من حفر حفرة……. بقلم الدكتور محسن الصفار
اشترى سعيد بكل تحويشة عمره سيارة صغيرة سعرها مناسب وفرح لأن هذه السيارة ستحل مشكلته مع وسائل النقل العام والتأخير وسيتمكن أخيراً من الذهاب إلى عمله مرفوع الرأس بسيارته الخاصة، وكان سعيد شديد الحذر في سياقة سيارته كي لا يصيبها أي مكروه لانه يحبها أولاً ولأنه لا يستطيع تحمل كلفة التصليحات والصيانة ثانياً وخصوصاً أن ورش الصيانة والوكالات أصبح الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، ولكن الحظ السيء أبى ألا أن يكون حليف سعيد فبينما كان يسوق في إحدى الطرقات وإذا بحفرة عميقة ظهرت فجأة في وسط الشارع دون أي لافتة تحذير حاول أن يتفاداها وإنعطف بكل قوة ولكنه فقد السيطرة على سيارته وإصطدم بشجرة على جانب الطريق وتهشمت سيارته الجديدة، خرج سعيد من السيارة وهو يكاد يبكي ويلعن من حفر هذه الحفرة دون أن يضع أي تحذيرات عليها. إتصل سعيد بشركة التأمين التي حضر مندوبها وأخذ يعاين كل شيء وكانه شرلوك هولمز ثم قال أخيراً:
- من السبب في الحادث؟
- الحفرة.
- إذاً ليس هناك سيارة أخرى؟
- لا السبب هي الحفرة التي ظهرت أمامي فجأة
. - آسف إذاً، لا نستطع دفع تعويض لك فبوليصتك تنص على أن ندفع خسارة سيارتك في حال حدوث أي حوادث مع سيارات أخرى وليس مع حفر!!
- سبحان الله! وما العمل؟
- يجب أن تراجع دائرة المياه تعوضك عن خسارتك فالحفرة من عمل دائرة المياه وهي من كان يجب أن يضع علامة تحذير.
ذهب سعيد إلى مقر دائرة المياه وشرح موضوعه لأحد الموظفين الذي قال أخيراً:
- ما هو المطلوب الان؟
- أن تدفع دائرتكم أجرة تصليح سيارتي
. إنفجر الموظف من الضحك وقال
: - أنت تمزح؟ نحن نعطيك نقود؟ أنت من يقال عنه إنسان متفائل!! لم لا تذهب إلى عرين الأسد وتطلب منه قطعة لحم؟ سيكون ذلك أسهل عليك. وأكمل وهو يضحك: - على العموم الحفر موضوعها ليس بيدنا بل بيد البلدية فهي من يجب أن يسوي الشوارع بعد إنتهاء التصليحات. ذهب سعيد إلى مقر البلدية وأخذ يشرح مشكلته من موظف إلى اخر حتى تقرر أخيراً أن يعرض مشكلته على لجنة الشكاوي التي تجتمع مرة كل أسبوع. ذهب سعيد إلى الإجتماع وعرض مشكلته على أعضاء اللجنة من كبار موظفين البلدية ثم سأله رئيس اللجنة:
- هل لديك تقرير الشرطة عن الحادث؟
- نعم ها هو. نظر الرئيس إلى التقرير وتشاور مع زملائه ثم قال:
- يا سيد سعيد التقرير يقول إنك إصطدمت بشجرة على جانب الطريق وليس بالحفرة.
- نعم ولكن الحفرة التي ظهرت فجأة هي من سبب إصطدامي لدى محاولتي تفاديها
. - التقرير يقول أن الشجرة قد إنكسرت من الإصطدام
. - نعم وتخيل ماذا حصل لسيارتي إذاً
. - حسب القانون يا سيد سعيد الذي وضعه السيد المحافظ فعلى كل من يكسر شجرة في الطريق العام أن يدفع غرامة ألفين دولار
. - ماذا؟ ولكني لم أكسرها لأستعمل حطبها أنا كسرتها غصبا عني بسبب الحفرة اللعينة التي أدت إلى إصطدامي بالشجرة
. - لا يهم القانون صريح وواضح يجب أن تدفع غرامة كسر الشجرة قبل أي شيء آخر.
- لا حول ولا قوة إلا بالله طيب إخصموا هذا المبلغ من تعويض خسارة سيارتي
. - لا يمكن لأن سيارتك حسب القانون هي أداة جريمة كسر الشجرة وستصادر.
جنّ سعيد وقال: - لا هذا ليس كلام عقال إسمحوا لي سأنسحب من هذه الجلسة.
- تنسحب؟ من تحسب نفسك يا هذا؟ رئيس وزراء تركيا وفي مؤتمر دافوس كي تنسحب على كيفك؟ إذا خرجت من هذا الباب فسأنادي الشرطي كي يلقي بك في السجن هل ستدفع أم أحيلك للنيابة؟
خرج سعيد بعد ان جلب صديقه مبلغ الغرامة ودفعه للبلدية وهو يقول ياليتني كنت شجرة فالكل له حقوق في هذا البلد الا الانسان . وكل حفرة وأنتم بخير.