يعتبر التفكير من أهم العمليات العقلية لأنه يهدف لإيجاد الحلول للمشكلات النظرية والعملية التي يواجهها الإنسان في حياته، كما أن التفكير يساعد الإنسان على تطوير نفسه باستمرار فبالتالي يساعده على النجاح والتقدم للأمام، ويعد التفكير كعملية معرفية عنصراً أساسياً في البناء العقلي - المعرفي الذي يمتلكه الإنسان ويتميز بطابعه الاجتماعي وبعمله المنظومي.
ولكن ما هو التفكير؟ وما الخصائص العامة له، وكيف يمكن التفكير بوضوح؟
ما هو التفكير؟
التفكير بمعناه العام، هو نشاط ذهني أو عقلي يختلف عن الإحساس والإدراك ويتجاوز الاثنين معاً إلى الأفكار المجردة. وبمعناه الضيق والمحدد هو كل تدفق أو مجرى من الأفكار، تحركه أو تستثيره مشكلة أو مسألة تتطلب الحل، كما أنه يقود إلى دراسة المعطيات وتقليبها وتفحصها بقصد التحقق من صحتها، ومعرفة القوانين التي تتحكم بها والآليات التي تعمل بموجبها.
خصائص التفكير
يتميز التفكير الإنساني بصورة عامة بالخصائص الآتية:
1) التفكير واللغة يؤلفان وحدة معقدة لا تنفصم؛ فاللغة واسطة التعبير عن التفكير، بل هي الواقع المباشر له، وهي تضفي عليه طابعاً تعميمياً؛ فمهما يكن الموضوع الذي يفكر فيه الإنسان ومهما تكن المسألة التي يعمل لحلها فإنه يفكر دوماً بوساطة اللغة؛ أي أنه يفكر بشكل معمم.
2) يتسم التفكير بالإشكالية؛ أي أن التفكير يتخذ من المشكلات موضوعاً له؛ ولهذا يختصر العلاقات وكيفية انتظامها في حالة مشخصة أو في أي ظاهرة تؤلف موضوع المعرفة أو يبدأ التقصي عادة بالاستجابة إلى الإشارة الكلامية، ويعد السؤال الذي تبدأ به عملية التفكير هو تلك الإشارة؛ ففي السؤال تصاغ مسألة التفكير، والسؤال هو أكثر الأشكال التي تبرهن على وحدة التفكير واللغة، وما التفكير سوى مسألة محددة صيغت في قالب سؤال. والبحث عن إجابة السؤال المطروح يكسب عملية التفكير طابعاً منظماً وهادفاً.
3) يعد التفكير محوراً لكل نشاط عقلي يقوم به الإنسان وهذا ما يميز الناحية الكيفية - العملية الذهنية حتى عند طفل في الثانية من عمره، إذ ما يزال يتعلم اللغة - عن الأشكال البدائية للتحليل والتركيب التي تتمكن الحيوانات الراقية من القيام بها.
4) للتفكير مستويات عدة، فقد يتحقق في مستوى الأفعال العملية أو في مستوى استخدام التصورات أو الكلمات أي على شكل مخطط داخلي ويشتمل التفكير على عدد من العمليات التي تتصدى لمعالجة المعلومات بطرائق متنوعة مثل (التركيب، التحليل، التصنيف، المقارنة، التجريد، التعميم... الخ) ولكي يتمكن الإنسان بوساطتها من حل المسائل المختلفة التي يواجهها نظرية كانت أم عملية، عليه أن يوظف المنظومة الكاملة لهذه العمليات تبعاً لشروط ولدرجة استيعابه لها.
