يارب الاتعرف الفرق بين عقدة حياتي وعقدة ردائي ؟
كتبهاالدكتور محسن الصفار ،
يارب الاتعرف الفرق بين عقدة حياتي وعقدة ردائي ؟
مستوحاة من قصيدة للشاعرة الفارسية بروين اعتصامي
كان ابو احمد الرجل الفقير يمشي في القرية وهو مهموم ويغلب عليه الأسى متجها الى قطعة الارض الصغيرة التي يملكها وقد ربط رداءه بشكل صرة وضع فيها القليل من حبوب القمح كي يزرعها في ارضه التي زادت عليه وعليها الديون حتى اصبح لايرى شخصا الا وطالبه بما عليه من دين رفع رأسه إلى السماء وقال:
- إليك أرفع رأسي يا ربي
يا من لا أجد سواك جنبي
أسألك من لدنك العطاء
وقد انعدم في دنيانا الوفاء
و الأخ يشيح بوجهه عن أخيه
كي لا يساعده أو يعطيه.
مضى ابو احمد في طريقه ورجع يخاطب رب العباد ويقول:
- يا رب أنت الكريم
لا تضع رزقي بيد لئيم
أسألك من لدنك النعمة
وأنت الخير والرحمة
ارحمني وارحم عيالي
ويسر لي رزقي وحالي.
وبينما هو في طريقه صادفه أحد الأغنياء الذين يمتلكون من خيرات الله ما لا حد له ولا حصر ويطمع في الاستيلاء على ارض ابو احمد كي يضمها الى اراضيه الشاسعة , بادره الغني مستهزأ وقال:
- أراك تمشي وقد ضاق بك الحال
وأنا أعرف أن لا ذهب لديك ولا مال.
وليس كالحاجة والفقر امر يذل الرجال
اجابه ابو احمد بثقة :
- الحمد لله على كل حال ومحال
فهو قادر ان يبدلني بأحسن الحال.
اسال عطفه وهو من يبلغني المنال
رد الغني بشماتة :
- استمر في هذا الخيال
وها انت اليوم باسوا حال
ليس لك سوى أن تبيعني أرضك
فتأخذ المال وتفي غرضك.
رد ابو احمد بحزم :
- لا والله لن أبيعك أرضي
فهي عندي مثل شرفي وعرضي
وأموت جوعاً أنا والعيال
ولا نفرط بأرض الأجداد من أجل المال.
رد الغني وهو يمضي في طريقه :
- ستموت جوعاً بأرضك
ولن تجد حتى من يدفنك
أقول لك بعني الأرض
وهو مني آخر عرض.
لم يرد ابو احمد على كلام الرجل الغني وتابع سيره حتى وصل الى ارضه وما ان بلغها حتى رفع رأسه إلى السماء:
- اللهم يا من ليس غيرك في كربتي
منّ عليّ برحمتك واحلل لي عقدتي.
ما إن نطق ابو احمد بهذه الكلمات حتى انحلت عقدة الصرة في ثوبه وسقط القمح وتناثرعلى الأرض نظر الرجل إلى السماء معاتباً وقال:
- اللهم يا من أنت إلهي وربي
ما قصدت بدعائي عقدة ثوبي
أيعقل أن يختلط عليك الدعاء
وبدل حياتي تحل عقدة الرداء؟
جلس الرجل على الأرض كي يجمع القمح المتناثر في كل اتجاه وبينما هو يجمعه ويزيح التراب فإذا به يعثر على كنز من الذهب لم يصدق الرجل عينيه من الفرحة فقد كانت هذه خاتمة مشاكله وأسهل طريقة لسد ديونه وارسل الله له الفرج من حيث لا يحتسب ولا يدرك.
رفع الرجل رأسه إلى السماء وقال:
- اللهم سامحني إني قد أسأت بك الظن
وأنك انت ذو الجلال وذو المنّ
لك في كل مصاب حكمة
وفي كل ضيق فرج ونعمة
، يعجز عن درك حكمتك الداعون
فيحسبون أنهم يسالؤون و لا يجابون.
والحمد لله على رحمته ان منع وان اعطى ونسال الله ان ينعم علينا بقبول امره والرضى بقدره وشكران نعمته ودرك حكمته انه هو السميع المجيب