العلم Science. الجزء-1 (حول نشأة وظهور العلم)
(باللغة اللاتينية scientia ، العلم بالشيء، وهي أصل الكلمة
الإنكليزية Science)، مصطلح استخدم بدلالته الواسعة للإشارة إلى المعرفة
المنظمة في أي مجال، لكنه عادة ما يستخدم مقارنة مع نظام ممارسة عقلية من
الممكن إثباته بشكل موضوعي. إن الحصول على المعرفة ضمن هذا السياق يعرف
بالعلم النظري (المجرد) Pure science، لتميزه عن العلم التطبيقي Applied
science : الذي يبحث في الاستخدامات (التطبيقات) العملية للمعرفة العلمية.
أصبحت كلمة علم مألوفة، خاصة في المناهج المدرسية حيث حدد استخدام كلمة علم
لدراسة العلوم الفيزيائية والحياتية مثل : الفيزياء، الفلك، الكيمياء،
البيولوجيا، التشريح، والجيولوجيا. ومواضيع الدراسة التي تعرف الآن بالعلوم
كانت سابقاً تقع تحت عنوان الفلسفة. وحتى عهد قريب بدايات القرن التاسع
عشر مازال يطلق على الفيزيائيين والكيميائيين اسم فلاسفة.
فآدم سميث مؤسس الدراسة الحديثة للاقتصاد كان يعرف كفيلسوف أخلاقي أكثر منه
كَعَالِم اقتصاد. إن كلمة عَالِم اخترعت في عام 1840 على يد الكاتب
الإنكليزي William Whewell، وأصبح الاسم يشير تدريجياً إلى الأشخاص الذين
يمارسون حقلاً خاصاً من المعرفة. فالمكانة المرموقة التي اتخذتها العلوم
الطبيعية في ذلك الوقت أعطت للعلماء وزناً، على نقيض الفروع الأخرى التي
كانت لا تأخذ بعين الاعتبار استخدام الطريقة العلمية.
يأتي معنى كلمة علم في اللغة العربية في القواميس المدرسية الحديثة :
"مجموع مسائل وأصول كلية تدور حول موضوع واحد وتعالج بمنهج معين، وتنتهي
إلى بعض النظريات والقوانين." وهو معنى قريب من المعنى الفعلي للعلم.
يجب هنا أن نشير إلى أنه عادة ما نستخدم كلمة علم في ثقافتنا بشكل غير
دقيق، وأحياناً بشكل خاطئ تقريباً، فكثيراً ما نطلق على المواضيع المتعلقة
باللغة العربية اسم علوم كعلم النحو، وعلم
الصرف، وعلم المعاني والبيان والبديع، والشعر والخطابة التي تسمى بعلم
الأدب. فهي ليست علوم بالمعنى الحرفي والدقيق للكلمة، يجب علينا أن نراعي
التطور الذي طرأ على معنى العلم. يعتمد العلم الطريقة العلمية والتجربة في
الكشف عن الحقيقة. والعَالِم هو من يعتمد الطريقة العلمية بما فيها التجربة
والاختبار في الكشف عن الحقائق وصياغة التفسير والنظريات.
ويجب هنا أن نميز بما يعرف بالعلم الزائف سوديس سَيَنْس Pseudoscience :
نظام من التصورات والافتراضات والطرائق التي تعتبر خطأً ووهماً علماً من
العلوم، مثال على ذلك : التنجيم Astrology.
منشأ العلم
تعزى محاولات تنظيم وتصنيف المعرفة إلى أزمنة ما قبل التاريخ، كالرسومات
التي رسمها إنسان العصر الحجري القديم Palaeolithic على جدران الكهوف، و
التسجيلات العددية التي نحتت على العظام والأحجار، و الأشياء المصنوعة التي
بقيت من حضارات العصر الحجري الحديث Neolithic. إن أقدم السجلات المدونة
كبدايات للعلم الأولي (البدئي) أتت من حضارات ما بين النهرين Mesopotamian
cultures : قوائم لمشاهدات فلكية، مواد كيميائية، أعراض أمراض، بالإضافة
إلى ذلك جداول رياضية متنوعة منقوشة بالرموز المسمارية على ألواح طينية.
