تطور التقانة الفلكية:
اذا ما نظر الانسان لاول وهلة الى السماء لرآها ساكنة هادئة ولكن الامر في
حقيقته ليس كما يبدو عليه، حيث كشف لنا تطور التقانة ان تقلبات الاحوال
الفلكية مهولة في عظمتها، فانفجار قنبلة هيدروجينية تبدو كفقاعة مقابل
انفجار في غلاف شمسنا القريبة. ويظهر هذا الانفجار كنفخة طفل صغير مقابل
عاصفة هوجاء اذا قورنت بانفجارات السوبر نوفا.وانفجارات السوبر نوفا يبدو
كنسيم الليل العليل اذا قورن بانفجارات نوى مجرات الراديو وشبيهات النجوم
أو الثقوب السوداء . ولقد تطور هذا العلم كثيرا خاصة في نهاية القرن الماضي
مما حسن العديد من المفاهيم لدى البشر.
ويمكن تمثيل التطورات التي تراكمت عبر العصور على علم الفلك بخط تصاعدي
تتخلله قفزات عملاقة أدت الى تحسينات جبارة في نوعية الأرصاد وكميتها
والمعلومات المستنبطة منها خاصة بعد غزو الفضاء بالاقمار التي قد تصل
أعدادها الى قرابة التسعة آلاف، والتي أدت بدورها الى قفزة نوعية في تطوير
نظرة الانسان الى الكون وكذلك في توسيع آفاق ليس لهما مثيل فتبارك الله
أحسن الخالقين. وان من افضل المناظير الفضائية التي أرسلت لدراسة الفضاء
والأجرام السماوية بشكل عام المنظار الفضائي هابل، والذي زودنا ببيانات
ومعلومات خلال السنوات القليلة الماضية عجز البشر عن الحصول على مثلها عبر
مئات السنين من سواها من المناظير الارضية، وسوف نستدل بنتائج أحد أرصاده
الجمة لشرح موضوعنا هذا:
تمدد الكون :
لقد تمكن العالم الفلكي أدوين هابل من خلال دراسة تعرف بدراسة الازاحة
الحمراء لأطياف المجرات والتي تدل على أن المجرات تتباعد عن بعضها وأن
الكون في تمدد مستمر وكلما ازدادت المجرات بعدا ازدادت سرعتها في التباعد
عن بعضها .وكانت هذه الدراسة قد تمت في عام 1921 الا أن انشتاين كان قد
سبقه بستة أعوام من خلال حله للمعادلات النظرية للنسبية العامة وتطبيقها
على الكون والتي استنتج منها أن الكون غير مستقر. وكانت نظرية الانفجار
العظيم ما هي الا امتداد لتلك الفكرة والتي نشأت عام 1950 ومفادها أن الكون
ما دام في اتساع مستمر فانه لا بد وأن يكون قد انطلق من نقطة وانفجر عنها
وذلك قبل 15000 مليون عام قدر انها عمر الكون . وقد حسبت بأخذ مقلوب قيمة
ثابت هابل، وهي نسبة تسارع المجرات الى بعدها.
وتوضح نظرية الانفجار العظيم أن الكون قد يصل الى حد أقصى من الإتساع كما
انه سيعود للانكماش مرة أخرى اذا ما كان كثافة الكون أكبر من الكثافة
الحرجة، ولكن من المعلوم أن كتلة الكون تساوى 10% فقط من الكتلة اللازمة
لأن تكون كثافة الكون مساوية أو أكبر من الكثافة الحرجة، فأين تكمن الكتلة
المتبقية؟