كتبهاالدكتور محسن الصفار ،
زبون مستعجل !!
كاد سعيد أن يطير من الفرحة عندما علم بأن زوجته حامل وأنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من أن يكون أباً لأول مرة في حياته ومن شدة فرحته كان شغله الشاغل أن يكون كل شيء جاهزاً للمولود الجديد فكّر هو وزوجته في كل شيء حتى وصلا إلى سرير الطفل الخشبي (المهد) قال سعيد لزوجته:
- سأذهب غداً إلى النجار كي أطلب منه أن يصنع لمولودنا سريراً خشبياً جميلاً يليق به.
أجابته زوجته:
- ولكن يا سعيد أنا ما زلت في أشهر الحمل الأولى ولا داعي للعجلة في صنع السرير.
- لا لا دعينا نحتاط ونكون جاهزين لكل إحتمال سأذهب غداً إن شاء الله .
في اليوم التالي ذهب سعيد إلى النجار أبو أحمد وسلّم عليه وبعد أن عرف أبو أحمد أن سعيد وزوجته ينتظران مولوداً قال:
- مبروك ألف مبروك يا سعيد والله إني فرحت لك كثيراً.
- شكراً يا أخي أبو أحمد وأريد أن أوصيك لتصنع لي سريراً للطفل.
- من عيني يا أخ سعيد إن لم أصنع لإبنك سريراً فلمن أصنع؟
- الله يخليك متى يجهز السرير؟
- بعد أسبوعين إن شاء الله.
- عظيم جداً.
وبعد إن إتفقا على السعر دفع سعيد نصف ثمن السرير عربوناً ومضى في حل سبيله.
وبعد أسبوعين راجع سعيد أبو أحمد الذي رحّب به بحفاوة وقال:
- والله يا أخ سعيد حمولة الخشب التي وصلتنا لم تكن من النوع الجيد ولم أرد أن أصنع سرير طفلك من خشب رديء وأنت عزيز على قلبي فأعطني مهلة أسبوعين آخرين فتجد عندي ما يسرك إن شاء الله.
ذهب سعيد وعاد بعد أسبوعين إلى أبو أحمد الذي ما إن رآه حتى قال:
- والله يا أخي سعيد لقد صنعت السرير لطفلك ولكن أحد عمّالي الأغبياء سلّمه لزبون آخر خطأ سامحني وأعطني أسبوعين وسيكون لديك سرير رائع.
بعد أسبوعين عاد سعيد إلى النجار الذي قال:
- تصور يا أخي سعيد ما إن تركتني قي ذلك اليوم حتى جائني خبر أن عمتي قد توفيت فأغلقت الدكان وذهبت للقيام بواجب العزاء وهي مقيمة في مدينة بعيدة ولم أرجع إلا أمس فأعطني أسبوعين أيضاً كي أنجز لك السرير وإن شاء الله سيكون سرير السعد والهناء على طفلك.
مضت الأيام ووُلد طفل سعيد والنجار ما زال يماطل ويجد الحجج والأعذار لسعيد ويطلب منه مهلة أسبوعين لإنجاز السرير حتى يأس سعيد من السرير واشترى سريراً جاهزاً لولده.
مرت السنين وكبر ابن سعيد وتزوج وحملت زوجته فجاء إلى والده وقال:
- يا أبي لقد حدثتني طوال طفولتي عن النجار الذي دفعت له مبلغاً من المال كي يصنع سريراً لي وها أنا نفسي على وشك أن أصبح أباً وبحاجة إلى سرير لولدي فما رأيك لو راجعنا ذلك النجار وطالبناه بالسرير؟
- والله يا ولدي لن نخسر شيئاً فدعنا نذهب إليه.
ذهب سعيد وإبنه إلى المجار الذي ما ان رأى سعيد حتى هبّ واقفاً وسلّم عليه بحرارة قال سعيد:
- والله يا أبو أحمد لقد مرت السنين وها هو إبني قد كبر وعلى وشك أن يصبح أباً وقد جئت أطالبك بالسرير الذي وعدتني يه قبل 20 عاماً.
نظر النجار إلى أبو أحمد وقال:
- كم دفعت لي وقتها؟
ذكر سعيد له المبلغ فأخرج النجار نقوداً من جيبه ورماها في حجر سعيد قائلاً:
- هذه نقودك أخ سعيد واعتبر الاتفاق بيننا لاغيا , انا لم أرى في حياتي زبوناً مستعجلاً مثلك ورجاءاً لا تعود إليّ من الآن فصاعداً بأي طلبات اذا كنت ستطاردني بهذا الشكل كل يوم !!!.
وكل وعد وأنتم بخير
موضوع: زبون مستعجل 
15/11/2010, 12:05