وألوح أخرى تحمل تواريخ تعود إلى 2,000 BC يظهر فيها أن البابليين اكتشفوا
نظرية فيثاغورس واستطاعوا حل المعادلات التربيعية، كما أنهم طوروا نظام
العد الستيني.
ومن العصر نفسه تقريباً، احتوت وثائق البردي المكتشفة في وادي النيل على
معلومات حول معالجة الجروح والأمراض، وتوزيع الخبز والبيرة، وحساب أحجام
أجزاء الهرم. بعض وحدات الطول المستخدمة في أيامنا الحاضرة تعزى إلى
النماذج المصرية الأصلية.
ظهور النظرية العلمية
المعرفة العلمية عند شعوب ما بين النهرين والمصريين كانت على وجه الخصوص
ذات طبيعة عملية، مع قليل من النظام المنطقي. ومن بين أوائل الباحثين في
الأسباب الأساسية للظواهر الطبيعية (ظهور الفكر النظري) : الفيلسوف طاليس
Thales (640 ?-546 ? BC) في القرن السادس قبل الميلاد، الذي ابتكر فكرة أن
الأرض عبارة عن قرص منبسط يطفو فوق الماء (العنصر الكوني) وأن الماء هو أصل
كل الأشياء. والفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس Pythagoras، الذي اتبع
طاليس وأسس حركة تؤيد بأن الرياضيات هي أساس كل الاستكشافات العلمية. افترض
أتباع المدرسة الفيثاغورسية بأن الأرض الكروية تتحرك في مدار دائري حول
نار مركزية. وفي أثينا القرن الرابع قبل الميلاد، امتزجت الفلسفة الطبيعية
اليونانية القديمة مع علم الرياضيات الفيثاغورسي، حيث نتجت تراكيب من
الفلسفات المنطقية لأفلاطون Plato (428 ? - 347 ? BC) و أرسطو Aristotle
(384 - 322 BC). ففي مدرسة أفلاطون كان التشديد على التفكير الاستدلالي
(الاستنتاجي) Deductive reasoning (الاستدلال Deduction : استخراج الخاص من
العام) والتمثيل الرياضي؛ أما عند أرسطو فكان البارز هو التفكير
الاستقرائي Inductive reasoning (الاستقراء Induction : استخراج العام من
الخاص) والتوصيف النوعي. لقد قاد التفاعل بين هذين الاتجاهين من التفكير
مقارنة مع العلم إلى معظم الانطلاقات التالية.
خلال العصر الإغريقي Hellenistic Age وبعد وفاة الإسكندر الكبير أجرى
إيراتوشينيز Eratosthenes؛ رياضي وفلكي وجغرافي يوناني قياسات رائعة ودقيقة
لمحيط الأرض. و الفلكي أرستارخوس Aristarchus الذي تبنى نظام للكواكب تقع
الشمس في مركزه Heliocentric”" ورغم ذلك لم تحظى هذه الفكرة على الرضا في
تلك الأزمنة القديمة. عالم الرياضيات والمخترع أرخميدس Archimedes (287 ? -
212 BC) الذي وضع أسس الميكانيك وعلم توازن السوائل؛ الفيلسوف والعالم
ثيوفراستوس Theophrastus (372 ? - 287 ? BC) مؤسس علم النبات؛ والفلكي
هيبارخوس Hipparchus (القرن الثاني قبل الميلاد) مطور حساب المثلثات؛ علماء
تشريح وأطباء مثل : هيروفيلوس Herophilus (335 ? - 280 ? BC) و
إيراسيستراتوس Erasistratus أسسا علم التشريح والفسيولوجيا (علم وظائف
الأعضاء).
