الفراشة واحدة من أجمل الحشرات قاطبة، ولذا فُتن الناس بجمال أجنحتها الرقيقة ذات الألوان الجذابة. وكان جمال هذه الفراشة مصدرًا من مصادر إلهام الفنانين والشعراء، واستحوذت هذه الحشرة الجميلة على مساحة واسعة في المعتقدات الدينية عند بعض الشعوب القديمة، حيث كان قدماء الإغريق يعتقدون أن الروح تغادر الجسد بعد الموت، على شكل فراشة، ولذا كانوا يرمزون للروح بفتاة لها أجنحة فراشة تسمى بسيشه.
تعيش الفراشات في كل أنحاء العالم، ولكن أكثر الأنواع توجد في الغابات المدارية المطيرة. وتعيش أنواع أخرى من الفراشات في الحقول والغابات كما يعيش بعضها على قمم الجبال الباردة والبعض الآخر في الصحاري الحارة. ويهاجر كثير من الفراشات لمسافات طويلة لقضاء الشتاء في المناطق الدافئة.
يوجد نحو 20,000 نوع من الفراشات، أكبرها فراشة جناح طائر الملكة ألكسندرا، التي تعيش في بابوا غينيا الجديدة، ويبلغ طول جناحيها 28سم. ومن أصغر الفراشات، الفراشة القزمة الزرقاء الغربية التي تعيش في قارة أمريكا الشمالية، ويبلغ مدى جناحيها ما يقرب من سنتيمتر واحد. وتتلون الفراشات بكل ما يمكن تخيله من الألوان؛ فقد تكون ذات ألوان زاهية أو باهتة أو براقة ومنسقة، وبأنماط خيالية باهرة.
وتُكوِّن الفراشات والعُثَّات معا مجموعة من الحشرات تُسمى: حرشفيات الأجنحة، ويشير الاسم إلى وجود حراشف ذُرُورية تغطي الجناحين في كل من الفراشات والعثات. ولكن الفراشات تختلف عن العثات في العديد من الصفات المهمّة التي من بينها: 1- تنشط معظم الفراشات نهارًا بينما تنشط معظم العثات عند الغسق أو بالليل. 2- يوجد لدى معظم الفراشات عقد في النهاية الطرفية لكل من قرني الاستشعار. أما قرنا الاستشعار في العثة فليس بهما مثل هذه العقدة 3-لمعظم الفراشات جسم نحيل غير مغطَّى بالشعر، أما معظم العثات فذات أجسام ممتلئة، ومغطاة بما يشبه الفرو 4- تخلد معظم الفراشات للراحة وأجنحتها منتصبة أعلى الجسم بينما ترتاح معظم العثات وأجنحتها منبسطة.
تبدأ الفراشة حياتها بيضة صغيرة جدا، ثم تفقس لتخرج منها يرقة اليسروع التي تقضي معظم وقتها في الأكل والنمو ولكن جلدها لا ينمو، ومن ثم فعليها أن تخلعه، وتجدِّده بجلد أكبر حجمًا من سابقه. وبعد أن يكرِّر اليسروع هذه العملية عدة مرات، فإنه يبلغ أقصى حجم له، فيتحول إلى شرنقة أو قشرة واقية. وتجري داخل الشرنقة تغيرات محيرة، إذ تتحول اليرقة الدودية الشكل إلى فراشة جميلة المنظر، ثم تنشق القشرة فينفتح الطريق أمام الفراشة اليافعة، فتخرج منها. وفور خروجها تفرد أجنحتها وتطير باحثة عن الأليف بغرض التناسل والتكاثر وإنتاج جيل آخر من الفراشات.
وليساريع الفراشات أجزاء فم قارضة تستخدمها في قضم أوراق النباتات، والأجزاء الأخرى للنباتات، ولذا تعد بعض اليساريع من الآفات، لأنها تدمر المحاصيل. وأكثر تلك الآفات هو يسروع فراشة الكرنب البيضاء، الذي يتغذى بمحاصيل الكرنب، والقرنبيط، والنباتات الأخرى القريبة الصلة من الكرنب.
أما الفراشات المكتملة النمو فلديها أجزاء فم ماصة، وتتغذى برحيق الأزهار. ولذا فهي ليست ضارة بالمحاصيل بل هي على نقيض ذلك نافعة حيث إنها تساعد على تلقيح الأزهار، إذ تلتصق حبوب اللقاح بجسمها عند وقوفها على الأزهار لامتصاص الرحيق. وتنتقل حبوب اللقاح إلى زهرة أخرى تغشاها الفراشة نفسها لأخذ الرحيق منها.
أنواع الفراشات
صنف العلماء آلاف الأنواع من الفراشات إلى فصائل تبعا للتراكيب الجسدية المتنوعة التي يشيع وجودها في تلك الحشرات. وتشمل الفصائل الرئيسية منها الأنواع التسعة الآتية: 1- الواثبات 2- الزرقاوات والنحاسيات والمخططات 3- ذوات الأقدام الفُرْشِيّة 4- الكبريتيات والبيضاوات 5- ذوات العلامات المعدنية 6- الساطيرات وحور الغاب 7- الفراشات خطافية الذيل 8- فراشات الصّقلاب 9- الفراشات ذوات الخُطُم.
الواثبـــــــات
الواثبات. مجموعة من الفراشات تختلف عما عداها من المجموعات بنقطتين رئيسيتين؛ ولذا قام العلماء بتقسيمها منفصلة عن الفراشات الحقيقية. أ - أجسام الواثبات ممتلئة شَعْراء ولذا فهي تشبه إلى حد كبير العثات أكثر مما تشبه الفراشات. ب- الأطراف النهائية لقرون استشعارها خطافية على غير ما هو معروف لدى الفراشات.
