رمضان للقيام ام للنيام

بقم الدكتور محسن الصفار

يحل علينا بعد أيام شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن أعاده الله عليكم وعلينا وعلى جميع المسلمين بألف خير,.

إن هذا الشهر الكريم هو من أهم أشهر السنة لدى المسلمين وذلك للقيمة المعنوية التي يتمتع بها حيث أن الله جعل أبواب الرحمة مشرعة طوال هذا الشهر لكل من أراد أن يغفر الله له ذنوبه ولكل من أراد يتزود في دنياه لآخرته.

ولرمضان بعد آخر هو التربية الجسدية والنفسية للانسان المسلم عبر ترويضه لرغبات جسده وتغليب العقل على الجسد والسيطرة على الشهوات حتى المشروع منها والحلال فما بالك بما حرم الله, ولرمضان دور آخر هو تعميق التكافل الإجتماعي بين الغني والفقير حيث يختار المسلم أن يعيش الحرمان طوعاُ من الطعام كي يدرك ألم أخيه المحتاج الذي لا يتمكن من تأمين الطعام المناسب له ولعائلته وهو ما يعزز التكافل الإجتماعي وإحساس المسلمون ببعضهم وسعيهم لرفع إحتياجات اخوتهم مثلهم مثل الجسد الواحد كما وصفهم رسول الرحمة (ص).

مع الأسف فإننا وفي كل رمضان نشهد ظاهرة سلبية في المجتمع تخدش هيبة وعظمة وفلسفة هذا الشهر العظيم الذي شرّفه الله عز وجل بأن أنزل القرآن فيه حيث ترى الكسل المفرط لدى غالبية المسلمين حيث يتوانى الموظفون عن أداء أعمالهم وترى الجميع يجلسون في الدوام بأعين محمرة من كثرة السهر(على المسلسلات) وعندما يراجع أي مواطن في عمل يجابه بوجوه عابسة غير راغبة بالعمل والعذر دائماً هو ( آني صايم !!) سبحان الله هل جعل الله الصيام فرضاً على المسلمين ليشجع الكسل وعدم العمل؟ ألم يكن المسلمون يحاربون في شهر رمضان في عهد الرسول(ص) وهم صيام؟ولم يكن لديهم لا سيارات مكيفة ولا بيوت مكيفة!! إن العمل والإخلاص فيه من أهم العبادات في الإسلام ومن توانى عن أداء عمله بشكل سليم في رمضان يكون قد ضحى بعبادة من اجل عبادة أخرى.

أما البذخ المفرط في موائد الإفطار فمصيبة ما بعدها مصيبة فالصيام الذي يهدف الى تعليم المسلم معنى الحاجة والجوع يتحول الى مدعاة للإفراط في الأكل وبدلاً من قول الرسول (ص) صوموا تصحوا نجد أن شهر رمضان هو شهر إرتفاع الكولسترول وضغط الدم والسكر وزيادة الوزن! يا إخوان الصيام هو كي تقلل من أكلك وترحم معدتك وتركز جهدك على عقلك فكلما قلت كمية الدم التي تستهلكها المعدة في عملية الهضم زادت كمية الدم التي تذهب الى المخ كي نمكنه من التفكير بشل أسلم وأوضح وصولاً الى الله والى طاعته ولكي لا يتحول الشهر الكريم الى مجرد مجموعة من ولائم إلافطار والسحور دون أي غذاء معنوي وروحي.

أما ظاهرة رفع أسعار المواد الغذائية من قبل بعض التجار في شهر رمضان فهي مقولة تثير الأسف والإستهجان في نفس الوقت فكيف يريد التاجر أن يكسب أكثر عبر الضغط المالي على أخيه المسلم في هذا الشهر الكريم؟ هل تقبل له عبادة بعد ذلك؟ الله أعلم وأخيراً كي لا أطيل عليكم فإن شهر رمضان ليس شهر المسلسلات ولم يكن الهدف منه ومن صيامه زيادة دخل المحطات الفضائية من الإعلانات التي تتخلل المسلسلات المخصوصة لشهر رمضان والتي أصبح المسلم يقفز من محطة الى محطة متابعاً لأحداث هذا المسلسل أو ذاك وبعض هذه المسلسلات تخالف الأخلاق الإسلامية.

أتمنى أن أرى رمضاناً تتوجه فيه العباد الى خالقها سائلةً إياه المغفرة وأن يتوجه الأخ الى أخيه ليعينه على حاجته إن كان ذي فاقة وأن يكون المسلم في هذا الشهر على كامل الخلق الإسلامي وعلى سنة نبيه واهل بيته وصحابته الكرام ( رض) وليس عدائياً يسب ويشتم الناس لمجرد أنه يريد الوصول الى بيته أسرع من الآخرين معرضاً حياته وحياتهم للخطر بالسياقة الجنونية وأتمنى أن أرى رمضاناً يبدأ وينتهي في أمة الإسلام في يوم واحد دون فرقة أو خلاف واتمنى ان يراعي الاخوة رجال الدين من كل الطوائف تعميق الوحدة بين المسلمين ونبذ الخلافات وجعل المنابر الدينية دعامة وسندا للوحدة الوطنية والاسلامية وتقبل الله أعمالكم وأعمالنا واسال الله الصحة والعافية للمسلمين وان يجعله شهرا مباركا وصياما مقبولا وذنبا مغفورا باذن الله .

اشكركم على المرور العطر