من أسباب تشقق الأبنية.. طريقة الحفر

د. أيوب أبو دية - تتنوع أسباب التشققات في الأبنية كثيرا وتتباين أحوالها من ظرف إلى آخر وفق المتغيرات العديدة التي تحيط بها، فمنها الحالات التالية:-

1- ما يحدث بفعل مشكلات في التربة، من حيث نوعها وخواصها ومكوناتها ومحتواها من الرطوبة والفراغات الموجودة فيها والعناصر المتطفلة عليها، فضلا عن حالتها الفيزيائية عندما يتم حفرها وبعد ذلك.

2- تساهم أساليب الحفر في تفكيك تربة الأساس وإضعافها، لذلك فإن اختيار آليات الحفر المناسبة لأنواع التربة المختلفة مسألة ضرورية لتجنب هبوط الأساسات، فضلا عن ضرورة تنظيف منطقة الأساسات جيدا وإزالة التربة المفككة وعدم تعريضها للظروف الجوية لفترة طويلة والامتناع عن إضافة وفرة من المياه على خرسانة الأساس، كيفما اتفق، حتى لا تتفكك عناصرها وتتغير نسبة الرطوبة فيها قياسا بإجمالي حجم تربة الأساس، إذ يمكن إيناع الخرسانة بتغليفها بالخيش وترطيبها برذاذ الماء فقط وخلال الليل أو في الصباح الباكر.

3- أعماق الحفر مهمة أيضا، فهناك حد أدنى لحماية تربة الأساس من أضرار الصقيع، وهناك بعض أنواع التربة تحتاج إلى حماية من التغيرات الفصلية في مستوى الرطوبة بحيث يستلزم ذلك التأسيس للقواعد عند أعماق كبيرة قد تصل إلى ثلاثة أمتار تحت منسوب الأرض الطبيعية.

4- طبيعة تربة الردم حول الأساسات مسألة مهمة أخرى، ويعتمد ذلك على خواص المواد المستخدمة في الردم وأحجام عناصرها وسماكة الطبقات المردومة على مراحل، فضلا عن اختيار الآلات المناسبة المستخدمة في دمك التربة، وتحديد كمية الماء المضافة إليها وما إلى ذلك.

5- كيفية ردم التربة داخل البناء وحوله مسألة مهمة أخرى، فمن الأخطاء الشائعة استخدام الجرافات لردم الطمم دفعة واحدة حول البناء وفي داخله، وهذا يؤدي إلى هبوط الطمم في المستقبل، فضلا عن الضرر الكبير الذي تلحقه الآليات بعناصر المبنى الإنشائية وهي تجوب محيط البناء وداخله وتطأ على الجسور والقواعد وتصطدم بالأعمدة أو بأسياخ التسليح البارزة وما إلى ذلك.

6- عزل الأساسات مائيا مسألة في غاية الأهمية أيضا لحماية الخرسانة وأسياخ التسليح المستخدمة تحت منسوب الأرض الطبيعية، ولا يقل أهمية عن ذلك حماية الخرسانة العلوية من المياه والرطوبة الصاعدة إليها من التربة لتصل إلى منسوب القصارة والدهان والتمديدات الكهربائية والميكانيكية. كذلك يمنع العازل المائي المستخدم في أرضيات الأبنية الرطوبة الصاعدة بفعل عملية الارتحال الحراري إلى دخول فناء المنزل وخلق جو رطب غير صحي فيه.

7- ينبغي التنبه إلى أن المياه التي تؤثر على الأبنية متعددة المصادر، فمنها ما هو نابع من جوف الأرض، على شكل بخار ماء، ومنها ما هو جار تحت الأرض أو على السطح، ومنها ما ينجم عن تسرب التمديدات الصحية أو جريان مياه تصريف مياه الأمطار على السطح أو حول البناء، ومنها ما ينجم عن تسرب آبار المياه أو الحفر الامتصاصية وما إلى ذلك من مصادر مختلفة.

8- كذلك، فإن مواقع تصريف مياه الأمطار مهمة للغاية في تصريف المياه بعيدا عن محيط البناء كي لا تتسرب المياه إلى تربة الأساس. وربما يكون تجميع المياه في آبار بعيدة عن الأساسات حالة مثلى للتخلص من أضرارها، وفي الوقت نفسه الانتفاع منها في فصل الصيف الجاف للري أو للشرب أو التنظيف.

9- طوبوغرافية الموقع الطبيعية لها دور مهم أيضا في توجيه مياه الأمطار والثلوج السطحية وتوجيهها إما صوب البناء أو بعيدا عنه.
وبالإمكان اللجوء إلى عمل طوبوغرافية اصطناعية للحد من الأضرار الناجمة عن المياه، وفي الوقت نفسه للاستفادة منها بالتخزين.

10- طبيعة الحديقة لها تأثير سلبي أحيانا، من حيث طبيعة الأشجار وأعماق جذورها وكثافة أوراقها وكمية المياه التي تنتحها الأوراق بعد امتصاصها من التربة، فضلا عن بعدها عن البناء أو قربها منه. وفي بعض الأحيان يكون اختيار بعض النباتات عاملا مهما في تغطية سطح التربة ومنع تبخر المياه منها، فتساهم في خلق حالة من الاستقرار في التربة تساهم في استقرار البيت أيضا ومنع تشققه.

وبناء عليه، فإن كل مشكلة من هذه المشكلات العشر وغيرها هي مسألة بحاجة إلى دراسة وتمحيص لاجتناب أخطارها؛ وإذا اعتقدتم أن في ذلك تكلفة إضافية، نقول:
إن الدراسات أثبتت أن
· الصيانة الدورية
· وطرائق العلاج اللاحقة هي أكثر كلفة من معالجة المشاكل منذ البداية،
· ثم إن هذه التوصيات ليست مجرد اجتهادات شخصية، بل هي من شروط البناء السليم ومواصفاته كما وردت في قانون البناء الوطني الأردني وغيره من المواصفات العالمية، وكما تم استخلاصها من تجارب طويلة في هذا المضمار.

يسلمو كنج