ويوجد ما يقرب من 3,500 صنف من الواثبات، تعيش أنواع مختلفة منها في كل أجزاء العالم، باستثناء المناطق القطبية. وأخذت الواثبات اسمها العام من الطريقة التي تثب بها مسرعة ومندفعة أثناءالطيران. وتتدرج ألوان الواثبات من البني البرتقالي إلى البُـنِّي القاتم. وفي حالات كثيرة تنتشر في هذه الألوان علامات صفراء وبيضاء، وهناك أنواع مدارية كثيرة تتميز بأحجامها الكبيرة وألوانها القزحية؛ أي التي تكتسب لون قوس قُزح بسبب الانعكاسات الضوئية. وتضم الواثبات تلك الأنواع الموجودة في الأراضي العشبية حيث تعيش يساريعها محتجبة في أعشاش تشبه نسيج العنكبوت. كما توجد أيضًا واثبات العالم الجديد العملاقة التي تنخر يساريعها في سوق نباتات الصحراء مثل الصبار الأمريكي ونبات اليُكَّة الزنبقي
الزرقاوات والنحاسيات والمخططات
الزرقاوات والنحاسيات والمخططات. يوجد من هذه المجموعة نحو 4,000 نوع في جميع أنحاء العالم. وهي تعيش في كل البيئات تقريبا، وبما أنها فراشات صغيرة الجسم فإن أسماءها تعبر عن أشكالها. فالزرقاوات لها ألوان زرقاء لامعة، أو ألوان بنفسجية، والنحاسيات ذوات ألوان حمراء برتقالية زاهية، وأغلب أنواع خيطيات الشعر لها ذيل شَعْري الشكل على كلا الجناحين الخلفيين. ويمتلك عدد من الزرقاوات والنحاسيات مثل هذه الذيول أيضًا.
وتقوم يساريع بعض أنواع الزرقاوات والنحاسيات وخيطيات الشعر بإنتاج سائل حلو المذاق يُسمى العسل النّديّ. وتقوم أنواع معينة من النمل بامتصاص العسل الندي من تلك اليساريع، وفي الوقت نفسه توفر لها الحماية من الأعداء
ذوات الأقدام الفُرْشِيّة. يوجد من هذه المجموعة ما يقرب من 3,500 نوع تعيش في كل مكان بالعالم فيما عدا القمم الثلجية القطبية والصحاري شديدة الجفاف. ولهذه الحشرات أرجل أمامية قصيرة تُسمى الأقدام الفُرشية تحتوي على أعضاء تساعد الحشرات في تحديد موضع الغذاء. ولمعظم ذوات الأقدام الفرشية ألوان براقة توجد على السطح العلوي للجناح، وألوان داكنة على سطحه السفلي. وعندما تضم فراشة من ذوات الأقدام الفرشية أجنحتها، فإن السطح القاتم يساعد تلك الحشرة على التكيف مع لون البيئة المحيطة بها. وتضم ذوات الأقدام الفرشية حشرات صغيرة كالأهلّة وأخرى كبيرة كالمبرقشات. وينتمي لهذه الفصيلة بعض من الفراشات المعروفة جدا مثل نائب الملك و الأدميرال الأحمر وجمال كامبرويل والباشا ذو الذيلين.
الكبريتيات والبيضاوات
الكبريتيات والبيضاوات. تشمل فصيلة تحتوي على ما يقرب من 1,000 نوع تقريبا. وتوجد في جميع أنحاء العالم ولكن يعيش معظمها في المناطق المدارية. ويتدرج اللون في الكبريتيات من الأصفر الفاقع إلى البرتقالي. وقد اشتق اسم الكبريتيات من اللون الأصفر المعدني الذروري. وأجنحة معظم الكبريتيات ذات حواف سوداء، بينما حواف أجنحة الفراشات برتقالية الأطراف.
وللبيضاوات أجنحة بيضاء، وقد تنتشر عليها بقع حُمر أو صُفر أو سود أو بنية اللون. وأكثر البيضاوات شيوعا فراشة الكرنب البيضاء التي يمثل يسروعها أخطر الآفات الزراعية.
ذوات العلامات المعدنية
ذوات العلامات المعدنية. فصيلة تحتوي على ما يقرب من 1,000 نوع تقريبا منتشرة في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في قارة أمريكا الجنوبية. وقد اشتق اسمها من العلامات المعدنية الموجودة على أجنحة معظم الأنواع. وذوات العلامات المعدنية المدارية فراشات ذات تراكيب وأشكال لونية تفوق الخيال. وتتفاوت ألوان ذوات العلامات التي تعيش في أمريكا الشمالية بما فيها الفراشة ذات العلامات المعدنية؛ والفراشة ذات العلامات المعدنية الصغيرة، من اللون الأحمر البني الفاقع إلى البني الغامق.
الساطيرات وحور الغاب
الساطيرات وحور الغاب. تضم ما يقرب من 800 نوع تقريبا، يعيش معظمها في المناطق المدارية، وبعضها في المناطق الجبلية العالية، وفي المناطق القطبية. ولدى فراشات هذه المجموعة أرجل أمامية قصيرة، وتطير على ارتفاعات منخفضة قريبًا من الأرض. ولدى معظمها أجنحة بنية منقّطة تعرف بالبقع العينية (وهي علامات تشبه العيون). وأسماء العديد من هذه الأنواع، بما فيها ذوات العيون اللؤلؤية والرمادية، فيها إشارة إلى جمال البقع العينية.
الخطافيات
خطافية الذيل. تحتوي هذه المجموعة على ما يقرب من 600 نوع من الفراشات منتشرة في كل أنحاء العالم، ولكن يوجد معظم الأنواع في المناطق المدارية. والفراشات خطافية الذيل من أكبر وأجمل الفراشات في العالم. وهي تشمل جناح طائر الملكة ألكسندرا أضخم الفراشات في العالم، وكذلك الفراشة الإفريقية خطافية الذيل العملاقة التي يصل مدى جناحيها إلى 25سم. ويوجد في الجناح الخلفي لمعظم الفراشات خطافية الذيل امتداد خلفي طويل. وقد اشتقت تسمية خطافية الذيل هذه من تلك الامتدادات التي تشبه ذيول بعض طيور السنونو.