بعد أن دمر الرومان مدينتي Carthage و Corinth عام 146 BC فقدت الاستكشافات
العلمية زخمها إلى أن انتعاشاً قصير الأمد حدث في القرن الثاني الميلادي
تحت ظل الإمبراطور الروماني والفيلسوف Marcus Aurelius. حيث أصبحت مركزية
الأرض Geocentric (اعتبار الأرض مركز للكون) والتي تمثلت بالنظام
البطليموسي، الذي طوره عالم الرياضيات والجغرافي والفلكي اليوناني بطليموس
Ptolemy (القرن الثاني الميلادي)، والأعمال الطبية للطبيب والفيلسوف
اليوناني جالينوس Galen أصبحت بحوثاً علمية قياسية لكل ما سيأتي في العصور
اللاحقة. في القرن التالي نشأ علم تجريبي جديد عرف بالكيمياء Alchemy انبثق
عن تطبيقات علم المعادن. على أية حال حظي علم الكيمياء القديم هذا بالسرية
والترميز التي حجبت بدورها مكاسب مثل : التجريب (الاختبار العلمي) كان من
الممكن أن يجلبها للعلم.
العلم في ظل الحضارة الإسلامية
اطلع المسلمون في بداية حضارتهم على الثقافة اليونانية وعلى الكثير من
الثقافات الأخرى. فقد كانوا على علم بالكثير من الأفكار النظرية عند
اليونانيين على سبيل المثال :
نظام مركزية الأرض Geocentric System (اعتبار الأرض مركز للكون) والتي
تمثلت بالنظام البطليموسي، الذي طوره عالم الرياضيات والجغرافي والفلكي
اليوناني بطليموس Ptolemy (القرن الثاني الميلادي).
نظام مركزية الشمس Heliocentric Systems الذي تبناه الفلكي أرستارخوس
Aristarchus، نظام للكواكب تقع الشمس في مركزه (الشمس مركز الكون). لم تحظى
هذه الفكرة على الرضا في تلك الأزمنة القديمة.
كان المسلمون أيضاً على علم بفكرة كروية الأرض وبأفكار أخرى غيرها. لكنهم
لم يقحموا أي من هذه الأفكار في النص الديني، لقد كانوا يفهمون النص الديني
فهماً صحيحاً، واعتبروا هذه الأفكار من الغيبيات، وأنه لا يمكن فحص هذه
الأفكار والتأكد من صحتها في ذلك العصر (لم تكن هناك التكنولوجيا المتطورة
لفحص صحة مثل هذه الأفكار بطريقة حاسمة). وبهذا يكون العلماء المسلمون قد
طبقوا أحد أسس النهج العلمي الحديث : "الفرضية التي لا تعرض نفسها للاختبار
ليس لها أي قيمة معرفية". لذلك اهتم العلماء المسلمون بالمجال التطبيقي
للعلوم التي تعود بالنفع على الإنسانية. كالفلك للاستفادة منه في الملاحة
البحرية، الطب، الكيمياء، الرياضيات، والجغرافيا. لقد كان العلماء المسلمون
تجريبيين وتطبيقيين بكل معنى الكلمة.
أبو الحسن بن الهيثم Abu al-Hassan ibn al Haytham (Alhazen) ((965-1038 :
نقض الحسن بن الهيثم الفكرة (النظرية) القائلة بأن الضوء ينطلق من العين، و
أوضح أن الرؤية تحدث بانبعاث الضوء من الأجسام نفسها نتيجة لانعكاسه
وانكساره عليها إلى العين حيث يتم إدراك هذه الأجسام. وكتابه كنوز البصريات
نشر لأول مرة إلى اللغة اللاتينية عام 1572 يناقش في الحسن العدسات بما
فيها عدسة العين، والمرايا المستوية والمنحنية، الألوان، ومبادئ الكاميرة
(القمرة، الكاميرة ذات الثقب) ولد الحسن بن الهيثم في البصرة وانتقل إلى
القاهرة، حيث شهد الفيضان السنوي لنهر النيل. أقنع الخليفة "الحكيم" بإرسال
بعثة إلى الجنوب بغرض التحكم بمجرى نهر النيل وتزويده بنظام للري. واجهت
بعثة الحسن بن الهيثم الكثير من الصعوبات.
