السديم، في الفلك، جسم سماوي ذو مظهر منتشر مكون من غاز متخلخل أو غبار نجمي. ويدرس السدم الفلكيون المختصون بدراسة الوسط البينجومي. وفي الفضاء الكثير من ذرات الغاز والغبار، وهنالك بقعة من الغاز يمكننا أن نراها ليلا في السماء بدون مرقب تقع في مجموعة الصياد أو سيف الجبار، وإلى الأسفل من حزام الجبار ثلاثة أنجم، متدلية في صف واحد، ندعوها سيف الجبار أو خنجر الصياد، وحول النجم الأوسط في هذا السيف بقعة باهتة من الضوء، تبدو كأنها سحابة ، ولما بدأ العلماء ينظرون إليها بالمرقب، وجدوا إنها لا تزال كما هي فسموها السديم الضبابي. ونحن نستعمل كلمة الضبابي باللغة العربية ويوازيها كلمة السديم لوصف شيء مبهم أو غير واضح، ويستعملها علماء الفلك للتعبير عن بقع ضوئية في الفضاء صغيرة وشاحبة، لا تسطع واضحة كالنجوم. وقام العالم الفلكي ويليام هرشل بدراسة دقيقة للنجوم عام 1774م، حتى وجد إن الفضاء يحوي سدما كثيرة. وأستطاع أن يجد في بعضها نجوما ساطعة ثم أخذ يتسائل ما إذا كانت كلها عناقيد أو تجمعات نجمية من النجوم لا غيوما غازية، ولم يتمكن علماء الفلك قبل مرور مائة عام تقريبا من تحديد حقيقة السدم الغازية. غير إنهم لم يفعلوا ذلك بالنظر إليها بواسطة المقراب وإنما بأستعمال طريقة الكشف عن طبيعة طيفها بتحليل ضوئها بالمطياف الضوئي.
التاريخ
إلى غاية العشرينيات، قبل أن يبين أدوين هابل أن السبب في المظهر السديمي لبعض الكواكب (المجرات) هو ضعف استبانة الأدوات المتوفرة في ذلك الحين، كان يستعمل مفرد سديم للدلالة على أي جسم منتشر المظهر.
ومنذ ذلك الوقت، صار يستعمل هذا المصطلح للإشارة إلى أية منطقة من الوسط (البينجمي) الغني إما بالغازات المؤينة (الهيدروجين عادة) وإما بالغبار النجمي، أو بكليهما.
أنواع السدم وتصنيفها
توجد ستة أنواع من السدم. نذكر من أكثر شيوعا إلى أندرها:
السدم المظلمة
وهي سدم مكونة من غبار وغاز خامل، وتمتص جزءا هاما من الضوء الذي يجتازها وتحجب بذلك كل ما وراءها. لا يمكن مشاهدتها مرئيا إلا بواسطة التباين المحدث على حقل من النجوب أو سديم آخر بسببها امتصاصها للضوء.
السدم الكوكبية
وهي سدم مرسلة تشير إلى المرحلة الأخيرة من حياة نجمة خفيفية الكتلة، وهو المصير المرتقب للشمس. سميت بهذا الاسم لأن الفلكيين كانوا يحسبونها كواكبا بسبب شكلها الصغير المستدير اللامع.
السدم العاكسة
وهي سدم نشبه السدم المظلمة من حيث طبيعتها، لكنها تعكس الضوء المنبعث من نجمة في مقربة منها.
مناطق الهيدروجين
وهي سدم مرسلة، ذات مظهر مبهر، تضم مجموعة نجوم شابة أو في طور التشكل. عادة ما تنعت ب«مشتل نجوم».
بقايا النجوم فوق الجديدة
وهي سدم مرسلة ممتدة جدا، ناتجة عن الانفجار القوي لنجم ثقيل الكتلة. تشكل عادة بنية سلكية خاصة تشبه التخريم.
فقاعات وولف-رايت
وهي سدم لها مظهر مشابه لبقايا النجوم فوق الجديدة، تنتج فقاعات الغاز هذه من النبذ التدريجي للطبقات الخارجية لنجم الحار والثقيل.
خواص السدم المنتشرة
المادة المكونة للسدم متخلخلة جدا وتوجد في السديم مئات الجزيئات في السنتمتر المكعب الواحد فقط، وللمقارنة نجد في الغلاف الجوي للأرض لنفس الحجم، ملايير ملايير الجزيئات وهذا يدل على البعد الشاسع بين جزيئاته. والسدم غير منسجمة وتتميز ببنية مركبة.
دورها في تشكل النجوم
يتجلى دور السدم في تشكل النجوم في أن بإمكانها أن تنهار جاذبيا مكونة مجموعة نجمية. فلربما تكونت المجموعة الشمسية انطلاقا من سديم يسمى سديما بدائيا أو سديما شمسيا. وأقترح كانت ولابلاس هذا المشهد لأول مرة في أواسط القرن الثامن عشر.