ومعظم الفراشات خطافية الذيل سوداء أو بنية أو صفراء، ويوجد على أجنحتها الخلفية بُقع حمراء أو زرقاء. أما مجموعة أبوللو أو الشعريات فذات أجنحة بيضاء أو قشدية اللون، وتتخللها بقع حمراء أو سوداء، وليس لها ذيول.
فراشات الصقلاب
فراشات الصُّقْلاب. يبلغ عدد هذه المجموعة ما يقرب من 200 نوع. وهي فراشات كبيرة بطيئة الطيران، وذات أرجل أمامية قصيرة جدا وتتفاوت ألوانها من البرتقالي إلى البني. وأجنحتها ذات عروق وحواف سوداء ولديها بقع بيضاء. ولكن بعض الأنواع الإفريقية والآسيوية إما زرقاء، أو بنفسجية، أو بيضاء ولكنها ذات علامات بنية. وتتغذى يساريع هذه الفصيلة بنباتات الصقلاب.
تشمل فراشات الصُّقلاب الفراشة الملكية الشهيرة التي تعيش في أمريكا الشمالية. وهي واحدة من أعظم الرحالة في الطبيعة، حيث انتقلت عبر المحيط الهادئ في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلى أن وصلت قارة أستراليا، حيث تسمى الجوّال. وتتغذى يساريعها بعصارة نباتات الصقلاب السامة للحيوانات الأخرى. وتحذر ألوان اليساريع والحشرة الكاملة، البرتقالية والسوداء الجميلة، الحيوانات المفترسة لأنها ذا ت طعم غير مستساغ.
الفراشات ذوات الخطْــم
الفراشات ذوات الخطْم. فصيلة صغيرة تضم 17 نوعاً يعيش معظمها في المناطق المدارية. وسُميت كذلك نسبة لأجزاء فمها الطويلة الشبيهة بالمنقار.
أجسام الفراشات
تشارك الفراشات بقية الحشرات في خصائص جسدية معينة، مثل الهيكل الخارجي الصلب الذي يدعم الجسم ويحمي الأعضاء الداخلية. وأجسام الفراشات مثلها مثل أجسام بقية الحشرات، مقسمة إلى ثلاث مناطق هي: 1- الرأس 2- الصدر 3- البطن.
الرأس. مركز الإحساس لأنه يحمل كلاً من: 1-العينين 2- قرني الاستشعار 3- أجزاء الفم.
العينان. للفراشة عينان مركبتان على جانبي الرأس. وتتكون العين من آلاف العديسات الصغيرة، حيث تمكن كل عديسة الحشرة من رؤية جانب واحد من الوسط الموجودة فيه. ويجمع الدماغ الصور المختلفة التي تراها العديسات في صورة واحدة.
قرنا الاستشعار زوج من القرون الطويلة النحيلة، ينموان بين العينين المُركَّبتين. وهما عضوا الشم تستعملهما الفراشة لتحديد مكان الطعام وللعثور على الأليف، وربما يعملان كذلك كعضوي سمع ولمس.
أجزاء الفم. ليسروع الفراشات أجزاء فم قارضة، تتكون من شفتين، وزوجين من الفكوك. ويُعاد ترتيب تلك التراكيب عندما يتحول اليسروع إلى فراشة كاملة، حيث يختفي تقريبا أحد زوجيّ الفكوك. أما الزوج الآخر فيتحول إلى أنبوب طويل ماص يُسمى الخرطوم، ينطوي على نفسه عند عدم الاستعمال، بينما تكوّن الشَّفتان غمداً لحماية الخرطوم.
وتستعمل الفراشة خرطومها لامتصاص الرحيق، وتساعدها على ذلك عضلات توجد في الرأس. وتسحب الرحيق إلى تجويف في الرأس، وعندها يغلق غطاء في مؤخرة الخرطوم فيمنع خروج الرحيق، بينما تدفع عضلات أخرى الرحيق إلى داخل معدة الفراشة.
الحراشف المتراكبة تغطي أجنحة الفراشة. وتمد الحراشف الأجنحة بلونها وشكلها، واللون الذي تتميز به . وتوضح الصورة الملتقطة عن قرب كيفية تراص الحراشف في الأجنحة.
الصدر. هو الجزء الأوسط من جسم الفراشة، ويربطه مع الرأس عنق قصير رقيق ويلتصق بالصدر كل من: 1- الأجنحة 2- الأرجل.
الأجنحة. للفراشة زوجان من الأجنحة، زوج أمامي وزوج خلفي. وتعمل شبكة من الأوعية تجري عبر الأجنحة، ومليئة بالهواء، كدعامات للأجنحة. والأجنحة صلبة قرب حوافها الأمامية، وقرب قواعدها، ولكن حوافها الخارجية مرنة، ولذا تنثني عند خفقها أثناء الطيران، مما يدفع الهواء إلى الخلف والفراشة إلى الأمام، بينما تمنح حواف الأجنحة الأمامية الارتفاع للحشرة أثناء طيرانها للأمام.
ولا يمكن للفراشات والعثات الطيران، إذا كانت درجة حرارة أجسامها أقل من 30°م. وحينما تكون درجات حرارة الهواء حولهما أقل من هذه الدرجة، يتعين على كل من الفراشات والعثات تسخين عضلات الطيران، إما بتعريض أجسامها للشمس، أو بهز أجنحتها هزاً متواصلاً، وبذلك تمتص عضلات الطيران الحرارة الكافية التي تجعل الطيران ممكنا.