اهتم الحسن بن الهيثم بعد ذلك بدراسة الدين، قبل أن يتحول بشكل تام إلى
دراسة الفيزياء في منتصف حياته. إن نهج الحسن بن الهيثم في الرياضيات
والتجارب كان من المستوى الرفيع من الفيزياء الإسلامية. الحسن بن الهيثم
كان الشخص الأول الذي عرف استخدام الكاميرة ذات الثقب لدراسة الشمس خلال
كسوفها. كما قام بالتوضيح بشكل دقيق الخداع البصري الذي يسببه كلاً من
الشمس والقمر عندما يظهران أكبر حجماً قرب الأفق. واحد من أكثر أعماله
المثيرة للاهتمام أن الغسق يبدأ عندما تكون الشمس عند الدرجة 19° تحت
الأفق، كما أنه حاول قياس ارتفاع الغلاف الجوي من هذه المعلومات. حيث قدر
سماكة الغلاف الجوي بحوالي 90 km.
ودرس الحسن بن الهيثم حركة الأجسام المادية، وفرض شيئاً قريباً جداً
ومشابهاً لقانون نيوتن الأول، الأجسام المادية تستمر بالحركة حتى تؤثر بها
قوة ما.
لقد أخذ البعض على الحضارة الإسلامية عدم ممارستها الفكر النظري فالعرب
المسلمون لم يكونوا أصحاب نظريات علمية. ولكنني أدرك الآن دقة عمل العلماء
المسلمين، فبعملهم هذا وضعوا أسس لما سيعرف بالعلم التجريبي.
اليونانيون القدامى تحذروا حول كل شيء أطلقوا أفكارهم النظرية في كل مجال
ولكنهم كانوا أسرى عقيدة (فلسفة) خاطئة : "يمكن معرفة كل شيء بواسطة العقل
الخالص". أما العلماء المسلمين لم يفعلون ذلك لقد قاموا بالتقصي والبحث
والتجريب وبذلك أسسوا منهجاً موضوعياً لبحثهم العلمي، لقد اعتمدوا الصدق
كأساس بحثهم وتقصيهم عن حقيقة الأشياء. اليونانيون القدامى كانوا فلاسفة
عظام ولم يكونوا علماء ناجحين. أما المسلمون فكانوا علماءً حقيقيين، ولكنهم
لم يكونوا فلاسفة.
الثورة العلمية Scientific Revolution
الثورة العلمية اسم أطلقه المؤرخون المعاصرون. تقريباً، على الفترة التي
بدأها نيقولاوس كوبرنيكوس (1473-1543) Nicolaus Copernicus بتطوير نظام
مركزية الشمس للكون، ونهايةً بنظرية الجاذبية لإسحق نيوتن (1643-1727)
Isaac Newton. خلال هذه الفترة كانت الأرض قد نزعت من عقول العلماء كمركز
للكون وأصبحت تبدو مجرد أحد الكواكب. فبانتصار الطرائق التجريبية والرياضية
في ميادين العلوم الفيزيائية، تم اختراع فيزياء جديدة استطاعت استيعاب
واحتواء الأرض والكون العلوي.
ففي بدايات عصر النهضة Renaissance اهتم الباحثون والدارسون بالدرجة الأولى
بترجمة وفهم النصوص اليونانية القديمة. فأخذوا يبحثون ويفتشون بغية إعادة
بناء وتنظيم المعرفة التي كانوا يعتقدون بأن اليونانيين القدامى قد
امتلكوها ولكنها فقدت. فقد استخدم كوبرنيكوس وهو قس بولندي بعض النصوص
المبهمة التي تشير إلى أن الإغريق كانوا يعتقدون أن الشمس هي مركز الكون.
وأن كل الكواكب بما فيهم الأرض تدور حولها. والكتاب الذي أشار به كوبرنيكوس
إلى هذه النظرية كان "في دورانات الكرات السماوية"، والذي نسج على منوال
تركيب وبنية كتاب المجسطي Almagest لبطلميوس Ptolemy وهو كتاب قدمه بطلميوس
في القرن الثاني الميلادي، يحتوي على الكثير من النصوص القديمة التي تشير
إلى أن الأرض هي مركز الكون. وبمعزل عن نظرية كوبرنيكوس التي تشير إلى
دوران الأرض حول الشمس، فقد كان كوبرنيكوس من الشكل المحافظ يعتقد بأن
الحركة الكوكبية من الممكن تفسيرها كما فسرها اليونانيون القدامى من تراكب
معقد من الحركات الدائرية.
