برنامجي اليومي حافل في الفراغ،أصحو متأخراً مع أني انام باكراً، أرفع يدي مثل "عرائس الدمى" وأنزلّها فجأة حتى تكاد تسقط مني: ..ص..ب..ا..ح..ال...خ..ي..ر أنطقها هكذا بطريقة رخوة وبأحرف متعثّرة ، أغسل وجهي مجاملة لا قناعة ، وأترأس المائدة عرفاً لا استحقاقاً وأنتظر نصيبي من مطعوم "التنبلة" اليومي لأبقى على قيد "التياسة".. "زبدية" فول "مثلومة" الحواف تشبه الى حد بعيد خوذة جندي مهزوم ، أتناول منها ما يكفي لتخديري نهاراً كاملاً، ثم أدفع باقي الطعام فجأة وبعصبية ، كسجين لا زال يصرّ على إضرابه.. أتابع باهتمام نشرة الوفيات..لا لأعرف من مات؟..ولكن لأعرف من بقي على قيد الحياة..وما ان ينهي المذيع تلك "التنقلات" اليومية حتى اطفىء صندوق الموت وأعيده الى زاويته.. حتى الجريدة صارت تشبه نشرة الوفيات..أنا اسميها "نشرة وفيات سياسية"..انتقل فلان الفلاني الى الوزارة الفلانية عن عمر يناهز سن التقاعد ..وانتقل فلان الى خانة البراءة هذا وسيشع فساده الى "مثواه الأخير" ..وانتقل فلاناً رفيقاً لفلان..وانهيت خدمات فلان المأسوف على "ادارته"..وانهي عقد علنتان..يا ألهي اين سيذهب كل هؤلاء ؟ ومن أين أتوا بكل هؤلاء ايضاَ؟..
بالأمس وانا أحمل الجريدة تحت إبطي "كرغيف العزّابي" كدت اضرب ابن الدكنجي، لولا حجزني عنه والده وعمه "البلّيط" وزبون عابر والا لطمته..تخيّلوا يسألني ذاك الحيوان: ماذا تتوقع من قرارات مهمة خلال اليومين المقبلين ؟ ولك !!ميشيل الحايك لا يستطيع ان يتوقع شيئاً في ظل هذه الظروف!!..هل تطلب منّي أنا "التنبل" المحبط "العايف" روح الخل أنا أنبئك..تضرب بهالراس.
لا أحد يصدّقني في الحي ، يعتقدون جميعاً أنني "ابو العرّيف" ، صدقاً لا اعرف شيئاً ، ولا شيء ،كل ما اعرفه ان منخفضاَ جوياً سيدخل المملكة صباح الأحد، ولديّ من العتاد ما يكفي للبلادة.."جلن كاز" ،جرة غاز،لحاف ثقيل ،جرابات، بطاطا حلوة ..وطاسة "مرقة عدس" تغلي على الصوبة بلا نضوج ..انسجاماً مع المرحلة.. ثمة حكمة أحتفظ بها بيني وبين نفسي، كلما غلت الأسئلة على نار التفكير مفادها: "التياسة كنز لا يفنى".
هاتِ لي يا كرمة العلي"جرّة فول"بسرعة ، شكلي بلّشت "افهم"..