الخصائص الفردية المميزة للتفكير
إن الملاحظة اليومية لسلوك الناس من حولنا وبخاصة في التعليم تشير إلى مدى اختلافهم في خصائص تفكيرهم؛ فبعضهم يتميز بسرعة التفكير وأصالته ومرونته وعمقه وبعضهم الآخر يتميز ببطء التفكير وعدم القدرة على تجاوز الأطر والقوالب التي حفظها، وبالتالي يعجز عن إدراك العلاقات الجوهرية في ظواهر متشابهة مع أنها ترتبط فيما بينها بعلاقات مشتركة.. إذن هناك خصائص كثيرة للتفكير تتعلق بالفروق الفردية بين الناس سنكتفي بذكر أهمها:
1) الأصالة:
إن الأصالة في التفكير تتجلى أكثر ما تتجلى في القدرة على رؤية المشكلة وتحديدها وطرحها على شكل مسألة والقدرة على إيجاد حل ملائم وجديد ومبتكر لها اعتماداً على قواه، وقد أشار (جيلفورد) إلى أن أصالة التفكير تعني إنتاج ما هو غير مألوف، ما هو بعيد المدى، ما هو ذكي وحاذق من الاستجابات
2) المرونة:
مرونة التفكير تعني القدرة على إجراء تغيير من نوع ما: تغيير في المعنى أو التفسير أو الاستعمال أو فهم المسألة أو إستراتيجية العمل أو تغيير في اتجاه التفكير بحيث يؤدي هذا التغيير إلى العثور على الحل الملائم لشروط المسألة موضوع التفكير. وقد ميز (جيلفورد) نوعين من المرونة في التفكير: المرونة التلقائية، والمرونة التكيفية.
3) السرعة (الطلاقة):
تبدو السرعة في التفكير لازمة عندما يكون من الضروري اتخاذ قرارات مهمة خلال وقت قصير جداً أثناء الحروب والكوارث، والمفاجآت المختلفة والمواقف المشكلة التي تتطلب حلولاً عاجلة وبسرعة خاطفة وهذه الحالة غالباً ما يواجهها التلميذ - المتعلم في الصف وخارجه، كما أن هذه المواقف هي التي يتعامل معها عمال مراكز التوجيه ولوحات التحكم وقادة وسائط النقل الأسرع من الصوت... الخ.
وتتأثر السرعة في التفكير بعوامل عدة وبالعوامل الانفعالية بشكل خاص لكن تأثير الانفعالات والتوتر والقلق متفاوت للغاية، فقد تؤدي إلى نتائج سلبية تعيق جريان التفكير وتكون سبباً في بطئه وضعف نتائجه وقد تنشطه وتزيد من مردوده.
إن العلامة المميزة لأي تفكير - بغض النظر عن خصائصه الفردية - هي القدرة على تمييز ما هو جوهري والتوصل إلى تعميمات جديدة، فالتفكير لا يقف عند تقرير وجود هذه الظاهرة أو تلك مهما كانت براقة وممتعة وجديدة ومفاجئة.
والآن نعرض عليك كيف تفكر بوضوح:
1. اختر التوقيت المناسب
يعمل الدماغ بطريقة غامضة؛ فبينما يفكر البالغون بطريقة فعالة في الصباح يفكر المراهقون بطريقة أكثر فعالية أثناء المساء. اختر الوقت الذي تفكر فيه بطريقة فعالة واستغله للقيام بالأمور المعقدة، واختر الوقت الذي تجد فيك ذهنك صافياً.
2. احصل على تعليم جيد
يقول العالم النفساني دين كيث سمونتون: التدريس له تأثير إيجابي على الإبداع خلال السنة النهائية. ابحث عن شيء أنت تبدع فيه.
3. استمع لنصيحة الكتابة
واكتبها واعلم أن "أرخص أنواع الحبر يدوم أطول من أقوى ذاكرة"، فكتابة الفكرة تثبتها وتبرزها وتجعلها واضحة أمامك، وسهلة التنفيذ في المستقبل، وتساعد على تسلسل الأفكار وتتابعها.