يحدِّد كلٌّ من حجم الفراشة، وحجم أجنحتها الطريقة التي تطير بها. ففراشات الصقلاب والفراشات خطافية الذيل مثلاً، لها أجسام صغيرة وخفيفة، وأجنحة كبيرة. وتطير تلك الفراشات بخفق أجنحتها ببطء. وهي جيدة الانسياب في الهواء، ويمكنها الطيران لمسافات طويلة. ومن ناحية أخرى فإن الواثبات ذات أجسام كبيرة وثقيلة، وأجنحة صغيرة مدببة، مما يتعين عليها خفق أجنحتها بسرعة لتظل في الهواء. ولذا فإن الواثبات لا ترتفع عالياً ولا تتزلق بسلاسة في الهواء ولكنها تطير بسرعة لمسافات قصيرة.
وتغطي أجنحة الفراشة حراشف دقيقة مسطحة متداخلة فيما بينها. وهذه الحراشف مصدر الألوان والتشكيلات الرائعة الموجودة في أجنحة الفراشات. وتحتوي بعض الحراشف على الأصباغ (مواد تلوين) التي تعطي الألوان السوداء والبنية والحمراء والبيضاء والصفراء، بينما تنتج أنواع أخرى من الحراشف الألوان، بعكسها للضوء على أسطحها. ومن الألوان المعدنية البراقة التي تعكسها تلك الحراشف اللونان الأزرق والأخضر.
الأرجل. للفراشة ثلاثة أزواج من الأرجل، ولكل رجل خمسة مقاطع رئيسية، توصل بينها مفاصل تُمَكِّن الحشرة من تحريك أرجلها في مختلف الاتجاهات. وتنتهي كل رجل بزوج من المخالب وبوسادة شَعْرية. وتستعمل الحشرة المخالب في الإمساك بالأسطح ،بينما الشعيرات الموجودة على الوسائد، تستخدم أعضاء للتذوق. وللفراشات أرجل ضعيفة ولذا لا تستطيع السير إلا لمسافات قصيرة فقط.
والأرجل الأمامية قصيرة جدًا في بعض الأنواع. وهذه الأرجل الفُرشية لا تصلح للمشي، بينما أعضاء التذوق فيها جيدة. وتستطيع الفراشات فرشية الأرجل تمشيط أوراق النبات بأرجلها الفرشية لتحدد ما إذا كان هذا النبات مصدرًا جيدًا للغذاء أو مكانا مناسبًا لوضع بيضها.
البطن. تحتوي منطقة البطن في الفراشات على الأعضاء التناسلية، ويوجد بها كذلك أعضاء الجهاز الهضمي والإخراجي.
تشريح أحد أنواع الفراشات
الأعضاء الداخلية. تنقسم أعضاء الفراشة الداخلية إلى خمس مجموعات رئيسية هي 1- الجهاز الدوري 2- الجهاز العصبي 3- الجهاز التنفسي 4- الجهاز الهضمي 5- الجهاز التناسلي.
الجهاز الدوري يقوم بتوزيع الدم على جميع أجزاء الجسم بوساطة أنبوب طويل يقع مباشرة أسفل الهيكل الخارجي من جهة الظهر، ويمتد من الرأس إلى نهاية منطقة البطن. ويقع القلب، وهو الجزء الضاخ من الأنبوب في منطقة الصدر ويفرغ الدم من الأنبوب في منطقة الرأس، ومن ثم يغمر بقية الجسم. ويدخل الدم مرة أخرى إلى الأنبوب عبر فتحات صغيرة على جانبيه. ودم الفراشة إما أصفر أو أخضر، أو عديم اللون، ويحمل الغذاء إلى جميع خلايا الجسم، ولكنه لا يحمل إليها الأكسجين
الجهاز العصبي. يتكون الجهاز العصبي في الفراشات من الدماغ الذي يوجد في الرأس وحبلين عصبيين يمران عبر منطقتي الصدر والبطن من الناحية السفلى. وتتفرع الأعصاب على جميع أنحاء الجسم من عقد عصبية صغيرة، مكونة من خلايا عصبية موجودة على الحبلين العصبيين.
الجهاز التنفسي. يقوم بحمل الأكسجين وتوزيعه على خلايا الجسم المختلفة، ويأخذ منها ثاني أكسيد الكربون إلى خارج الجسم. ويدخل الأكسجين إلى الجسم عبر ثقوب دقيقة تسمى الثغور التنفسية، توجد على طول جانبي الجسم. ويتصل كل ثغر تنفسي مع شبكة أنبوبية تسمى القصبة الهوائية. وتتفرع القصبة الهوائية إلى جميع خلايا جسم الفراشة وبهذه الطريقة تحصل خلايا الجسم على الأكسجين من الهواء مباشرة وليس عن طريق الدم.
الجهاز الهضمي. أنبوب طويل، يمتد من فتحة الفم إلى فتحة الشرج الموجودة في نهاية منطقة البطن. ويمر الرحيق بعد امتصاصه بوساطة الخرطوم إلى المعى،حيث تُمتص منه الأجزاء المغذية وتمر بعد ذلك الفضلات المتبقية من خلال المعى الخلفي إلى خارج الجسم عبر فتحة الشرج.
الجهاز التناسلي. تتكاثر الفراشات تكاثرًا تناسليًا. وتنشأ الصغار عن طريق اتحاد النطفة (خلية الذكر التناسلية)، بالبيضة (خلية الأنثي التناسلية). ولأنثى الفراش زوج من الأعضاء تسمى المبايض تنمو فيها البيوض. ولذكر الفراش خصية واحدة تنتج النطاف، التي يوصلها أنبوب من الخصية إلى أنبوب آخر يفتح إلى خارج جسم الحشرة في نهاية منطقة البطن. ويضع الذكر نطافه في عضو في جسم الأنثى يسمى كيس السفاد، ثم يحملها أنبوب يسمى القناة المنوية إلى أنبوب آخر يسمى قناة البيض، حيث يتم الإخصاب.
