حتى هذا ؟
بقلم محسن العبيدي الصفار
تزوج الشاب سعيد من ابنة جيرانهم وسط فرحة كبيرة للاهل والاصدقاء وتمنيات الجميع لهم بالسعادة والرخاء واهم من ذلك كله العديد من البنات والابناء , مرت ايام العسل بسرعة كلمح البصر ولم يدر العروسان الا وقد انقضى شهران على زفافهما ولم يشعرا بذلك الا عندما سأل والد سعيد ابنه في زيارته لهم :
- طمني يا أبني هل هناك شيئ ؟
لم يفهم سعيد وسأل اباه :
- اي شيئ يا ابي ؟ لم افهم
رد الوالد وهو يغمز بعينه :
- فهمك كفاية يا بطل , هل هناك عريس في الطريق ؟
لم يفهم سعيد التلميح وقال لوالده :
- عريس لمن يا أبي ؟ اخواتي جميعهن متزوجات والحمد لله .
تنرفز الوالد وقال بصوت حاد :
- لا عريس جاي يخطب امك !!! ياولد قصدي هل هناك طفل في الطريق ؟ زوجتك حامل ؟
ضحك سعيد بعد ان فهم قصد والده وقال :
- ما زال الوقت مبكرا يا ابي فلم اتزوج سوى من شهرين.
لم يستسغ الاب هذا الجواب وقال لأبنه :
- شوف يا حبيبي نحن لدينا تقاليد واعراف يجب ان نحترمها واهمها ان الرجل بعد 9 اشهر من ليلة الدخلة بالكمال والتمام يجب ان يكون ابنه في حضنه والا فأن الناس سيشكون برجولتك ياولدي !! الله يرضى عليك لاتفضحني بين الناس بعد هالعمر .
استغرب سعيد هذا الكلام فما علاقة الرجولة بالحمل ؟ هذا امر رباني يحصل عاجلا او اجلا بمشيئة الله , وفي البيت وجد ان زوجته واقعة هي الاخرى تحت ضغط شديد من اهلها كي تثبت انها إمرأة !! وليست عاقرا .
وبعد شهر فوجئ سعيد بزوجته تخبره في الصباح بأنها تعاني من دوار واستفراغ فأخبرت امها التي اطلقت الزغاريد فرحة بالخبر العظيم وتوالت التهاني على سعيد كأنه فاز بالانتخابات او تم تعيينه وزيرا !!
مضت الايام واذا بزوجة سعيد توقظه في منتصف الليل وتقول :
- ياسعيد , سعيد اصحى ياسعيد اريد ان اكل بطيخة .
فرك سعيد عينيه وقال للزوجة :
- ياحبيبتي وحدي الله , من اين ساتي بالبطيخ؟ فهذا ليس فصله .
قالت الزوجة بعصبية :
- لا ادري ياسعيد , كل ما اعرفه ان لدي وحاما على البطيخ وما لم اكل بطيخا فالله يعلم ماسيحدث للطفل فربما يولد وعلى رأسه بطيخة .
ارتعب سعيد من فكرة ان يكون لابنه رأس بطيخة فخرج في منتصف الليل وذهب الى احد السوبرماركتات الراقية التي تتوافر فيها جميع الفواكه على مدار السنة واشترى بطيخة بسعر خيالي وعاد الى البيت وحمد الله انه تمكن من انقاذ ابنه من المصير البطيخي .
وبعد ايام بدأ الصراع في العائلة على اسم الطفل فقد اصر والد سعيد على تسميته باسم جده المرحوم ( ابو شوارب ) وحاول سعيد ان يوضح له ان ليس من المعقول تسمية طفل في القرن والعشرين ابو شوارب ولكن ابوه حلف باغلظ الايمان انه لو وضع على المولود اي اسم اخر فسيتبرأ منه , اما أمه فقد اصرت على تسمية المولودة ان كانت انثى على اسم امها ( كفاية ) وحاول سعيد ان يوضح لها ان هذا الاسم في يومنا هذا يعتبر تهمة سياسية ولكنها رفضت الاصغاء .
استمرت المعارك في العائلة حول الاسم والجنس والمدرسة التي سيذهب اليها الطفل وعن عمله وحتى من سيتزوج عندما يكبر او تكبر !!! حتى حان الموعد وذهب سعيد وزوجته الى الطبيبة النسائية لإجراء الفحوصات .
جائت الطبيبة الى سعيد بعد إجاء الفحص وقالت له بصوت خافت :
- ياسيد سعيد انت وزوجتك شباب وان شاء الله يعوضكم خير .
صدم سعيد وقال :
- يعوضنا خير ؟ ماذا حصل ؟ هل توفى الجنين ؟ اخبريني يادكتورة ؟
قالت الطبيبة :
- والله كيف اشرح ذلك , زوجتك لم تكن حامل اصلا وهي حالة من الوهم تنتج عن رغبة المرأة الشديدة في الحمل فتظهر عليها اعراض تشبه الحمل الحقيقي نسميها الحمل الكاذب .
صدم سعيد وقال وهو يضحك بهستيرية :
- حمل كاذب ؟ سبحان الله كل شي صار كاذب ؟ وعود نواب البارلمان كاذبة , وعود باراك اوباما عن العدالة العالمية كاذبة كلام الوزراء كذب في كذب , كلام الجرايد كله كذب , وحتى حمل زوجتي طلع كاذب ؟ حسبي الله ونعم الوكيل , الظاهر اننا في العالم العربي لا مفر لنا من الكذب .