4. كن يقظاً
أظهرت الأبحاث أن تناول كمية من الكافيين بمقدار كوب من القهوة يمكن أن يساعدك على التركيز، ولكن إذا كنت مصاباً بالقلق فابتعد عن المحفزات التي قد تسبب نتائج عكسية، وحافظ على نشاطك البدني والذهني من خلال عدد معقول من ساعات النوم، وممارسة الرياضة التي تساعد على الذهن الصافي.
5. اربط الذكريات الجديدة بالذكريات الأقدم
تقول الدكتورة دينيز بارك، "للحصول على ذاكرة أقوى قم بربط الذكريات الجديدة بتلك القديمة". وتضيف: "استعمل ذكرياتك القديمة كأساس للذكريات الجديدة"، واستخدم خاصية ربط الأشياء والموضوعات بعضها ببعض، فهذا يساعدك كثيراً على التذكر بسهولة.
6. تدرب، تدرب، تدرب
التعلم والمهارات الجديدة التي يتم التدريب عليها مراراً وتكراراً تسبب تغيرات داخلية في الدماغ. وأظهرت دراسة جديدة أن الجلسات التدريبية الدورية ساعدت متطوعين في السبعينيات من أعمارهم بالعمل بشكل أفضل وتحسين إدراكهم ومهاراتهم التي كانوا يملكونها قبل سبع سنوات.
7. أعط أفكارك فرصة
العديد منا يملكون القدرة على تقييم الحقائق واتخاذ القرارات بسرعة، بينما الإبداع يتطلب منح الأفكار فرصة وطرحها بطريقة مبتكرة حتى لو كانت غريبة.
8. امتهن مهنة ثقافية وصادق الأذكياء
تقترح إحدى الدراسات المثيرة من بولندا بأن الناس الذي تتطلب مهنهم التفكير هم على الأرجح الأكثر لتحمل المستويات العليا من الإدراك في حياتهم، كما أن الزواج من شخص ذكي قَد يوفر تحفيزاً مستمراً.
9. عرّض نفسك لتجارب متعدّدة
غالباً ما يظهر الإبداع في إيجاد الحلول من الأشياء البسيطة، مثلاً القطعة المعدنية التي نثنيها لفتح علب المشروبات الغازية، مستوحاة من قشرة الموز.
10. تعلم من العباقرة
يعرض مايكل غيلب مؤلف كتاب (كيف تفكر مثل ليناردو دا فينشي) عدة إستراتيجيات في كتابه، استخدمها رجل عصر النهضة لتحفيز دماغه، ومنها تعلم مهارة الرسم باليد اليسرى، وألعاب الخفة.
11. انتبه
هل غالباً ما تنسى اسم الشخص الذي تعرفت عليه للتو، هذا لا يعني أن ذاكرتك سيئة، ولكن تركيزك ضعيف، ركز، انتبه واربط الاسم فوراً في ذاكرتك فوراً.
12. مرن جسمك لتحسن دماغك
يعتقد عدد متزايد من الباحثين أن التمارين الرياضية السويدية يمكنها أن تزيد فعالية كل شيء من الأداء المدرسي إلى سرعة توصيل العصب، وتوفر هذه الآليات الأوكسجين المجهز والمغذي إلى الدماغ،
بالإضافة إلى توفير دفعة من المركبات الطبيعية، التي تروج لنمو خلايا الدماغ.
13. جرب شيئاً جديداً
قبل وفاته بقليل، قام الفنان الانطباعي، ماتيس بتغير مساره الفني من الفرشاة إلى المقص، واستطاع أن ينجح بمقصه.. يقول الخبراء إن التغيير يحفز العقل على الإبداع والابتكار، فجرب شيئاً جديداً ولعلك تبرع به بإبداع.
14. أوقف التشتت
إذا كنت محاطاً بالمحفزات والأمور التي قد تشتت انتباهك، ابتعد عنها أو أوقفها.. مثلاً ادرس في المكتبة إذا كنت تعرف أن المنزل مليء بالضجة، ببساطة ابتعد عن المثيرات التي تشتت انتباهك وتؤثر على تركيزك.
منقول للفئده