theredrose
 |  موضوع: ضيف الله الحمود.. الإخلاص والتميز وجهان لرجل واحد  1/12/2010, 07:07 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كتنز الذاكرة الوطنية بعدد كبير من الرجالات، الذين تفردوا بالتميز والإخلاص، وحملوا على أكتافهم أعباء مراحل متلاحقة من بناء الدولة الحديثة، التي واجهت مصاعب متعددة وتحديات قاسية، لكنها لم تفت في عضد أبناء الأردن، أو تنل من عزم قيادته الهاشمية الرشيدة، ويعد الأردن مصنعاً للرجال، الذين ما نكثوا عهداً ولا تنكروا لموقف، فكانوا السياج الحقيقي للوطن، والحماة الذين حفظوا لنا هذه الأرض الطيبة، وأخلصوا للقيادة التاريخية، فتجاوز الوطن حدود المتوقع، فكأنما غدا حلماً نمى في خيال شاعر.
كانت المدن والبلدات الأردنية في أواخر الحقبة العثمانية، تشهد تحولات كبيرة، وتسهم في مجريات الأحداث الجهود المنافحة عن العرب وحريتهم، وقد شهدت بلدات وقرى شمال الأردن في تلك الفترة، حراكاً سياسياً واجتماعياً ناشطاً، واكب ما يجري في حواضر المنطقة في دمشق وبيروت والحجاز، وتعد مدينة اربد النابتة على أطراف سهل حوران بوابة لهذا الحراك، وفي قرية النعيمة القريبة من اربد، ولد ضيف الله الحمود، عام 1914م، أي مع بدايات الحرب العالمية الأولى، تلك الحرب التي انتهت بالقضاء على المشروع العربي، ونضاله خلال السنوات السابقة واللاحقة أيضاً، وكان جده الشيخ محمد الحمود شيخ ناحية بني عبيد، حيث حظي بمكانة مرموقة، نظراً لزعامته العشائرية، وعمله الدائم في خدمة أهله وناسه، حتى أنه كان أول رئيس لبلدية اربد خلال الفترة بين 1881- 1890م.
وعندما تم تشكيل الحكومات المحلية أصبح وزيراً رغم أن هذه التجربة لم تستمر طويلاً، وقد استضاف القائد التركي مصطفى أتاتورك في منزله مدة أربعة أيام في أواخر الحرب العالمية، وتقديراً له منحه القائد التركي فيما بعد أربعة أوسمة رفيعة.
نشأ ضيف الله الحمود في بلدة أيدون، وهو الذي ولدته أمه في بيت جده لأمه، أي بيت خاله الشيخ سالم باشا الهنداوي، لكي تحصل على رعاية والدتها وشقيقاتها، أما والده الذي كان مزارعاً وتاجراً، فقد كان يصطحبه معه في جولاته التجارية مما أكسبه خبرات حياتية مبكرة، بدأ ضيف الله دروسه الأولى في التعليم، من خلال التحاقه بالكتّاب، حيث تعلم فيه القراءة والكتابة وبعض المعارف البسيطة، بعد ذلك انتقل لدراسة في مدرسة اربد، وعندما وصل إلى المرحلة الثانوية، التحق بمدرسة السلط الثانوية، التي كانت الثانوية الوحيدة في الفترة المبكرة من عمر الدولة، فقد حصل على الثانوية العامة عام 1932م، ومكنته هذه الشهادة من العمل مدرساً في مدارس وزارة المعارف لمدة ثماني سنوات، وخلال هذه الفترة كان يعمل في مزرعة والده في منطقة جبال عجلون، وقد قاده حب الزراعة لدراسة هذا العلم بالتحاقه بالدورة التعليمة التي أقيمت في سهل البقاع اللبناني، وكان من زملائه في هذه الدورة كل من الأديب يعقوب العودات، وراشد العوضي ومحمد أمين.
عمل ضيف الله الحمود في التجارة لمدة قصيرة، وذلك بعد أن تنقل بين مدن وقرى الشمال مدرساً، قرر بعدها إكمال دراسته الجامعية، فسافر إلى دمشق والتحق بجامعتها، واختار دراسة الحقوق، وهناك زامل وصادق عدد من الشباب الأردني، الذين أصبح لهم شأن كبير في الدولة فيما بعد، منهم هزاع المجالي، شكري صوالحة، محمد نزال العرموطي وعبد الله عربيات.
شهدت الجامعة نشاطاً سياسياً قومياً، كان نتيجة طبيعية لما تتعرض له المنطقة من استعمار وتعدي، ومؤامرات كبرى، وقد كان ضيف الله ناشطاً في هذا المجال، وقد دخل وعيه السياسي مرحلة جديدة، من خلال دراسته، ومعارفة، وإطلاعه الواسع على ما يجرى على الساحة العربية، وقد ساهم مع الدكتور صبحي أبو غنيمة، في تأسيس حركة طلابية معارضة، كانت جامعة دمشق ساحتها الأولى، تخرج في الجامعة السورية حاصلاً بكالوريوس الحقوق عام 1946م، عاد بعدها إلى الأردن، حيث عمل في المحاماة لفترة من الزمن، وقد دخل بعد ذلك في سلك القضاء، واستمر في القضاء حتى عام 1954م.
