كثير منا يجهل أن أعظم الاكتشافات في أجل فروع الطب هي من ابتكار علماء الغرب بينما العكس هو الصحيح.. سنسرد هنا نزرا يسيرا عن أحد أعظم علماء المسلمين و الذي كان يعرف بأبي الجراحة و هو أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي (936 – 1013م) و عرف بالزهراوي نسبة إلى مدينة الزهراء الأندلسية .. ألف موسوعة طبية ضخمة تعرف باسم كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف. كانت موسوعته مرجعا أسياسيا للعلوم الطبية في جامعات أوربا خلال العصور الوسطى في وقت كانت فيه أوروبا تخضع لقرارات الكنيسة التي تُحرِّم تدريس الجراحة في مدارس الطب ، ولهذا أجمع مؤرخو الطب العربي من الأوروبيين بأن للعرب وحدهم وعلى رأسهم الزهراوي الفضل الأول في تطور الجراحة بمفهومها الجديد.
وقد قسّم الزهراوي موسوعته إلى ثلاثة أقسام تتضمَّن ثلاثين باباً القسم الأول: للأمراض والتشريح. القسم الثاني: للأدوية والعقاقير وأفرد منه مقالة للمقاييس والمكاييل ومقالة للتغذية وأخرى للزينة. القسم الثالث: خصّه للجراحة وفنونها و التي كانت تعرف بصناعة اليد كما كان يطلق عليها في ذلك العصر
و قد اهتم الطبيب الجليل بأخلاقيات المهنة و دعا إلى أهمية وجود علاقة إيجابية بين الطبيب والمريض, كما شدد على أهمية معالجة المريض بصرف النظر عن حالته الاجتماعية,و شجع على مراقبة الحالات الحرجة مراقبة مشددة و إعطائها عناية خاصة و الذي يعرف اليوم بالعناية المركزة .
من الممتع جداً لكل العاملين في المجال الطبي الإطلاع على صور الآلات الجراحية التي استنبطها للعمل بها في عملياته، مع وصف دقيق لكيفية استعمالاتها وطرق تصنيعها، وإليه يعود اختراع منظار المهبل المستخدم حالياً في الفحص النسائي، كذلك رسم صوراً للحقن المعدنية التي استعملها لإدخال الأدوية إلى المثانة، وأجهزة الاستنشاق، وجبائر الأذرع، وملاعق خاصة لخفض اللسان وفحص الفم، كما ابتكر مقاشط وكلاليب خاصة مع الشروحات اللازمة لمكان وطرق استخدامها
ذكر الزهراوي طرق التخدير التي استعملها في عملياته الجراحية، وذلك بواسطة الإسفنجة المخدرة * كذلك يذكر طرق التعقيم للأدوات الجراحية وتطهير الجروح والضمادات بطرق لا تختلف أبداً عن مبادئ الطب الحديث