[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رغم أنه يصعب التأكد من الإجابة بالإيجاب عن هذا السؤال، فإنه يبدو أن الزواج يستحق منا بعض التقدير. إلا أن البعض قد جادلوا بأن الانتقاء الذاتي (للبيانات) سيؤدي إلى نتائج ملتوية لو كان الرجال الأصحاء سيتزوجون على الأغلب أكثر من الرجال الذين يعانون مشاكل صحية. وتظهر الأبحاث أن العكس هو الصحيح، وهو أن الرجال غير الأصحاء يتزوجون في الواقع في وقت مبكر، وأنهم لا يطلقون على الأكثر، وأنهم يتزوجون مرة على الأكثر بعد الطلاق أو وفاة زوجاتهم، مقارنة بالرجال الأصحاء.
والعامل المحتمل الآخر هو الوحدة، فهنا يطرح التساؤل: هل ترتبط مؤسسة الزواج بالصحة الأفضل، أم أن المسألة هي العيش مع شريك الحياة؟ ورغم تفاوت الدراسات فإن الإجابة تحتوي على بعض من هذين الأمرين كما يبدو؛ فالأشخاص الذين يعيشون مع شريكة الحياة يبدون في صحة أفضل من الرجال الذين يعيشون بمفردهم، أما الرجال الذين يعيشون مع زوجاتهم فهم أفضل الرجال صحة.
وقد افترضت دراسات كثيرة على مدى الـ150 سنة الأخيرة أن الزواج مفيد للصحة، ولكن العلماء لم يفهموا إلا حديثا أسباب تمتع الرجال المتزوجين بصحة أفضل، مقارنة بالرجال العزاب، أو المطلقين، أو الأرامل.
ولكن قبل أن نبدأ بطرح التساؤلات، تعالوا نلق نظرة على تأثير الزواج على بعض الأمراض المحددة، ومنها الأمراض القاتلة الرئيسية في الولايات المتحدة: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان.
* الزواج والقلب
* إن كان الزواج يحمي صحة الرجل، فعندها سيكون القلب أحد المستفيدين على الأكثر. وقد أفاد باحثون يابانيون بأن الرجال الذين ظلوا عزابا طيلة حياتهم كانوا يتعرضون أكثر بثلاث مرات للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية من الرجال المتزوجين. كما افترض تقرير من «دراسة فرمنغهام للذرية» Framingham Offspring Study أيضا، أن الزواج مفيد للقلب حقا، وذلك بعد تقييم العلماء لـ3682 من البالغين على مدى فترة استمرت 10 سنوات. وحتى بعد أخذ عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بعين الاعتبار، مثل: تقدم العمر، دهون الجسم، التدخين، ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، ارتفاع الكولسترول، فقد ظهر أن معدلات الوفاة قلت لدى الرجال المتزوجين بنسبة 46% مقارنة بالرجال العزاب.
وفي دراسة فرمنغهام المذكورة لم يظهر أن السعادة الزوجية قد لعبت دورا في الآثار الواقية الشاملة للزواج. ولكن دراسات أخرى أشارت إلى أن التعاسة الزوجية والتوتر يرتبطان بعامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، هو ضغط الدم. ويقود التوتر في الحياة الزوجية، مع الزمن، إلى زيادة سمك الحجيرة الرئيسية لضخ الدم في القلب، بينما لا يؤدي التوتر في العمل إلى ذلك.
وتعتبر أمراض الشرايين التاجية وارتفاع ضغط الدم من بين أهم أسباب عجز القلب، وهو حالة إعاقة مزمنة تحدث عندما لا تتمكن عضلة القلب الضعيفة من ضخ كل كمية الدم التي تحتاجها أنسجة الجسم. ولكن حتى بعد الإصابة بمثل هذه الحالة فإن الزواج الجيد يرتبط بتحسن فترة الديمومة والبقاء.
* الزواج والسرطان
* إن الرابطة المعروفة جيدا بين التوتر والكآبة والعزلة الاجتماعية، وبين أمراض القلب تسهل علينا فهم تأثيرات الزواج الجيد لحماية القلب.
غير أن السرطان هو مسألة مختلفة تماما، ففي الواقع لا يوجد إلا القليل من الدلائل على أن الزواج يقلل من الخطر الكلي للإصابة بالسرطان. ومع ذلك فإن الزواج بمقدوره التأثير على نتائج المرض. وعلى سبيل المثال توصل بحث على 27779 من حالات السرطان إلى أن حالات متقدمة من السرطان تظهر على الأشخاص غير المتزوجين عند إجراء أول تشخيص لهم، مقارنة بالمتزوجين. كما أن غير المتزوجين لا يلجأون إلى طلب العلاج على الأكثر، مقارنة بالمتزوجين، ولكن حتى بين أولئك الذين تلقوا العلاج من السرطان فإن الزواج ظل يرتبط بزيادة فترة البقاء. فقد كانت فترة البقاء أطول لدى المرضى الذين كانوا يتمتعون بحياة زوجية جيدة عند تشخيص السرطان فيهم، مقارنة بالأشخاص الذين كانوا منفصلين عن زوجاتهم في وقت التشخيص.
ويشغل سرطان البروستاتا اهتمام الرجال. وللتعرف على تأثير الزواج على فترة بقاء مرضى هذا السرطان، درس باحثون في جامعة ميامي حالات 143063 شخصا مصابا بالمرض، وعلى مدى 17 سنة، نجح الرجال المتزوجون في البقاء لفترة أطول بكثير (69 شهرا في المتوسط) مقارنة بالرجال المنفصلين أو الذين توفيت زوجاتهم (38 شهرا). أما الرجال الذين لم يتزوجوا أبدا فقد كانت هذه الفترة لديهم متوسطة (49 شهرا). كما وجد باحثون في جامعتي هارفارد وكاليفورنيا في لوس أنجليس هذه الفوائد نفسها فيما يخص فترة البقاء لدى الرجال المتزوجين المصابين بسرطان المثانة، وهو سرطان رجالي في أغلب الأحوال.