وفي السنوات التالية أخذت تجري نقاشات هامة حول طبيعة الكون. لقد حفز مثل
هذه النقاشات بعض الظواهر الفلكية كانفجار النوفا nova (النجم الجديد) عام
1572 والمذنب العظيم الذي ظهر عام 1577. لقد وفرت هذه الظواهر الدليل ضد
أفكار المذهب الأرسطووي Aristotelian الذي يقر بتناسق السماء وخلوها من
الأخطاء. ولتؤكد بأن مثل هذه الحوادث السماوية كانت قد تحدث. فقد قام
النبيل الدنمركي تيخو براهة (1546-1601) بإجراء أول قياسات منظمة منذ
العصور القديمة لمواضع النجوم والكواكب. واقترح براهة أيضاً نظرية للكون،
فهو لم يقبل نظرية كوبرنيكوس كلها فقد اعتمد حلاً وسطاً فقد دمج بين نظام
كوبرنيكوس ونظام بطلميوس. ففي نظام براهة بقيت الأرض ثابتة في مركز الكون
والكواكب الخمسة المعروفة تدور حول الشمس، حيث هذه الشمس وهذه الكواكب تدور
حول الأرض كل سنة، وتدور كرة النجوم حول الأرض دورة واحدة كل يوم. إلى أن
التوفيق بين نظام مركزية الأرض Geocentric System ونظام مركزية الشمس
Heliocentric Systems لم يحظى بدعم كبير.
وباستخدام بيانات وقياسات براهة استطاع جوهانس كبلر (1571-1630) Johannes
Kepler أن يوضح بأن مدارات الكواكب قطوع ناقصة كما أنه كان قادراً لإيجاد
العلاقة بين بعد الكوكب عن الشمس وسرعته. لم يستغني كبلر عن نظرية مركزية
الأرض وحسب، فبأفكاره أيضاً التي تتعلق بالحركة الكوكبية تم الحد من ضم
الحركات الدائرية التي كانت تستخدم لتفسير حركة الكواكب. تقريباً، وبنفس
الوقت استخدم الفلكي الإيطالي غاليليو غاليلي (1564-1642) Galileo Galilei
التلسكوب لدراسة السماء، استطاع توفير دليل رصدي راسخ عن نظام مركزية
الشمس. كما أنه طور نظرية في الميكانيك كانت مضادة بكل معنى الكلمة للأفكار
الأرسطووية. لقد أجبرت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية غاليليو على التخلي
عن عقيدة مركزية الشمس كنظرية فيزيائية. إن الصراع بين تعاليم الكنيسة و
النظرية العلمية كان أحد المظاهر التي أدت إلى الإرباك والتشويش، أثر ذلك
بجميع المثقفين الأوروبيين، عندما خسرت الأرض مكانتها المقدسة في مركز
الكون.
وعند نهاية القرن السابع عشر ظهر الكثير من الأعمال العلمية المتقدمة والتي
كان من أبرزها أعمال أسحق نيوتن Isaac Newton في إنكلترا. فسر نيوتن
قوانين كبلر في الحركة الكوكبية والكثير من الظواهر الفلكية بواسطة قانونه
في الجاذبية. وهكذا وفر نيوتن وبشكل نهائي تفسيراً فيزيائياً ناجحاً لحركة
الكواكب. وبمكانيك نيوتن الذي كان بالإمكان تطبيقه على جميع الجزيئات
المادية في الكون، أنهى بذلك الاختلاف الأرسطووي بين الظواهر الأرضية
والسماوية.
يدرك الكثير من المفكرين أن الثورة العلمية مازالت في طور الإنجاز -مصطلح
"الثورة العلمية Scientific Revolution" لم يظهر إلا في وقت متأخر- فمن
الخطأ الاعتقاد بأن بناء العلم قد تم إنجازه بشكل تام.:Love_s77.com_53: