مصائب قوم عند قوم موائد
بقلم محسن الصفار
عندما توفي والد سعيد لم يكن حزنه على فقد الوالد والحبيب والصديق فحسب بل لتيقنه أن الإنسان مهما كان صحيحاً وقوياً مثلما كان والده فسياتيه الموت بغتة دون إستئذان أو رخصة من أحد، تقبل سعيد الأمر وتوّكل على الله وذهب إلى المستشفى الذي كان والده يرقد فيه لإستلام الجثة ودفنها عندما طلب منه مسئول الثلاجة أن يذهب أولاً إلى الحسابات للحصول على براءة الذمة عندما دخل سعيد إلى مسئول الحسابات قال له الأخير:
- والله يا سيد سعيد هناك مبلغ يجب تسديده قبل أن نسمح لك بأخذ الجثة.
- ولكني سددت فاتورة المستشفى بالكامل
- نعم ولكن هناك مصاريف أخرى ظهرت مثل أجور نقل الجثة إلى الثلاجة وكذلك أجور التخزين وحراسة الجثة.
- حراسة؟ ومن سيسرق جثة أبي؟.
- لا تكن واثقاً لهذا الحد فسرقة الجثث لبيعها لطلاب الطب أو إنتزاع بعض الأعضاء منها أصبحت مهنة رائجة.
- سبحان الله يعني الواحد لا يامن على نفسه من السرقة لا حي ولا ميت.امري لله الواحد القهار ,كم المبلغ؟.
- 200 دينار
- سبحان الله 200 دينار مصاريف حراسة جثة؟ هل جثة أبي بنك إستثماري كي تكلف حراستها كل هذا المبلغ؟
- والله هذه هي التسعيرة ولن تستلم الجثة حتى تدفع.
- ولكن اليوم عطلة ومن اين سأتي لك بهذا المبلغ؟
- يمكن تأجيل الدفن يوماً فلن يحصل شيء ولا أظن أنك قد بعت تذاكر للمراسم.
كظم سعيد غيظه مقابل هذه النكتة السخيفة وخرج من المستشفى وذهب إلى البيت حيث إجتمعت العائلة لترتيب مراسم العزاء العزاء ولما أخبرهم سعيد بما حصل هاج الجميع وماج الا عمه الكبير الذي قال:
- الخيرة فيما إختاره الله فهذا سيعطينا فرصة أكبر للتحضيرات.
- أي تحضيرات يا عمي؟ هل هو عرس؟ ندفن جثة المرحوم ثم نقيم له العزاء ثلاثة أيام هنا عندي في البيت.
- لا لا ما هذا الكلام يا سعيد؟ عيب أنت إبن أصول.
- وما العيب في قلت؟
- أولاً هناك محل العزاء فيجب أن تحجز صالة كبيرة ومعروفة لتلقي العزاء,
- وماذا أيضاً؟
- هناك وجبتين طعام يجب أن تقدم يومياً غداء وعشاء.
- وجبتين؟
- نعم ويجب أن تكون من أفخر مطاعم البلد كي ترفع رأس المرحوم عالياً.
- والله لو تصدقنا بمبلغ للفقراء عن روحه فسينفعه ذلك أكثر حيث هو موجود.
- لا يا ابني الصالة الفاخرة والطعام الراقي والغالي أمر واجب والا قال الناس ان عائلة المرحوم فرحانة بالتخلص منه او يقولون ان ابنه بخيل ولايريد ان يصرف على عزاء والده .
إتصل سعيد باحدى الصالات وأحد المطاعم واتضح له أن إجمالي تكلفة الإثنين تبلغ 2000 دينار ولما سمع عمه المبلغ قال:
- وما بها يا ولدي؟ تدفع 2000 دينار وترفع رأس أبوك عالياً.
اجابه سعيد:
والله إذا دفعت هذا المبلغ والذي لا أملكه أصلاً فسيقضي أبي ليلته الاولى في القبر وساقضي انا ليلتي الأولى في السجن وسأرفع رأس أبي عالياً عندما يتشرد أبنائي وينخرب بيتي.
- هذه هي الأصول يا ولدي.
- هذه ليست أصول بل تفاهات إبتدعناها وأصبحنا أسرى لها لا نعرف كيف نتخلص منها وحقيقة من قال مصائب قوم عند قوم موائد!!!.
وكل عزاء وانتم بخير !!