theredrose
 |  موضوع: الشيخ تركي العبيدات.. شيخ من زمن الفرسان  1/12/2010, 18:44 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كان شمال الأردن شاهداً حياً على شراسة الهجمة الاستعمارية الغربية ، بعد أن خاضت المنطقة نضالاً متواصلاً منذ ممارسات جمال باشا السفاح، الذي عبّر عن توجهات الاستانة في تلك المرحلة ، وقد تكلل ذلك كله بانخراط قوى الكفاح في معارك الثورة العربية الكبرى التي جاءت مستجيبة لآمال وطموحات الشعب العربي شرق المتوسط . ويعد الشمال الأردني امتداداً طبيعياً واجتماعياً لحوران ، الذي فجع بالتآمر على الحكومة العربية في دمشق ، واخراج الملك فيصل منها ، واستيلاء فرنسا على سوريا ولبنان ، مما كسر حلم الوحدة والتحرر ، وهو ما رفضه الانسان العربي والأرض العربية ، فكانت حوران بامتداداتها المختلفة بؤرة النضال ، وملتقى طلاب الشهادة والحرية ، فهذه المرحلة أكبر دليل على تلاحم ابناء الأمة، ورفضهم للتقسيم الذي يفرق بين الأخ وأخيه ويفتت الأرض الواحدة.
ضمن هذه الأحوال المضطربة منذ اواخر القرن التاسع عشر ، ولد المناضل الشيخ تركي الكايد العبيدات ، في مفتتح القرن ، في رحم عربي أصيل، ونشأ في بيت شيخ المناضلين ، وأول شهداء شرق الأردن في الثورة الفلسطينية ضد الانجليز ، فوالده الشيخ كايد مفلح العبيدات ، الذي قاد مناضلي شرق الأردن في معركة مشهودة في قرية (سمخ) الفلسطينية ، حيث استشهد راوياً بدماءه الزكية ثرى الأرض المباركة ، واستشهد وعلى جانبه فلذة كبده أبنه تركي ، فلقد نذره للنضال والحرية ، واصطحبه معه إلى المعارك الصعبة وهو ما يزال فتياً ، حيث أوصاه ذات قتال قائلاً '' ... الانسان لا يموت إلا مرة واحدة ، وأشرف أنواع الموت أن تموت على تراب فلسطين ومن اجل فلسطين''. (محمود سعد عبيدات)
لقد تربى تركي العبيدات على معتقدات والده ، الذي كان ناشطا اجتماعياً ونضالياً في حوران كلها ، التي كانت تمثل قلب بلاد الشام النابض ، وكان واسع الاطّلاع ، وعلى تواصل دائم وفاعل مع قادة المناطق، ورؤساء العشائر والقرى في جبل العرب وحوران والجولان، وحتى جنوب لبنان وفلسطين، و حظي باحترام كبير داخل الأردن وخارجه ، لقد كان المدرسة التي تتلمذ فيها تركي كايد العبيدات ، وعندما سقط والده في فلسطين شهيداً عام 1920م، نهض بالأمانة ورفع راية النضال وتحمل المسؤولية بكل شجاعة ، بعد أن آلت إليه زعامة ناحية الكفارات ، وهو المعروف لدى زعامات المنطقة عامة، لمرافقته لوالده في كثير من زياراته وجولاته التي كان يحث بها الناس للجهاد ، ويستنهض الهمم ، حتى صار مثالاً صادقاً للتضحية في سبيل الوطن الواحد.
عمل الشيخ تركي على دعم الثوار في سوريا وفلسطين ، وجعل من ناحيته موطناً آمناً للثوار والمناضلين الذين يلجأون إليه، كلما استفحل بطش الفرنسيين، فيستجمعون قواهم ويعيدون الكرة تلو الأخرى ، حتى انه لجأ إلى شمال الأردن، خلال ثورة جبل العرب الثانية ما يزيد على سبعة آلاف مقاتل ، تم تامينهم ودعم صمودهم ، ومن أبرز من لجأ المجاهد أحمد مريود وجماعته الذين آخاهم الشيخ تركي مع أبناء الناحية ، وكذلك سلطان باشا الأطرش وغيرهم الكثير ، وقام بدعم المجاهدين في سوريا من خلال المشاركة بقوات من القرى والبوادي الادرنية التي قادها عدد من وجهاء البلاد ، وقد حققت هذه القوات نتائج لافتة ، وكبّدت الفرنسيين خسائر كبيرة ، حتى انها تمكنت من الاستيلاء على قطار يحمل مؤن وأسلحة للفرنسسن بعد معركة حاسمة ، وبذلك كانت المشاركة في ثورة حوران فاعلة وملموسة، خاصة في اعقاب اغتيال عدد من اعضاء الحكومة المواليه لفرنسا، و محاولة اغتيال القائد الفرنسي ''غورو''.
