شرع الله سبحانه وتعالى الزواج لتحصيل الأنس والسكنى بين الزوجين قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) ولكن لا يدوم هذا الى الأبد إذ لا بد من الموت قال تعالى ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون). فشرع الله للمرأة إذا توفي زوجها حكما خاصا يسمى الإحداد.
تعريف الإحداد:
الإحداد من الأحكام التي خصها الله جل وتعالى بها النساء دون الرجال وهو: تربصٌ، تجتنب فيه المرأة ما يدعو إلى جماعها أو يرغب في النظر إليها من الزينة وما في معناها مدة مخصوصة، في أحوال مخصوصة. إن الإحداد تكريم للمرأة وأي تكريم، وليس حجراً عليها كما يظنه البعض.
الإحداد في الجاهلية:
وقبل أن يبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كانت العرب في جاهليتها تعرف الإحداد، لكن كان بصورة مزرية بشعة، فجاء الإسلام، ورفق بحال المرأة، وجعلها في الوضع المناسب لها، كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي زوجها تعمد إلى أسوأ مكان في بيتها، وتجلس فيه عاما كاملا، اثنى عشر شهرا، وتلبس من أخس ثيابها، ولا تغتسل ولا تتنظف ولا ترى شمسا ولا ريحا، حتى إذا حال عليها الحول خرجت بأقبح منظرا فتؤتي بدابة – حمار أو شاة أو طائر، فتمسح به جلدها، فلا يكاد يعيش ذلك الحيوان بعدما تتمسح به، مما يجد من أوساخها وروائحها، هكذا كان الإحداد في الجاهلية الأولى. فجاء الإسلام بهذه الشريعة الربانية، وجعل من أحكام الإحداد ما فيه رفعة وشرف للمرأة.
الحكم من الإحداد:
أنه تعظيم لهذا العقد – عقد الزوجية – ورفع لقدره.
تعظيم حق الزوج وحفظ عشرته.
ومنها تطييب نفس أقارب الزوج ومراعاة شعورهم.
تأسف على فوات نعمة النكاح الجامعة بين خيري الدنيا والآخرة.
موافقة الطباع البشرية، فإن النفس تتفاعل مع المصائب والنوائب، فأباح الله لها حدا تستطيع من خلاله التعبير عن مشاعر الحزن والألم بالمصاب، مع الرضى التام بما قضى الله وقدر.
حكم الإحداد:
إحداد المرأة على زوجها المتوفى عنها واجب بنص كلام الرب عز وجل: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة اشهر وعشراً ) فيجب على المرأة، أن تمكث في بيتها بعد زوجها أربعة اشهر وعشرة أيام، هذا بالنسبة للزوج، ويجوز لها الإحداد على غير زوجها كلاإحداد على أبيها أو أمها أو أخيها أو قريب لها، ولكن لا يجب، فالإحداد على الزوج واجب، والإحداد على غيره جائز بشرط ألا يزيد على ثلاثة أيام، لقوله ، في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا))
مدة الإحداد:
مدة إحداد المرأة على زوجها هي أربعة اشهر وعشرة أيام إلا من توفي زوجها وهي حامل فإن أجلها أن تضع حملها ولو بعد وفاة زوجها بوقت يسير، ولو قبل دفنه، قال الله تعالى (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن). ولو توفى رجل، ولم تعلم الزوجة بوفاة زوجها إلا بعد شهر مثلا، فإن عدتها تبدأ من يوم موت زوجها، ولو تأخر وصول الخبر،. ولو عقد رجل على امرأة، ولم يدخل بها، ثم مات فإنه يلزمها الإحداد، و يلزم المطلقة الرجعية الإحداد لأن المطلقة الرجعية، في حكم الزوجة.
ما الذي يلزم المرأة الحادة على زوجها من أحكام
أولا: تجنب أنواع الطيب:
فالمرأة الحادة ممنوعة من الطيب، لحديث أم عطية عند البخاري قوله ، في شأن الحادة ((ولا تمس طيبا))، وعلة المنع أن الطيب مما يدعو إلى النكاح فمنعت الحادة منه لأنها ممنوعة من النكاح، واستثنى النبي الشيء اليسير عند الطهر للحاجة، لرفع رائحة الحيض المنتنة. ولا بأس للحادة استعمال الصابون المعطر لأن هذا ليس بطيب، وليس طيبا مقصودا.
الثاني: تجنب الزينة في الثياب فيحرم عليها لبس كل ما فيه زينة من الثياب لقوله : ((ولا تلبس ثوبا مصبوغ إلا ثوب عصب)) فالمرأة تجلس في ثيابها العادية وتترك التزين، وما انتشر عند العوام بإلزامها لبس السواد أو الأخضر فلا أصل له.
ثالثا: تجنب الزينة في البدن، وذلك بمنعها من خصلتين: الحناء، والكحل. لحديث أم سلمة رضى الله عنها قوله قي الحادة((ولا تختضب ولا تكتحل)) رواه أبو داود والنسائي. ويلحق بهذا مساحيق التجميل المستخدمة في هذا الزمان فإنها من الزينة في البدن الممنوعة منها المرأة الحادة.
الرابع: تجنب الحلي. والحلي يشمل كل ما تتجمل به المرأة وتتحلى به من قرط أو سوار أو خاتم سواء كان من الذهب أو الفضة أو غيرهما مما يتخذ زينة كاللؤلؤ والزمرد والألماس ونحوها.
الخامس: وجوب لزوم المرأة بيتها، الذي توفي زوجها وهي فيه. فإنه يجب عليها لزوم بيت الزوجية، الذي توفي عنها وهي فيه حتى تنتهي مدة الإحداد، لكن قد يكون هناك مسوغ لها للانتقال إلى بيت أخر، فلا بأس بذلك، كخوف هدم أو غرق أو عدو أو حريق. ويجوز لها أيضا الخروج المؤقت من البيت كما لو احتاجت إلى طبيب أو شراء حاجياتها إن لم يكن لها من يقضى حوائجها وكل هذا ضرورة والضرورة تقدر بقدرها.
ذكر بعض المخالفات الشرعية في الإحداد:
الإحداد عبادة، ولا يجوز التعبد لله إلا بما شرع. وقد ادخل الناس على هذا الحكم الكثير من المخالفات ونذكر منها على سبل التمثيل لا الحصر:
1)إلزام المرأة لباساً معيناً أو لوناً معيناً وخاصة اللون الأسود أو الأخضر مع جوارب بيضاء
2)جلوس المرأه على أثر من آثار زوجها المتوفى كثوبة او إزاره او عمامتع
3)وامتناعها من الاغتسال إلا مرة في الاسبوع
4)ومنعها من النظر إلى نفسها في المرآة
5)إلزام المرأة الغسل إذا هي رأت رجلا ليس من محارمها
6)عمل غسل خاص للمرأة بعذ إنتهاء عدتعا
7)عمل مأدبة يدعى لها الجيران وعمل مراسيم خاصة في يوم خروج المرأة من عدتها
فاتلقوا الله عباد الله واتزموا أمره.