يذكر المولى عز و جل البعوضة في الآية 26 من سورة البقرة في قوله: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن
يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ
فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ)، فنجد بأن
المولى عز و جل يضرب مثل البعوضة في القرآن و يحثنا على التفكر في هذا المخلوق. و يذكر
المولى عز و جل في هذه الآية الكريمة كيفية استقبال الإنسان المؤمن و الكافر لهذا المثال،
فالإنسان المؤمن يكون على يقين بأن هذا المثال يحتوي على الآيات التي تزيده إيمانا و يقينا
بالله ويتفكر في خلق البعوضة و الذي يريد أن يعلمه الله من هذا المخلوق، و أما الإنسان الكافر
فيرفض هذا المثال قبل أن يتفكر به و يقول (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً). تبين هذه المقالة بعض جوانب
الاعجار الهندسي في تصميم و خلق المولى للبعوضة و كيفية الاستفادة من هذا الإعجاز في
انجاز تصاميم و تطبيقات هندسية بهدي القرآن.
التفكر في عين البعوضة:
إذا تفكرنا إخواني و أخواتي في تصميم الله لجسم البعوضة و سأركز هنا على عين البعوضة كما هو
مبين في الصورة
نجد بأن الله عز و جل صمم عين البعوضة بتصميم سداسي حيث رتّب الله الخلايا المستقبلة للضوء
(مبيّنة بالخلايا السداسية في صورة السابقه) في عين البعوضة بترتيب سداسي، فإذا ربطنا هذا مع
قول الحق في سورة السجدة – آية (7): (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن
طِينٍ)، الذي يعلمنا فيه المولى بأنه أحسن كل شيء خلقه نستنتج بأن هذا الترتيب السداسي
للخلايا المستقبلة للضوء هو أفضل ترتيب لأية مجسات ضوئية.
فإذا طبّقنا هذا على خلق الله للطاقة فنجد بأن ترتيب الوحدات المؤلفة للطاقة في الخلق
(الفوتونات) هو ترتيب سداسي
فالآن أفضل تصميم لمستقبل للطاقة هو أن يكون شكل هذا المستقبل مطابقا للطاقة الساقطة
عليه فبالنسبة للترتيب السداسي لمستقبلات الطاقة في عين البعوضة فهو مطابق للطاقة
الضوئية الساقطة على هذه العين. فإذا يعلمنا الله عز و جل أن أفضل ترتيب لمجسات ضوئية هو
الترتيب السداسي المطابق للشكل المبين في صورة (2). هذه المعلومة التي يعلمنا إياها الله
من القرآن تنبّه إليها الناس في زماننا هذا بحيث أنهم وجدوا بأن ترتيب المستقبلات و المجسات
الضوئية (Light Sensing Elements) بترتيب سداسي يعطي أفضل كفاءة في حصد الطاقة، كما هو
مبين في صورة (4) في تصميم التلسكوب الضوئي لتطبيقات الفضاء.
يريد الله عز و جل للإنسان المؤمن أن يتعلم هذه المعرفة من القرآن و يعلمها للناس و ليس أن
ينتظر الغريب ليعلمه و ليس أن يبقى متلقي ذليل للآخرين.
التفكر في الشعيرات على جسم البعوضة:
إذا تفكرنا في ناحية أخرى من خلق الله للبعوضة و هو الشعيرات التي وضعها الله عز و جل على
جسم البعوضة كما هو مبين في الصورة .
فالسؤال الآن هو عن المعرفة التي يعلمنا إياها الله من هذه الشعيرات التي خلقها على سطح
جسم البعوضة؟
يمكن معرفة الإجابة على هذا السؤال من التفكر في أول آية من القرآن و هي: (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ)، حيث نجد بأن الله عز و جل لازم صفة الرحمة إلى اسمه، و تقتضي رحمة الله في خلق
البعوضة أن لا تبذل البعوضة جهدا كبيرا في الطيران، فيأتي علم الله لإظهار هذه الرحمة في خلق
البعوضة بحيث أن تقليل جهد البعوضة في الطيران يقتضي تقليل ممانعة الهواء لطيران البعوضة فيه
و لذلك خلق الله عز و جل الشعيرات المبينة في الصورة السابقه على سطح جسم البعوضة.
بحيث أن هذه الشعيرات تقلل بدرجة كبيرة مقاومة الهواء لجسم البعوضة، و السؤال الآن هو: كيف
ذلك؟
يكمن الجواب في التفكر فيما يحدث لجسم يطير في الهواء فالذي يحدث هو انجذاب ذرات الهواء
لسطح الجسم و تكون طبقة من هذه الذرات على السطح و يطلق على هذه الطبقة بالطبقة
المحيطية (Boundary Layer)، و هذه الطبقة تعيق مرور الجسم خلال الهواء لأنها تشكل احتكاك
بين ذرات الهواء و ذرات الجسم الذي يحاول المرور خلاله (كما هو مبين في الصورة ). يطوق
المهندسون لأي تصميم يلغي هذه الطبقة المحيطية و ذلك لرفع كفاءة الجسم في الطيران و
تقليل الطاقة اللازم بذلها للطيران.
يعلمنا الله عز و جل من تصميمه للبعوضة كيفية إلغاء هذه الطبقة المحيطية و ذلك بوضع شعيرات
على سطح الجسم الذي يمر خلال مائع معين و الذي يحدث هو بأن عند حركة الجسم خلال
الهواء فإن هذه الشعيرات تهتز و تعمل إثارة في ذرات الهواء الملامسة للسطح و بالتالي تكسّر
الطبقة المحيطية و تمنع تكونها بقرب السطح و بالتالي هذا يؤدي إلى تقليل كبير لمقاومة الهواء
لمرور جسم خلاله (كما هو مبين في الصورة السابقه) و بالتالي تبذل البعوضة أقل جهد في الطيران و
نرى رحمة الله على خلقه و هذا تصديقا لقول الحق سبحانه في سورة الإسراء – الآية 44: (تُسَبِّحُ
لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، حيث يبين المولى في هذه الآية الكريمة أن كل شيء في هذا الوجود
يسبح بحمد الله على نعمه و رحمته في خلقه.
نلاحظ إخواني و أخواتي المعرفة التي يعلمنا إياها الله من التفكر في مثال البعوضة و كيف أن الله عز
و جل يصّرف للناس في القرآن من كل مثل ليكون سببا في هدايتهم إلى صراط الله المستقيم،
كما يذكر الحق في الآية 89 من سورة الإسراء: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ
فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا).
فيجب علينا أن نتعلم هذه المعرفة و نستخدمها لإعلاء كلمة الله عز و جل و جذب الناس إلى القرآن
ليكون سببا في هدايتهم إلى صراط الله المستقيم. و يذكر الله في سورة الفتح – الآية 28: (هُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)، حيث أن الحق
يخبرنا بأنه سيظهر هذا الدين و يعلي كلمته و هذا سيتحقق بك كمسلم أو بدونك و لكن يريد الله
أن يعطي المسلمين شرف السعي لإعلاء كلمته و إعطائهم أجر أنبياء على ذلك.
منقول
ل
د. زيد قاسم محمد غزاوي
__________________
موضوع: الإعجاز الهندسي في البعوضه 
20/11/2010, 07:32