لقد كان للشيخ تركي دوراً مؤثراً عند تشكيل حكومة اربد المحلية ، بعد أن عانت المنطقة من فراغ سياسي بعد سقوط دمشق ، وأخذت هذه الحكومة على عاتقها دعم المناضلين من جهة ، وتوحيد حكومات شرق الأردن في مواجهة الأطماع البريطانية من جهة أخرى ، وقد بقيت الحكومات عاجزة عن القيام بما هو مطلوب لغياب المؤسسة المركزية ، وشح الإمكانيات المادية والخبرات البشرية، مما أكد الحاجة لوجود قائد من أبناء الشريف الحسين بن علي لقيادة البـلاد ولم شملها ، فجاء الأمير عبد الله إلى معان التي قدم منها إلى عمان وجعلها عاصمة الدولة الجديدة (إمارة شرق الأردن) ، وتم تشكيل نواة الجيش العربي لدعم المجاهدين وتأمين قاعدة للمناضلين وأحرار العرب في سبيل تحقيق الحرية والوحدة.
خاض الشيخ تركي تجاربه السياسية بحكم توجهاته القومية ، وجهوده النضالية القائمة على توجه قومي سياسي ، فقد خاض تجارب حزبية كحزب الاستقلال وحزب اللجنة التنفيذية المنبثق عن المؤتمر الوطني ومن ثم حزب الشعب ، وقد تأثر الشيخ تركي الكايد العبيدات بأفكار حزب البعث العربي لكنه لم ينتسب له، رغم أن عدداً كبير من شباب المنطقه انتسب له في تلك المرحلة المشبعة بالتوجهات القومية .(المصدر السابق) وقد برزت المعارضة الأردنية في أعقاب توقيع المعاهدة الاردنية البريطانية ، وذلك من خلال المؤتمر الوطني العام الذي شارك فيه تركي عبيدات مع عدد كبير من رجالات البلاد ، ومن ثم ساهم الشيخ تركي بتأسيس حزب الشعب الأردني ، وقد انضم للحزب نخبة من الشخصيات الوطنية ، لكن الحزب حظر بقرار حكومي لخروجه عن أهدافه التي تم الموافقة على أساسها، وتم ملاحقة منتسبيه فالتجأ تركي عبيدات إلى دمشق عام 1947م ، لكنه سرعان ما عاد للوطن ، وقد منحه أمير البلاد لقب باشا ، لكن الأحداث توالت ، وكانت الاردن تتعرض لضغوطات كبيرة احتاجت معها إلى تأمين الجبهة الداخلية ، وقد أدى حمل بعض ابناء قرية كفر سوم السلاح بوجه الجيش فيما عرف ( بقضية كفرسوم) إلى حدوث المواجهة حيث تم القاء القبض على معظمهم، والضغط على عدد من وجهاء المنطقة ، فغادر الشيخ تركي البلاد سراً باتجاه سوريا عام 1958م وأقام فيها حتى العام 1964م ، حيث صدر العفو الملكي العام.
لقد شكلت حياة المناضل الشيخ تركي كايد العبيدات سجلاً حافلاً بالاحادث والمعارك ، والتواصل مع القرى الحورانية للمعاضدة ورص الصفوف ، قابضاً بذلك على عهد الكفاح الذي قطعه لوالده شيخ الشهداء على ثرى فلسطين ، ومؤكداً من خلال ما قام به من واجب وزعامة على الدور الكبير الذي قامت به قرى وبلدات شمال الاردن في القتال ضـد الفرنسيين ، وخوض غمار الثورات المتتالية ، فما قام به تركي العبيدات الاّ واقع تعددت صوره عند عدد كبير من رجالات الأردن.
توفي الشيخ تركي كايد العبيدات عام 1975م وهو ممسك بحبل الولاء للوطن الكبير حتى قضى نحبه ، تاركاً بصمته الواضحة على مرحلة زاخرة بالاحداث والانكسارات ، لكنه غادر بشموخ الفرسان النبلاء ، وبقي في الذاكرة مناضلاً عربياً لم تلن قناته. | |
|
أسماء
| | موضوع: رد: الشيخ تركي العبيدات.. شيخ من زمن الفرسان 1/12/2010, 19:30 | |
| | |
|
theredrose
| | موضوع: رد: الشيخ تركي العبيدات.. شيخ من زمن الفرسان 1/12/2010, 21:15 | |
| | |
|
