توليد الكهرباء من الطاقة النووية
في عام 1939 اكتشف اليورانيوم، الذي ينتج كميات من الطاقة تعادل ملايين المرات قدر الطاقة التي يمكن الحصول عليها من الوزن نفسه من الوقود العادي عرفت باسم الطاقة النووية الإنشطارية، ولم يكن هذا الاكتشاف الجديد وليد لحظته، ولكنه جاء نتيجة تطورات علمية بدأت منذ سنة 1896 عندما اكتشفت الأشعة السينية. ولم يمض وقت طويل على وضع الطاقة النووية موضع التطبيق، حتى وضع الإنسان يده على مصدر جديد من الطاقة النووية سُمىّ "بالطاقة الاندماجية"، وقودها غاز الهيدروجين الذي يعطى ملايين المرات قدر الطاقة المولدة من اليورانيوم.
تركيب الذرة
في عام 1801 كان العالم البريطاني جون دالتن John Dalton أول من أعطى تفسيراً علمياً لنظرية الذرة، وفي بداية 1896 توصل العالم الفرنسي بيكاريل Becquerel، مصادفة، إلى اكتشاف النشاط الإشعاعي للذرة، ثم اكتشفت مارى كوري Marie Curie بالتعاون مع زوجها أستاذ الفيزياء بير كوري Pierre Curie أن عنصر الثوريوم يبعث إشعاعاً بطريقة مشابهة لليورانيوم، ورأى العالم البريطاني ايرنست راذر فورد Ernest Rather Ford أن الذرة المشعة تتحول إلى ذرة أخرى مختلفة تماماً، عندما تنبعث منها جسيمات ألفا أو بيتا أو جاما، وفي سنة 1919 حاول راذر فورد تحطيم ذرات النتروجين فأطلق عليها قذائف من جسيمات ألفا المنبعثة من الراديوم، ونجحت التجربة وتطايرت أجزاء ذرات النيتروجين المُتحطمة، وعند فحصها وجد أن كتلتها مساوية إلى كتل ذرات الهيدروجين، وتحمل كل منها شحنة موجبة أطلق عليها اسم "البروتونات".
وفي سنة 1932 أطلق العالم البريطاني جيمس كادوك JAMES CHADWICK جسيمات الفا على البريليوم، فأخذ يبعث جسيمات كُتلها مساوية لكتلة الهيدروجين، ولكنها لا تحمل شحنة كهربائية، فسميت "بالنيترونات".
فالذرة، في أبسط صورها، جسيم متناهٍ في الصغر، وتتكون كل ذرة من نواة مركزية تدور حولها مجموعة من الإلكترونات، وتفصل النواة عن الإلكترونات مسافة كبيرة بالنسبة لحجمها، ونواة الذرة تتكون من نوعين من الجسيمات، يعرف أحدهما باسم "البروتونات"، وهي جسيمات تحمل شحنة موجبة، ويسمى الآخر بالنيوترونات, وهي جسيمات متعادلة كهربائياً أي أن عدد من الإلكترونات السالبة فيها يكون مساوياً، دائماً، لعدد مابها من بروتونات موجبة، ويعرف هذا العدد بالعدد الذري.
نظرية توليد الطاقة من الذرة
في بداية هذا القرن قام البرت اينشاين Albert Einstien بوضع نظرية النسبية ووضَح فيها أن المادة يمكن أن تتحول إلى طاقة وعبَر عن ذلك بالمعادلة الشهيرة التالية:
ط = ك × ع2
حيث ط تساوي الطاقة، وك تساوي الكتلة، وع تساوي سرعة الضوء. وبهذه المعادلة لفت أينشاين الأنظار إلى ذلك الشيء الجديد الذي سُمىّ فيما بعد "بالطاقة النووية".
وفي سنة 1939 اكتشف العالمان الألمانيان أوتوهان Otto Hahn وفرتيز شتراسمان Fritz Strassmann أن ذرة اليورانيوم يمكن أن تنشطر إلى نصفين، تقريباً، إذا قذفت بنيترونات عالية الطاقة.
وقد كانت هذه التجربة هي أولى الخطوات، التي فتحت الطريق على مصراعيه أمام الإنسان، ليستغل الطاقة الهائلة الموجودة بنوات الذرات. وقد تبين، فيما بعد، أن عنصر اليورانيوم يوجد على هيئة نظيرين يتساوى عدد الإلكترونات وعدد البروتونات في ذرات كلٍ منهما، وأحد هاتين النظيرين يُعرف باسم يورانيوم 235، الذي يقبل الانشطار، والثاني يورانيوم 238 ثابت لا يتأثر.
وعند قذف اليورانيوم 235 بنيترونات عالية الطاقة، تلتقط ذرة اليورانيوم أحد هذه النيوترونات، ليرتفع عدد ما بها من بروتونات ونيترونات إلى 236، وتتحول إلى ذرة غير ثابتة، سريعاً ما تنشطر نواتها إلى قسمين، وينطلق في هذه العملية عدد من النيوترونات عالية السرعة، يصل عددها إلى ثلاثة، وتصل سرعتها إلى عدة آلاف من الكيلو مترات في الثانية.
ويصحب عملية انشطار النواة انطلاق قدر هائل من الطاقة يصل إلى نحو 200 مليون إلكترون فولت، تظهر على هيئة طاقة حرارية، وسرعان ما تصطدم النيوترونات السريعة الناتجة سرعان ما تصطدم بنوى ذرات اليورانيوم المجاورة، مما يؤدي إلى انشطارها، وخروج نيوترونات جديدة منها تؤدى بدورها إلى انشطار ذرات جديدة، وتتكرر عملية الانشطار وتتابعها بين ذرات العنصر المتجاورة، وهي عملية تعرف باسم "التفاعل المتسلسل".
ويحتاج التفاعل المتسلسل إلى عدد كبير من الذرات المتجاورة بقدر معين أو كمية معينة من المادة التي تقبل الانشطار، ويُعرف أقل عدد من المادة يصلح لنجاح عملية الانشطار باسم "الكتلة الحرجة".
المفاعل النووي
تتم عملية انشطار النواة في جهاز خاص يعرف باسم المفاعل النووي، والوظيفة الرئيسية لهذا المفاعل هو التحكم في عملية الانشطار واطلاق الطاقة الناتجة منها بصورة تدريجية حتى يمكن الاستفادة منها. وعادة ما يستعمل اليورانيوم 235 كوقود في المفاعل، إلا انه يمكن استعمال اليورانيوم 233 والبلوتونيوم 239 .