها.تتعجب بأنهم يعلمون إن أقنعتهم مزيفه بل ومهدده بالسقوط والكشف عن هويتهم الحقيقة بأي لحظة، والأدهى إنهم يعرفون أنها لا تليق بهم.. لكنهم لا يهتمون ...يلبسوا قناعا لإخفاء الحسد ، الكره، الحزن، وقناعا للمجاملة وللنفاق وغيرها من تلك الأقنعة التي انتم على علم بها.
إنهم يذكرونني بالأبطال الخارقون الذين تربينا عليهم يبذلون جهدا لإظهار أنفسهم بصورة مشرقة أمام الناس ويستخدمون في ذلك أشكالا مختلفة من الأقنعة التي يخدعون فيها أنفسهم قبل أن يخدعوا فيها الناس، خوفا من أن تكشف حقيقتهم.
غريبا حالهم يتوهمون ويلومون المجتمع بأنه هو الذي فرض عليهم هذا كي يتواءموا مع الآخرين، أو ليكسبوا رضاهم، فقط ليهربوا من مواجهة معركة الحياة، ومن ذواتهم الحقيقية، أو يعللوا ذلك بعذرا قبيح كقبح القناع الذي يلبسونه.
يخلعون الأول فيلبسون الثاني فالثالث والرابع وهلم جرى حتى نهاية يومهم، وبين قناع وآخر تموت ذواتهم وتختفي، تسألهم من انتم؟ لا يعرفون الإجابة، ذلك لان شخصيتهم الحقيقة ذابت في عالم الأقنعة الافتراضية...
والسؤال هنا ....
هل ندري نحن– لابسي الأقنعة – أننا نلبس أقنعة؟ أو هل هذا القناع نلبسه بإرادتنا أي شعورياً أم أن عقلنا الباطن ينوب عنا بهذه الوظيفة، وبالتالي تكون الأقنعة على وجوهنا ونحن لا ندري؟ اترك لكم حرية الإجابة والتعليق