دورة حياة الفراشات
كيف تختلف الفراشات عن العثات
تتمركز حياة الفراش المكتمل النمو حول التكاثر. وتبدأ دورة التكاثر بالمغازلة، التي يبحث فيها الفراش عن أليف. وإذا نجحت المغازلة يتم التزاوج.
وتستعمل الفراشات حاستي البصر والشم في البحث عن الأليف، ويصدر الذكر أو الأنثى إشارات من نوع خاص أو بترتيب خاص. فإذا أصدر فراش ما إشارات خاطئة، أو مجموعة من الإشارات بترتيب خاطئ، فلا يلقى استجابة قط.
وفي حالة المغازلة التي تعتمد على الإشارات البصرية يُظهر الفراش تشكيلات لونية معينة على أجنحته وبترتيب معين. ومعظم الإشارات البصرية تعتمد على انعكاس أشعة الضوء فوق البنفسجية من حراشف أجنحة الفراش. وهذه الإشارات لا تستطيع العين البشرية التقاطها، ولكن الفراشات تراها بوضوح. وتساعد هذه الإشارات البصرية الفراشات في التمييز بين الذكور والإناث، وبين الأنواع المختلفة.
ويتم قبول الفراش الذكر الذي يصدر رائحة مناسبة كأليف في الحال. وتأتي تلك الرائحة من مواد كيميائية طيّارة تسمى الفيرومونات، تفرزها حراشف معينة في الأجنحة. وقد يجذب الفيرومون الفراش من مسافة بعيدة.
ويموت ذكر الفراش غالبا بعد التزاوج بفترة وجيزة ثم تطير الأنثى بحثًا عن المكان المناسب لوضع بيضها. ويتم وضع البيض ـ عادة ـ بعد ساعات قليلة من التزاوج.
وتمر كل الفراشات خلال دورة حياتها بأربع مراحل هي: 1- البيضة 2- اليرقة 3- الخادرة 4- الحشرة الكاملة النمو. وتسمى هذه العملية التي تتم خلال مراحل عديدة التحوُّل.
دورة حياة الفراشة تمر الفراشة بأربع مراحل خــلال دورة حياتهـــا هي 1- البيضة 2- اليرقة أو اليســروع 3- الخــــــادرة 4- الحشرة الكاملة. ويطلق على هذا النوع من النمو التحول.
البيضة خضراء أو صفراء اللون، ويفقس بيض بعض الأنواع في أيام قليلة، بينما يستغرق بيض بعض الأنواع الأخرى عدة أشهر لكي يفقس.
مرحلة البيضة. يتباين بيض الفراشات كثيرا من حيث الحجم والشكل واللون. فبعض البيض دقيق، بحيث تصعب رؤيته بالعين المجردة، ويبلغ قطر أكبر البيض 2,5ملم. وقد يكون البيض مستديرا أو أسطوانيًا أو بأشكال أخرى، ويغلب على لونه الأخضر أو الأصفر، بينما لدى أنواع قليلة بيض برتقالي أو أحمر. وبعض البيض ناعم الملمس، والبعض الآخر ذو غضون وأخاديد.
وتضع معظم إناث الفراشات بيضها على النباتات التي تؤمّن لصغارها الغذاء الوفير. وقبل أن تضع البيض قد تتذوق أنثى الفراش النبات بوساطة أعضاء خاصة موجودة على أطراف أرجلها الأمامية، للتأكد من أنه مناسب كغذاء لصغارها. وقد تضع بعض إناث الفراش البيض قرب نبات ما، ويضع البعض الآخر بيضه بصورة عشوائية عند طيرانه. وبعد الفقس يجب على الصغار البحث عن الطعام بأنفسها. وتخصّب الأنثى البيض عند وضعه بالنطاف التي اختزنتها في جسمها بعد التزاوج. وبكل بيضة ثقب صغير تدخل عن طريقه النطفة. وقد تضع الأنثى ـ على حسب النوع ـ عشرات من البيض أو مجموعات من البيض تتكون من مئات البيض. وتساعد مادة تفرز مع البيض على إلصاقه بالنبات. ويفقس بيض بعض أنواع الفراشات في أيام قليلة، بينما يأخذ بيض أنواع أخرى عدة أشهر للفقس، فلا يفقس البيض الذي يوضع في الخريف إلا في الربيع
الطور اليرقي يمتدُّ أسبوعين أو أكثر ويأكل اليسروع خلال هذه الفترة أوراق النباتات وينمو سريعا، وبعد أن يصل إلى أقصى حجم له، وهو الموضح بالشكل، فإنه يكون مستعداً للتحول إلى طور الخادرة.
مرحلة اليرقة. تبدأ اليرقة أو اليسروع مهمتها الأساسية، ألا وهي التغذية، بعد خروجها من البيضة مباشرة. ووجبة اليسروع الأولى هي قشرة البيضة التي فقس منها، ثم بعد ذلك يبدأ في أكل أقرب طعام إليه. وتتغذى معظم اليساريع بالنباتات الخضراء. وقد يأكل الواحد منها ما يعادل وزنه عدة مرات في اليوم الواحد. ويختزن معظم هذا الطعام في جسمه ليؤمن الطاقة لمراحل نموه القادمة.
ومعظم اليساريع خضراء صلبة، أو بنية اللون ومنها تشكيلات كبيرة صفراء أو حمراء، أو ذات ألوان براقة أخرى. ولبعض اليساريع جلد ناعم، بينما لدى الكثير منها شعر منتصب كالأشواك أو النتوءات، أو عقد منتفخة، أو بقع عينية لونية. وكل هذه تساعد في حماية اليساريع من الأعداء بأن تجعل رؤيتها صعبة، وتجعل منظرها مخيفًا جدا، بحيث يخشاها الأعداء.
