سوسن مكحل
عمان- نهار يوم عرفة يقضيه سائق التاكسي الأربعيني عماد العبدالله، وهو يقلّ الركاب من مكان إلى آخر، يردد "تلبية" الحجاج؛ التي تنقلها محطات الإذاعة مباشرة من مكة المكرمة.
العبدالله يتتبع خطوات الحجيج في أدائهم مناسكهم، راجيا الله "أن يطعمني الحج"، واصفا عرفة بـ"أجمل أيام السنة"، عازيا ذلك إلى "تجمع المسلمين روحيا".
ويلفت العبدالله إلى أن "قلبه يرتحل حيث قوافل الحجاج"، مبينا أنه يكثف الدعاء والتسبيح في هذا اليوم المبارك، فضلا عن صيامه.
وليوم عرفة طقوسه عند الموظف في إحدى الشركات الخاصة الثلاثيني نادر موسى، الذي يقول "أصوم في هذا اليوم وأحرص على التسبيح والدعاء"، وبعد تناول وجبة الإفطار "أذهب برفقة زوجتي وأبنائي إلى السوق
لابتياع ما ينقص البيت من حاجيات العيد".
ويرى موسى أن قلوب المسلمين "تلتئم في هذا اليوم، كما تكثر الدعوات"، لافتا إلى أنه وزملاءه في العمل يحرصون على مشاهدة ما تبثه القنوات من نقل مناسك الحج مرددين التلبية، داعين الله للحجاج بـ"حجة مقبولة" وعودتهم سالمين لأهلهم.
أما ربة المنزل الثلاثينية منى مزهر، فتقضي هي الأخرى يوم عرفة بمشاهدة مناسك الحج عبر التلفاز، واصفة هذا اليوم بـ"الروحاني".
وتبين مزهر أنها تشغل يومها بـ"تعزيل" المنزل، واستكمال التحضير لاستقبال العيد، إلى جانب إعداد طعام الإفطار للعائلة.
في حين تشير الموظفة في أحد المستشفيات الخاصة أحلام السيد (26 عاما)، إلى أنها تحرص على الصيام في يوم عرفة منذ صغرها بتشجيع من والديها، داعية الله أن تؤدي فريضة الحج وتستشعر ما بها من مشاعر دينية وروحانية جياشة.
ويمد هذا اليوم السيد بـ"السكينة"، كما تقضي يومها بترتيب المنزل والتعاون مع والدتها بإعداد الأطباق الشهية لتناول الإفطار؛ حيث تلتم العائلة التي يحرص أفرادها على الصيام في هذا اليوم، مؤكدة أنها لا تنقطع عن الذكر والتهليل والتسبيح والدعاء بالخير لها وللمقربين، لمعرفتها أن "الدعاء بيوم عرفة مستجاب".
ويؤدي المسلمون في التاسع من ذي الحجة فريضة الحج؛ حيث قوافل الحجاج تتوافد إلى مكة لأداء مناسكه، ليكون المسلمون في شتى بقاع الأرض على موعد في اليوم الذي يليه مع عيد الأضحى.
يشار الى أن عدد الحجاج الأردنيين المغادرين الى الديار المقدسة لتأدية مناسك الحج للعام الحالي، وفق تقرير وزارة الأوقاف، بلغ سبعة آلاف حاج.
ويحرص غالبية المسلمين من غير الحجاج على أداء العبادات في هذا اليوم، والتي تتوزع بين الصيام والدعاء والتسبيح، إضافة إلى الاستعداد لاستقبال العيد.
ولهذا اليوم حالة خاصة عند عائلة أبو عيسى، عمر فارس، التي ترقب أداء المناسك؛ فالوالد ضمن الحجاج الذين منّ الله عليهم بأداء هذه الفريضة، ويدعون الله أن يعود لهم سالما، وفق ابنه عيسى، الذي يقول "منذ ساعات الصباح نتابع خطوات الحجاج وتلبيتهم"، مضيفا "نستعد لتزيين البيت لاستقبال الوالد بعد عودته من الحج".
يوم الوقفة على جبل عرفة من أسس مناسك الحج، وهو اليوم الذي يعطي الله فيه لعباده المغفرة والرضوان، وهو أفضل الأيام للتسبيح والتهليل والعتق من النار، والصيام فيه "يكفر ذنوب سنة سابقة وسنة مقبلة"، وفق اختصاصي الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد العوايشة.
ويشيد العوايشة بتجمع الأسر في هذا اليوم ومشاهدتهم ما ينقل عبر التلفاز لأداء وقائع فريضة الحج، مبينا أن في ذلك "استشعارا دينيا لهذه الفريضة"، فضلا عن "تواصل الناس مع الحجاح وترديد التلبية معهم وسماع خطبة وقفة عرفة فيه أجر عظيم يتضاعف كلما كثر الذكر والدعوات".
من جانبه، يبين أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية د. حسين الخزاعي أن يوم عرفة فيه "وحدة للمسلمين"، بسبب خصوصيته الدينية، حيث أداء فريضة الحج.
ويرى الخزاعي أن مشاركة الناس الحجاج عبر التلفاز ومتابعة أخبارهم ودعواتهم تؤثر في تحقيق التواصل مع المسلمين عموما، ومتابعة الأقارب الذين يؤدون مناسك الحج خصوصا.
كما أن "التلبية" مع الحجاج في هذا اليوم برهان على توحد المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث أنظارهم وقلوبهم تتجه نحو مكة حيث الحجاج، وفق الخزاعي.