منقول من احد الكتب:
منذ فترة طويلة وانا افكر بالكتابة عن هذا الموضوع ، في كل مرة ابدا فيها بكتابة نص هذه الزاوية ، اشعر اني مطالب بامر قوى غامضة داخلي بالكتابة عنه ، لم احدد بعد بالضبط ماهية هذه القوى ، لكني استطيع ان اخمن انها ما يشبه تجمع اصوات متفرقة ومتباعدة زمنيا ومكانيا و غاضبة تتمترس باصرار في انسجة روحي ، هل في كتابة هذا المقال ما يقترب من اعتذار او اعتراف او تطهر؟؟ لا ادري ، ساعتبر ذلك موضوعا اخر ، وسأبدأ من من حكاية صغيرة روتها لي شاعرة كندية من اصول عربية < كنت اتحدث على الماسنجر مع احد الادباء العرب ، كنت مبهورة بااكتشاف عنوان هذا ا الاديب الذي تتزاحم الناس على نيل ابتسامته وصوته ، لم يمض ربع ساعة على بداية حديثنا حتى بادرني الاديب بطلب صاعق بعيد تماما عن سياق حديثنا وهذا ما ارعبني : هلا وصفت لي جسدك يا سيدتي ، اعتقدت في البداية انه يمزح ، لكنه اصر على ذلك ، فوقعت في حيرة وارباك ، لا اتذكر اني احستهما في حياتي ابدا ،في لحظة تذكرت كلام صديقتي عن ان الرجل هو الرجل سواء كان بستانيا او ملكا او شاعرا او حدادا او الها ، فوجئت بنفسي اقول للاديب العربي : هل تريد حقا ان تعرف تفاصيل جسدي؟ فاجاب متلهفا : نعم
اذن انت تريد ان ترى اللحم ؟؟ سالته ، نعم نعم بالضبط ، اجاب ، انتظر اذن لثوان ساضع صورة اللحم على طرف مربع الماسنجر ، فوجىء الاديب الذي تتزاحم البلاد على نيل ابتسامته وصوته بصورة خروف كبير مذبوح ومعلق على حبل ، سـألني مندهشا : ما هذا ؟؟ يبدو انك <اخطأت ، لم اخطىء ابدا ، انت تريد {لحما وانا اريتك اللحم
حين يشتهي رجل عابر جسد امراة عابرة ، فهو يشتهي لحمها بالتاكيد لا فكرتها او اسلوبها في التفكير او ثقافتها ، لكن السؤال الاهم هنا هو : كم هي نسبة الرجال الذين يمتلكون رؤيا ما او افق ؟؟ اقول ذلك حتى لا يبدو الموضوع وكأنه ندب لضحالة فكر المراة ، وحدها في بلاد كل شيء فيها ضحل وفقير وممل ومعدني ، بما فيها من رجال وشوارع ومدارس ومؤسسات ونساء ، جسد المراة : هذا الكائن الحائر المتورط في ذاته ، الحامل لبذور الخطيئة ، المشكوك به منذ الشهقة الاولى ، المراقب ، المطارد ، المرغوب بمجانية ، الحامل لسر رشاقة الكون ولسر انحطاطه في نفس اللحظة هذا الجمال الصامت او الذكي او الهارب او الميت ، من يستطيع ان يحيط به او يقبض على لغزه ؟ هل تعرف المراة لغز جسدها؟
لا اظن ذلك ، فهو يشكل كائنا منفردا ، يعيش بعيدا في ارض خاصة به ، وهو يملك عقلا وذهنا وقلبا ، ويمارس الحلم والرؤيا ، ويعاني من الضجر احيانا ، و ويشتاق للسفر والماء ،
كيف يمكن ان نفهم الم امراة وهب جسدها نفسه الى جسد رجل مخادع ؟؟
يذهب الرجل الى بيته ، يداعب اطفاله وينام مع امراته ويشرب القهوة صباحا ويطل من الشرفة صباحا ليطمئن على اصص ورد نسي ان يسقيه ، لكنه لا يتذكر انه كان في الليل الفائت يكذب على جسد امراة وعلى جسده هو وعلى جسد العالم ،
هو لا يتذكر ان ثمة انسانا يتعذب بسببه الان ويبكي بصمت او بصوت عال في غرفة ما في مدينة ما , اصص الورد الناشف في الشرفة، تثير حزن الرجل ، وتجعله ينهض قلقا ، لائما نفسه على الاهمال ، لكن حديقة من الورد امتصها حتى اخرها هذا الرجل امس ليلا لا تثير فيه ادنى ندم او ادنى حزن ،
بحب جسد المراة ان يلتصق بجسد رجل اخر ، التصاق التداخل والتماهي بشرط واحد هو ان يعرف جسد الرجل ان لهذا الجسد الانثوى ملحقات اخرى وتوابع مثل : العقل والقلب وا لذهن والذاكرة وان ثمة متع اخرى تستطيع المراة ان تتقاسمها مع الرجل ، مثل ا الاختلاف الجميل مع الرجل في تفسير نهاية رواية مثلا ،
جسد المراة - غابة متداخلة من الاسئلة :
هل تستطيع المراة ان تكون دون جسدها ؟؟
هل تستطيع ان تقدم مادة اغراء وابهاج اخرى للرجل لو كانت بلا جسد انثوي؟؟
هل يستطيع هذا الجسد المعذب والمعذب بفتح الذال وكسرها ان يجبر الرجل على الاعتراف اولا بعقله وامنه الذاتي وكرامته ؟؟
منذور للسقوط هذا الجسد الرائع ، منذور للضياع والالم ، في بلاد غريبة قاسية تحتفل الان بالسماح للمراة بحق الترشح والانتخاب
هل يمكن ان يتغير قدر هذا الجسد؟
نعم بالامكان
فقط حين تمتلك المراة حقها في الضحك بحرية
كما تشتهي
دون ان تضع يدها على فمها
ودون ان يهمس رجل لصديقه الجالس بجانبه
ثمة فاسده تجلس ورائنا
ششششش ، صمتا يا سادة صمتا فالرجل مهموم ويتقلب في فراشه ، لقد ماتت وردات شرفته لانه اهمل سقايتها