يتكون جسم اليسروع من 14 حلقة، وتحتوي الحلقة الأولى على الرأس الذي توجد به أجزاء الفم القارضة، وزوج من قرون الاستشعار القصيرة السميكة، والعيون التي تُكَوِّن صوراً وتساعد اليسروع على التمييز بين الضوء والظلام
يتكون جسم اليسروع من 14 حلقة، وتحتوي الحلقة الأولى على الرأس الذي توجد به أجزاء الفم القارضة، وزوج من قرون الاستشعار القصيرة السميكة، والعيون التي تُكَوِّن صوراً وتساعد اليسروع على التمييز بين الضوء والظلام.
اليسروع يبدأ في التغذية مباشرة بعد خروجه من البيضة والصورة تبين يسروعا حديث الفقس يأكل قشرة البيضة التي فقس منها.
تُكَوِّن الحلقات الثلاث التالية للرأس الصدر. وبكل حلقة من تلك الحلقات زوج من الأرجل القصيرة المنفصلة التي يوجد بها مخلب حاد في طرف كل منها. وتُكَوِّن الحلقات العشر الباقية منطقة البطن. ولمعظم اليساريع زوج من الأرجل الكاذبة تسمى الأرجل الأولية (زوائد الحمية) وتوجد على الحلقات السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة. وتوجد أشواك دقيقة في مؤخرة كل رجل أولية، ويوجد بالحلقة الأخيرة من الجسم زوج من الأرجل الأولية شبيهة بالمصاصات تسمى الأرجل الأولية الشرجية أو القابضات الشرجية. وتساعد تلك الأنواع من الأرجل اليسروع على التعلق بالنباتات وعلى الحركة من مكان إلى آخر.
ويوجد أسفل فم اليسروع نتوء قصير يسمى الغازلة، يخرج منه سائل لزج سرعان ما يتصلب مكوِّنا خيطاً حريرياً يعطي اليسروع نوعاً من الدعامة حيثما ذهب. وتتنفس اليرقة مثلها مثل الفراشة الكاملة عبر ثغور تنفسية توجد على جانبي جسمها.
تشريح يسروع الفراشة يتألف جسم اليسروع من 14 حلقة. تتألف الحلقة الأولى من الرأس، وتشكل الحلقات الثلاث التالية منطقة الصدر، كما تشكل العشر الباقية منطقة البطن.
وتدوم مرحلة اليرقة أسبوعين على الأقل ينمو خلالها اليسروع بسرعة، ولكن هيكله الخارجي لا ينمو معه. وحينما يضيق جسم اليسروع، ينشق بطول الظهر، وفي الوقت نفسه يتكون جُليْد جديد أسفل القديم. وهنا يخرج اليسروع من الجُليْد القديم. والهيكل الخارجي الجديد رخو، وبذلك تمدده اليرقة ليعطيها مساحة للنمو، ثم تبقى اليرقة ساكنة دون حراك لساعات قليلة ريثما يتصلب الهيكل الخارجي الجديد. وتنسلخ معظم اليساريع ـ أي تغير هيكلها الخارجي ـ أربع أو خمس مرات.
الخادرة متعلقة بفرع نباتي. وقد بدأت في تشكيل غلاف صلب لها ، تتمّ داخله عمليات تحول التراكيب اليرقية وتشكيل تراكيب الطور المكتمل النمو للفراشة.
مرحلة الخادرة. عندما يصل اليسروع إلى أكبر حجم له يستعد للدخول في مرحلة الخادرة. وتحضيرًا لهذه المرحلة تغزل يرقات معظم العثات شرانق حريرية حول نفسها بينما يغزل القليل من يرقات الفراشات الحقيقية هذه الشرانق. ولذا فإن يسروع الفراشة يبحث عن منطقة محمية وتكون عادة على غصن أو ورقة نبات عالية ـ ثم يفرز عليها سائلا لزجاً من مغزله سرعان ما يتصلب، مكونًا وسادة شبه حريرية، ثم ينشق الهيكل الخارجي قرب منطقة الرأس. وتخرج الخادرة من ذلك الشق، وعند سقوط الهيكل الخارجي من ذيل الخادرة تدفع الخادرة معلاقها (الكريماستر) الموجود في مؤخرة منطقة البطن، والمكون من العديد من المخالب في الوسادة شبه الحريرية المتعلقة بها. وهذه العملية بالغة الخطورة، فإن لم تمسك الخادرة بالوسادة شبه الحريرية بقوة كافية فإنها قد تسقط على الأرض وتموت.
تتعلق معظم الخادرات ورأسها إلى أسفل ممسكة بوساطة معاليقها فقط على الوسادة شبه الحريرية، بينما تتعلق خادرات أخرى ورأسها إلى أعلى. ولدى مثل هذه الخادرات دعامة أخرى من الخيط الحريري المغزول توجد حول منطقة صدر الخادرة، وحول الغصن أو ورقة النبات المتعلقة بها الخادرة.
وتكون الخادرة رخوة في البداية، ولكن ينمو حولها في الحال غلاف صلب. ولبعض الأغلفة أشكال غريبة وطُرُز لونية مختلفة. ويوجد في بعض الحالات لمعان ذهبي على أغلفة بعض الخادرات مما حدا بالعلماء إلى تسميتها باليرقانات.
وطور الخادرة طور ساكن ـ غالبًا ـ ولذا يسمى طور السكون. ولكن هذا الطور ليس كذلك دائمًا إذ يكون بداخل الغلاف كثير من النشاط؛ حيث تدمر تراكيب الطور اليرقي المختلفة ليعاد تكوين تراكيب الفراشة المكتملة النمو منها، ماعدا الأعضاء الداخلية التي تظل على حالها.
