الزراعة بالمقلوب
كل يوم تظهر أفكار جديدة تهدف لتسهيل الحصول على المواد الغذائية بأسرع الطرق وأقلها تكلفة.
ومن هذه الأفكار «الزراعة المعكوسة» التي يطلق عليها بالإنجليزية الاسم الغريب Topsy Turvy ،
ويتم فيها زرع شتلة الخضار في أصيص بلاستيكي عادي يتضمن التربة والماء والسماد، ثم يتم تعليقه بالمقلوب
بحيث تتدلى الشتلة إلى الأسفل فيما يتم الاحتفاظ بالتربة والماء داخل الأصيص بواسطة غطاء بلاستيكي مناسب.
ويقول مبتدعو هذه الطريقة التي تثير الآن نوعاً من الجدل في الولايات المتحدة،
بأنها أثبتت نجاحها في استنبات الطماطم بسرعة كبيرة وبما يوحي بأنها قابلة للتعميم على نطاق واسع
لزراعة الخضروات في البيوت والحدائق والمزارع الصغيرة. وتختصر هذه الطريقة الكثير من المشاكل الزراعية،
مثل فقد الماء والمواد العضوية المغذية في التربة، وبما يسمح بتوفير هذه المصادر المهمة.
ولهذا السبب، يرى البعض أن الزراعة المعكوسة تنطوي على آمال كبيرة في المستقبل بتطوير الإنتاج الزراعيبأقل قدر من التكاليف ،
خاصة في البلدان الجافة. وبهذه الطريقة، لن يعاني المزارع بعد الآن من ضرورة تثبيت النباتات بالأعواد حتى لا تنوء تحت ثقل الثمار التي تحملها.
وأما فيما يتعلق بتفسير السرعة الزائدة لنمو النباتات في الزراعة المعكوسة،
فيكمن في أن الأصيص المقلوب يفرض على الماء الحامل للمواد المغذّية،
يتأثر بقوة الجاذبية فيندفع نحو الأسفل ليصبّ في جذور النبات
ويتوزع منه على الساق والفروع والأوراق بسرعة كبيرة.
وهذا يخالف فعل قوة الجاذبية بالنسبة للنباتات المزروعة بالطريقة التقليدية.
ويذكر تقرير نشرته مجلة «بوبيولار ميكانيكس» في عددها الأخير أن بعض المستثمرين الذين راهنوا على زراعة الخضروات بطريقة الزراعة المعكوسة حققوا نتائج مشجّعة تكفي لإقناع بقية المزارعين على تبنيها ،
خاصة المزارع التي تعاني من شحّ المياه والبلدان الفقيرة التي تحتاج إلى إنتاج الأغذية بشكل سريع.
وبالطبع، وكأي ابتكار آخر، تثير الزراعة المعكوسة الكثير من الآراء المضادة،
خاصة منهم أولئك الذين يعتقدون بأنها تعاكس الطبيعة ذاتها في أسلوب استزراع النباتات،
لأن من أهم سلوكيات النبات هي ظاهرة النتح المعاكس للجاذبية الأرضية،
وهو ما يفسر نمو سيقان مختلف أنواع النبات بالاتجاه العمودي على الأفق حتى ولو زرعت على المنحدرات المائلة.