أغرم ضيف الله الحمود بالصحافة منذ صغره، عندما كان يقرأ كل ما وقع تحت نظره من صحافة في تلك الفترة، فلقد تعاون مع صديقه المقرب شفيق ارشيدت في إصدار جريدة « الميثاق « عام 1949م، التي تعد معارضة لبعض توجهات الحكومة، وكان ضيف الله المحرر المسؤول في الجريدة، وقد خاض انتخابات المجلس النيابي الرابع عام 1954م، وحقق فوزاً مستحقاً بحصوله على أعلى الأصوات، وأصبح عضواً في مجلس النواب، وكان النواب الناشطين الذين امتلكوا منهجاً واضحاً ورؤية مستبصرة، هاجسها خدمة الوطن بأفضل صورة، وفاز أيضاً بانتخابات المجلس النيابي السادس عام 1967م، وبعد تجربته النيابية الناجحة، اختير عضواً في مجلس الأعيان لدورتين الأولى كانت عام 1962 ، بعد تجربته النيابية الأولى، والثانية عام 1979م، وقد أكد ذلك ما تمتع به من مكانة اجتماعية وسياسية كبيرتين.
أصبح ضيف الله الحمود وزيراً عندما دخل الحكومة عام 1954م، حيث أختير وزيراً للمواصلات والطيران – البرق والبريد والهاتف- بعد خروجه من الحكومة عاد للعمل في المحاماة، لكنه سرعان ما دعي للمشاركة في حكومة سمير الرفاعي، حيث اسندت إليه حقيبة وزارة المعارف – وزارة التربية والتعليم - ووزارة الزراعة عام 1956م، وأصبح وزيراً للداخلية عام 1968م في حكومة بهجت التلهوني، وقد شغل الحمود مناصب أخرى خلال حياته العملية، حيث عين أميناً للعاصمة عام 1957م، بعد ذلك أصبح أول وآخر من جمع منصبي أمين العاصمة ومحافظ العاصمة في الوقت نفسه، وذلك عام 1960م، وقد شغل منصب محافظ العاصمة للمرة الثانية عام 1966م.
لم يتخل ضيف الله الحمود عن شغفه بالصحافة، ففي عام 1964م عمل على إصدار صحيفة أسبوعية باسم « الصحفي « وقد استمر صدور هذه الجريدة حتى عام 1997م، وقد تميزت بصبغتها المحلية، ومحافظتها على التسميات والألفاظ الأردنية الحلية، عمل الحمود طوال حياته على إصلاح ذات البين، وخدمة الناس، وقد عرف عنه إتباع سياسة الباب المفتوح في عمله مهما كان المنصب الذي يشغله، وقد تأثر بأسلوبه كل من زامله وتعامل معه، فكان محبوباً وقريباً من الناس، وتميز بالإخلاص والتفاني في العمل، ونظافة يده التي شهد عليها جميع من عمل معه، وكان إدارياً مبتكراً، ينحاز للأفكار الجديدة، وقد قدم كثيراً من الأفكار والخطط، التي كانت مستغربة حينها، لكنها عندما نفذت بعد سنوات، حققت نجاحاً لافتاً.
من الأعمال الرائدة التي بادر لإقامتها، مكتبة أمانة العاصمة، تحديد موقع المدينة الرياضية، وموقع الجامعة الأردنية، وكان صاحب فكرة بناء الجسور بين بعض جبال عمان، كجبل الحسين وجبل اللويبدة، وجسر عبدون المعلق تعود فكرته الأولى له منذ عقود، وقام بشق الشوارع في المنحدرات الصعبة، لخدمة الأحياء الجديدة في الأشرفية وجبل التاج والجوفة، متحدياً قلة الإمكانيات والصعوبات الهندسية، وكان صاحب فكرة أنشاء مجمع العبدلي للحافلات وسيارات الأجرة، وعلى مساحة (28) دنماً.
ترك ضيف الله الحمود بصمات واضحة في بناء المرافق الحيوية في العاصمة عمان، ويعد التخطيط العمراني اركيزة الأساسية التي قام عليها المخطط العمراني الشامل لمدينة عمان اليوم، وقد راوده حلم بناء بحيرة صناعية في وادي عبدون، من أجل ايجاد رئة طبيعية وسياحية في وسط عمان الحديثة، وعندما أحيل على التقاعد، غادر العمل الرسمي، وهو في قمة العطاء والتميز، نظيف اليد تغمر نفسه علامات الرضا، محتفظاً بسمعة طيبة أكدت على مكانته كرجل دولة، وظل حاضراً في الذاكرة، تزداد صورته بهاءً ولمعاناً مع مرور الأيام، وقد غادرنا إلى الحياة الآخرة عام 2001م، وكان الحزن بفقده كبيراً، لا يعوضه غير ذكره الطيب ومنجزه الباقي شاهداً على إخلاصه وتفنيه اللافتين. | |
|
أسماء
| | موضوع: رد: ضيف الله الحمود.. الإخلاص والتميز وجهان لرجل واحد 1/12/2010, 20:09 | |
| | |
|
theredrose
| | موضوع: رد: ضيف الله الحمود.. الإخلاص والتميز وجهان لرجل واحد 2/12/2010, 22:08 | |
| | |
|