قد تمتد مرحلة الخادرة من عدة أيام إلى أكثر من عام على حسب نوع الفراشة، وعلى حسب الوقت الذي بدأ فيه تكوين طور الخادرة. وتُمضي كثير من الفراشات فترة الشتاء كخادرات، ثم تخرج في الربيع فراشات كاملة.
الفراشة الملكية حديثة التكوين تُخلّص نفسها من الغلاف كما هو موضح بالشكل. وبعد ساعة تقريبا من ترك هذا الغلاف، تكون الفراشة مستعدة للطيران.
مرحلة الحشرة الكاملة. عندما تتكون الفراشة الكاملة داخل الخادرة يفرز جسمها سائلا يخلصها من غلاف الخادرة، ثم ينتفخ صدر الفراشة الكاملة ليكسر غلاف الخادرة، ثم يخرج الرأس والصدر من الغلاف، وبعد ذلك تدفع الفراشة أرجلها إلى خارج الغلاف. وتسحب باقي جسمها من داخل الغلاف إلى الخارج، وقد لا تستغرق هذه العملية بالكامل سوى عدة دقائق.
وعند الخروج يكون هيكل الفراشة اليافعة رخواً وأجنحتها مبتلة منكمشة وخرطومها منقسمًا إلى قسمين طوليًا، ثم تستعمل الفراشة عضلاتها لتضخ الهواء والدم عبر جسمها وأجنحتها، ثم يتصلب هيكلها الخارجي، وتصير أرجلها وبقية أجزاء جسمها الأخرى صلبة، ثم تنبسط الأجنحة وتتمدد، ثم تُوصل جزئي خرطومها معًا بوساطة أرجلها الأمامية. وبعد مرور ساعة ـ تقريبا ـ من خروجها من الخادرة تكون الفراشة المكتملة النمو مستعدة للطيران.
تعيش معظم الفراشات أسبوعًا أو أسبوعين فقط، ولكن هناك أنواعًا أخرى قد تعيش ما يقرب من 18 شهرا. وتتغذى معظم الفراشات بالرحيق فقط. وهو يمنحها الطاقة سريعا، ولكنه لا يحتوي على البروتينات اللازمة لاستمرار الحياة، ولذا تحصل بعض الفراشات على البروتينات عن طريق التغذي بالمواد الحيوانية المتحللة السائلة، بينما تحصل أنواع أخرى على البروتينات من حبوب اللقاح التي تلتقطها عند امتصاصها للرحيق. وهناك أنواع من الفراشات لا تتغذى بأي شيء قط، بل تعتمد على ما اختزنته من غذاء أثناء الطور اليرقي.
كيف تحمي الفراشات أنفسها
التلوين الوقائي يساعد كثيرا من الفراشات على الهروب من أعدائها؛ فتصعب رؤية الفراشتين الموضحتين في الصورة وذلك لتلونهما بألوان وعلامات متمازجة مع ألوان وعلامات البيئة المحيطة بهما.
للفراشات أعداء كثر من الحشرات والطيور. وللهروب من هؤلاء تستخدم الفراشات وسائل عديدة للدفاع عن النفس. وتهرب كثير من الفراشات واليساريع من أعدائها عن طريق التكيف مع الوسط الذي تعيش فيه، ويسمى هذا النوع من الدفاع التلوين الوقائي. وقد تبدو الفراشات بلون قلف الأشجار أو بلون النباتات الأخرى، بينما تكون معظم اليساريع إما خضراء أو بنية. وتتكيف اليساريع مع النباتات التي تتغذى بها بينما تتلون بالبني مثل أوراق النباتات أو الأغصان الميتة.
وللعديد من الفراشات دفاعات كيميائية. ففي أنواع معينة من الفراشات وبخاصة خطافية الذيل يوجد لليسروع عضو يقع خلف الرأس مباشرة، يطلق رائحة كريهة حين ينزعج اليسروع. وتحصل بعض الفراشات على الحماية، سواء في الطور اليرقي أو في طور الحشرة الكاملة، لأن لها طعمًا غير مستساغ لدى أعدائها، وذلك لأن يرقات كثير من تلك الفراشات تأكل نباتات ذات عصارات مرة الطعم، أو سامة، وتتحرك تلك العصارات في أنسجة تلك الفراشات مما يجعلها ذات مذاق غير مرغوب لدى الأعداء. ولمعظم تلك الفراشات مثل الفراشة الملكة ويسروعها، ألوان زاهية تعلن للأعداء بأن طعمها غير مستساغ، ويسمى هذا النوع من الحماية التحذير اللوني. فالحيوان الذي التهم مثل تلك الفراشات من قبل يتجنب أكل واحدة أخرى لها نفس اللون.
وهنالك فراشات أخرى غير محمية تشبه الفراشات ذات الطعم غير المستساغ، ولا تستطيع الحيوانات المفترسة التمييز بينها وبين الفراشات ذات الطعم الرديء، ومن ثم تتجنب أكل أيٍّ منهما. ففي أمريكا الشمالية تشبه الفراشة نائبة الملك الفراشة الملكة في لونها، ولذا يتجنب الأعداء الفراشة نائبة الملك لأن طعم الفراشة الملكة غير مستساغ. وقد يشبه بعض الفراشات المحمية فراشات محمية أخرى. ونتيجة لهذا التشابه المتبادل تكتسب تلك الحشرات حماية مضاعفة.
السبات الشتوي والهجرة
لا تستطيع الفراشات أن تعيش حياة نشطة في الجو البارد، ولذا يتعين عليها إما السبات الشتوي أو الهجرة إلى مناطق دافئة.
