وهو حزن شديد ينتاب الفتاة من وقت لآخر، بسبب أو دون سبب، تطول مدته وتقصر.. فتحس الفتاة بالحزن الشديد وبالرغبة في البكاء والانطواء، وربما تحب أن تنفس عن نفسها بأن تكلم صديقتها العزيزة أو أقرب أخواتها لها.
هي لا تدري ما الذي بها، ولا تدري ما الذي يدعوها لكل هذا الحزن، ولكنها مكتئبة. هذا الاكتئاب له أوقات قد يزيد فيها بحسب الفتاة وطبيعتها، مثلا: وقت العادة الشهرية أو قُبيلها، أثناء الحمل، بعد الولادة، ويحصل أيضا عند حدوث- أو توقع حدوث- مشكلة ما.
وهناك فرق بين الاكتئاب المرضي- أو المزمن- وبين الاكتئاب الوقتي الذي يصيب الفتيات، فالأول لا يزول إلا بالعلاج النفسي عند الطبيب المختص، بينما النوع الثاني فكما أتى بدون سبب فإنه يزول بدون علاج عند الطبيب، وتعود الفتاة التي كانت تبكي بكاء مرًا وتحس أنها حزينة ومغتمة… الخ، تعود للعب والمرح والضحك بعد ساعة أو ساعتين، وربما تطول المدة فتكون يوما أو يومين.
تقول الإحصاءات إن المجتمع الطبيعي فيه 15% من المكتئبين، وثلث هذا العدد من الذكور والباقي من النساء… لماذا؟!
إن تكوين الفتاة يختلف عن تكوين الرجل، فهي عاطفية جدًا ومشاعرها جياشة ومتقلبة، وهي كثيرا ما تثور بسرعة وترضى بسرعة، وعلاقاتها الاجتماعية أكفأ من الرجل وأقوى، وتطبيقها لمفهوم الصداقة والحب للصديقات أقوى أيضا.. ومن ذلك أنها تتشرب هموم صديقاتها ومشاكلهن وتشاركهن الحزن والفرح. والفتاة لا ترى بأسًا في إظهار ضعفها على شكل بكاء أو حزن شديد، ثم إنها كثيرا ما تفتقر لوجود متنفسٍ لها حتى يذهب ما بها من الهم.
قارن هذا بالشاب الذي تعود منذ أن كان صغيراً على عبارات مثل " أنت رجل عيب تصيح "، وإذا ما ظهر من الولد أي مظهر من مظاهر الضعف- كالبكاء مثلا- قيل له " البكاء للبنات ".
لهذا السبب فإننا نجد أن الرجل لا يحب أن يظهر بمظهر الضعف وانعدام الثقة بالنفس أبداً لأنه تربى تربية جافة تجعل من إبداء المشاعر السلبية مظهراً من مظاهر التشبه بالفتيات.
والرجل يستطيع أن يضبط مشاعره الإيجابية والسلبية أكثر مما تفعله الفتاة، وتأثره بما حوله أقل. ثم إنه "حر" لأنه رجل يستطيع أن يفعل ما يشاء، وأن يخرج متى ما شاء، ويكلم من يشاء، وليس عليه - عند كثير من العائلات- أية قيود