تنظر أم شادي إلى طفلها (سنتان) الذي وُلد كفيفًا بحسرة، فهو لا يمكنه أن يحصل على الألعاب التي توافرت لشقيقه الصحيح، لأنه لا يراها، وبالتالي لن يعرف طريقة اللعب بها... أما أم ريم فتحاول قدر استطاعتها أن تجنب ابنتها الصغيرة التواصل المستمر مع قريناتها كي لا تؤذي نفسها، فهي لا تستطيع الركض أو القفز مثلهن لأنها مشلولة القدمين... ولكن من قال إن الطفل الذي يعاني إعاقة لا يمكنه اللعب؟
يبدو أن الأحكام التي يطلقها الأهل، وعن غير قصد، على أطفالهم الذين يعانون إعاقة جسدية، جائرة وغير عادلة، فهم لشدة خوفهم وقلقهم عليهم من أن يصيبهم مكروه يحرمونه الكثير من الأمور الممتعة التي يحصل عليها الطفل الصحيح. فيما يؤكد إختصاصيو علم نفس الطفل وأطباء الأطفال أن لا داعي لكل هذه الحماية المشددة على الطفل المعوّق، فحرمانه الكثير من الألعاب بسبب إعاقته يؤثر سلبًا في نظرته إلى الحياة والمستقبل، وسلوك الأهل هذا قد يعزز شعوره بالعجز وبالنقمة على الأطفال الأصحاء.
والمعلوم أن الدراسات الطبيّة أكدت أن الإنسان المصاب بإعاقة في أحد أعضاء جسده يستعين تلقائيًا بأعضاء أخرى بديلة تساعده في التحرّك والانسجام مع محيطه، مما يساعده في التميز في قدرته على استعمالها فتكون إحدى حواسه قوية مقارنة بغيره من الأصحاء . فالأعمى مثلاً تكون عنده حاسة السمع قوية جدًا نظرًا إلى أنها إحدى الوسائل المهمة لديه للتواصل مع العالم الخارجي المحيط به. لذا يرى الاختصاصيون أنه يجدر بالأهل الذي لديهم طفل يعاني إعاقة جسدية أن يساهموا في تنمية حواسه وعضلات أعضائه السليمة لا سيما العضلات الحركية.
ومن المعلوم أن اللعب يشغل حيّزًا مهمًا وأساسيًا في نمو الطفل وتطوره، سواء كان طفلاً صحيحًا أم طفلاً معوقًا. لذا فإن توفير الألعاب للطفل الذي يعاني إعاقة جسدية ضرورة تربوية لتعزيز قدرات الطفل المعوّق الجسدية والذهنية على حد سواء.
- ما هي الألعاب التي يجب اختيارها للطفل الكفيف؟
إن توفير لعبة للطفل الكفيف يبدو أمرًا صعبًا خصوصًا بالنسبة إلى الأهل، إنما هناك دائمًا ألعاب يمكن توفيرها للطفل الكفيف.
للطفل الكفيف الصغير جدًا
لا توجد صعوبة في اختيار لعبة للطفل الكفيف الذي لم يتعدًَّ السنة، ففي إمكان الأم شراء كل الألعاب التي ترتكز على تنبيه الحواس الأخرى، مثلاً " البيلوش" ولوح النشاطات الذي يسمح له بتمرين قدراته اليدوية وتنمية حاستي السمع واللمس. فالأصوات التي يصدرها تساعده في التنبه إلى ميزة كل صوت مما يثير فيه حاسة اللمس، فيحاول إمساك القطعة التي تصدر صوتًا. وهنا على الأم مساعدته في الوصول إليها ولمسها.
بداية سن الاكتشافات
تبقى الألعاب التي لا ترتكز كثيرًا على النظر محدودة، ولكن يمكنها أن توفر للطفل الأعمى متعة، مثل كرة الكف، والحيوانات التي تصدر أصواتًا، وأيضًا لوح النشاطات.
تقوية المخيلة
يصعب على الطفل الأعمى تقليد ما لا يراه، وبالتالي فإن مخيّلته تعجز عن تصور ما لا يُرى بالعين المجرّدة. وفاقد البصر تختفي عنده الأشياء بمجرد فقدان التواصل معها عبر اللمس ، مما يدفعه إلى أن يشكل ذهنيًا أحجية ويتخيل صورة كاملة للشيء الذي تعرّف إليه باللمس والسمع وهذا تمرين صعب يتطلب فترة تعليم طويلة. فلنأخذ مثال السيارة التي تشكّل بالنسبة إلى الطفل الأعمى الاحتكاك بالمقعد وحزام الأمان، ويشعر بها عندما تدار ويسمع صوت المحرك. والسيارة في الطريق هي صوت مميز يتنقل. وهنا دور الأهل في مساعدة طفلهم الأعمى في اكتشاف السيارة عن طريق اللمس شيئًا فشيئًا.
من المعلوم أن العلاقة بين نموذج مصغر ونموذج حقيقي لا تكون قائمة إلا من خلال البصر. ولكن في حالة العمى يجب توفير مجسّم سيارة صغيرة التي لا تكون أكبر بكثير من يد الطفل والتي من الطبيعي ألا تكون بحجم السيارة الحقيقي ، والوزن نفسه، والحرارة نفسها التي تنتجها السيارة الحقيقية، ولكن ذكرى لمس قطع هذه السيارة الصغيرة تساعد الطفل الأعمى في تصوّرها.