السبات الشتوي. تخشى أنواع عديدة من الفراشات برد الشتاء القارس بالدخول في السبات الشتوي في أماكن محمية. وقد تُمضي الفراشة مرحلة السبات الشتوي في طور البيضة، أو اليرقة، أو الخادرة، أو في الطور اليافع. وعادة ما يمضي النوع المعين من الفراشات فترة السبات الشتوي في طور معين، وفي معظم الأنواع في طور الخادرة.
وقبيل الدخول في مرحلة السبات الشتوي، ينتج دم اليرقة، أو الخادرة، أو الطور اليافع ما يسمى بالجليكولات؛ وهي مواد ذات صلة بمانعات التجمد التي تستخدم في السيارات. ويعتقد العلماء أن إنتاج الجليكولات ربما يُحضَّر بوساطة الانخفاض طوال فترة ضوء النهار التي تحدث بقدوم الشتاء. وتمكِّن الجليكولات الحشرات من مقاومة أقصى درجات البرودة. وعندما يحل الجو الدافئ تُستبدل بالجليكولات بالتدريج مواد الدم العادية
سرب من الفراشات الملكية تستريح على أحد فروع النبات بعد الهجرة إلى الجنوب عند قدوم فصل الشتاء. قد يهاجر الفراش الملكي من مناطق شمالية بعيدة مثل كندا إلى كاليفورنيا وفلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، أو إلى المكسيك.
الهجرة. تتجنب أنواع قليلة من الفراشات الشتاء القارس، بالهروب أو الهجرة إلى مناطق دافئة ومن هذه الأنواع الفراشة الملكة التي تُعد من أبطال قطع المسافات الطويلة لأنها تسافر في جماعات كثيفة لمسافات تزيد على 3,000 كم من كندا، وشمالي الولايات المتحدة الأمريكية إلى كل من ولايات كاليفورنيا وفلوريدا في جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك إلى المكسيك.
وتمضي الفراشات فصل الشتاء في الراحة والمحافظة على طاقاتها استعداداً لطيران العودة في الربيع. وقد يعيش القليل من الأطوار المكتملة النمو ليكمل رحلة العودة. وتضع الإناث الملكات بيضها خلال رحلة العودة، وتواصل صغارها بعد اكتمال نموها ـ الرحلة نحو الشمال. ومن الفراشات المهاجرةالأخرى فراشات السيدة الملونة، والأدميرال الأحمر التي تهاجر بين قارة أوروبا وشمالي إفريقيا
كيفية جمع الفراشات
يُعد جمع الفراشات من الهوايات الشائعة جدا. ومن الأدوات اللازمة لهذا الغرض، شبكة ذات مقبض طويل، وقارورة للتسميم ذات غطاء لا يسمح بدخول الهواء، ومادة سامة تُسمى خلات الإثيل، وقطع من القطن، وملقاط، ودبابيس تحميل ولوحات تحميل وصناديق للعرض. ويمكن شراء كل هذه الأدوات من محلات الهوايات والحرف، كما يمكن صنع الكثير من موادها في البيت.
تُصاد الفراشات بالشبكة وتوضع مباشرة في قارورة التسميم المحتوية على قطع من القطن المغموسة في خلات الإثيل حيث تقتل الأبخرة المنبعثة من السم الفراشات، ثم تؤخذ الفراشات الميتة من القارورة بوساطة الملقاط وتوضع في الحفرة الموجودة في لوحة التحميل، حيث يُثَبَّت جسم الفراشة بواسطة دبوس يدفع عند صدرها ليثبِّتها على اللوحة ثم تفرد الأجنحة تمامًا، وتثبت مبسوطة بوساطة خيوط أو قطع ورقية رقيقة توضع عليها، وتثبت بالدبابيس. وبعد جفاف العينة ـ تماما ـ تُزال من لوحة التحميل وتثبت على قطعة من الورق المقوى، أو مادة أخرى مشابهة ثم تُعرّف كل عينة بكتابة اسم الفراشة والمكان الذي جُمعت منه، ثم توضع الفراشات في صناديق خشبية ذات واجهات زجاجية لحمايتها من الرطوبة وعوامل التلف الأخرى.
كيفية المحافظة على الفراشات
صار بعض أنواع الفراشات نادرًا بسبب جمعها بكثرة، وأمست معظم الأنواع مهددة بزوال مواطنها الأصلية، ولذا فإن كثيراً من الفراشات، وبخاصة، خطافية الذيل مهددة بالانقراض مثل الفراشة ذات الحلقات قشدية اللون التي تعيش في وسط إفريقيا، التي أصبحت نادرة جدا لتدمير الغابات للحصول على خشب الصناعة الخام مثل خشب الماهوجني. وقد حلَّت مزارع البن وأشجار الصنوبر محل الغابات الأصلية في جزيرة جامايكا بالبحر الكاريبي، مما أدى إلى انخفاض أعداد فراشة هوميروس خطافية الذيل الجميلة. وقد أدت زراعة مساحات شاسعة بأشجار زيت النخيل في بابوا غينيا الجديدة إلى تهديد فراشة جناح طائر الملكة ألكسندرا، وهي من أكبر الأنواع حجمًا وواحدة من أندر أنواع الفراشات.
وقد بدئ في بابوا غينيا الجديدة تربية فراشات جناح الطائر في مزارع خاصة، حيث تُجذَب الفراشات المكتملة النمو من الغابات إلى حدائق خاصة زُرعت فيها نباتات الرحيق والنباتات التي تتغذى بها اليساريع. وتضع الفراشات بيضها في تلك الحدائق ثم تطير بعد ذلك، ثُم تُجمع اليساريع لتربَّى في أقفاص. وفي الغالب تقتل الفراشات الكاملة الناشئة من تلك اليساريع وتحفظ للاتجار بها. ويُطلق كذلك بعض الأطوار الكاملة لإنماء الفراشات البرية