* جوانب صحية أخرى
* ورغم ندرة البيانات المتوافرة، فإن الزواج كما يبدو، يلعب دورا إيجابيا في تحقيق شتى النتائج الصحية. والصحة العقلية هي أهم تلك النتائج؛ إذ إن الرجال المتزوجين لديهم خطر أقل في حدوث الكآبة ورضا أكبر بالحياة بعد تقاعدهم عن العمل، مقارنة بالرجال العزاب.
كما أن وجود الرجل في حالة زواج يرتبط بوجود وظائف إدراكية أفضل لديه، وانخفاض في خطر إصابته بمرض الزهايمر، وتحسن في مستوى سكر الدم، وتحقيقه نتائج أفضل في حالات تنويمه في المستشفيات. وبخلاف ذلك فإن الرجال الأرامل يتعرضون أكثر لخطر الإصابة بالأمراض الجنسية المعدية بين الرجال وليس بين النساء.
* النزاعات الزوجية والطلاق
* وإن كان بمقدور الزواج الجيد أن يحسن صحة الرجل، فإن النزاع الزوجي يمكنه التأثير على السعادة والصحة. وفي دراسة MRFIT شملت 10904 من الرجال الأميركيين، ظهر أن الرجال المطلقين كانوا يتوفون أعلى بنسبة 37% خلال 9 سنوات من الدراسة، مقارنة بالرجال الذين ظلوا متزوجين. وعلى المنوال نفسه ربطت دراسة بريطانية على 9011 من موظفي الدولة، بين العلاقات المتوترة وحدوث زيادة بنسبة 34% في النوبات القلبية والذبحة الصدرية. كما ذكرت دراسة إسرائيلية شملت 10059 رجلا أنه يبدو أن العلاقات العائلية المتوترة تزيد من خطر الوفاة نتيجة السكتة الدماغية بنسبة 34%. كما يحفز الطلاق أيضا على زيادة حادة في معدلات الانتحار بين الرجال وليس بين النساء.
* فقدان الزوجة
* يعيش أكثر الزوجات أعمارا أطول من أزواجهن. إلا أن فقدان الزوج لزوجته هو أكثر خطورة من فقدان الزوجة لزوجها. وقد ذكرت دراسة من كاليفورنيا ذلك. ولم ترصد هذه الدراسة الصعوبات النفسية والاجتماعية الاقتصادية التي يعانيها الرجال الذين فقدوا زوجاتهم، بل ركز الباحثون جهودهم على تأثير آخر، وهو حوادث وفاة الزوج الباقي.
وقد شملت الدراسة رصدا لحالات 12522 من الزيجات على مدى فترة امتدت بين 14 و23 سنة. وخلال هذه الفترة فقد 1453 رجلا زوجاتهم، وفقدت 3249 امرأة أزواجهن. وبالنتيجة، فقد توفي 30% من الرجال الأرامل، مقابل 15% من النساء الأرامل.
وكان عدد الرجال الأصحاء الذين فقدوا زوجاتهم اللاتي توفين، 2.1 مرة أكثر من عدد الرجال الأصحاء الذين لم يفقدوا زوجاتهم خلال فترة الدراسة. أما الرجال الذين كانوا يعانون الأمراض فقد ازداد عدد الوفيات بينهم بعد فقدانهم زوجاتهم بمعدل 1.6 مرة. وكان الخطر أعظم خلال فترة 7 إلى 12 شهرا التي أعقبت فقدان الزوجة، إلا أن ارتفاع خطر الوفاة ظل كبيرا في السنتين اللتين أعقبتا هذا الفقدان. لقد كان شكسبير محقا حين كتب حول «الأسى القاتل».
وتؤكد الأبحاث حول العالم أن موت أحد الزوجين يزيد من احتمال المرض والإعاقة لدى الزوج الآخر، وأن الرجل مهدد أكثر من المرأة. ومن أسباب ذلك: تدهور التغذية لدى الزوج المتبقي وتدهور عاداته الغذائية، والعامل الآخر هو الانعزال عن المجتمع. وقد ربطت دراسة شملت 1667 رجلا من منطقة مدينة بوسطن، بين وفاة الزوجة وتدهور مستوى التيستيرون (الهرمون الذكري) خلال سنة بمعدلات تقابل تدهور مستواه خلال 10 سنوات من الهرم!
* تفسيرات بيولوجية وسلوكية
* الزواج الجيد يعزز صحة الرجل ويطيل عمره، أما الزواج المتوتر والمهشم فإن له دورا معاكسا.. لماذا؟
هناك ثلاثة جوانب من التفسيرات: بيولوجية، سلوكية، ونفسية.
التفسيرات البيولوجية تدور حول التوتر، فالنزاعات الزوجية تزيد من مستويات هرمونات التوتر، مثل الأدرينالين الذي يرفع ضغط الدم، كما يحفز التوتر الزوجي أيضا على إفراز مواد السيتوكين cytokines وهي بروتينات صغيرة تحرك عمليات الالتهاب المتتابعة. والالتهابات هي عامل خطر جديد لأمراض القلب، أخذ الأطباء يعترفون به حديثا. ويمتلك الرجال المطلقون مستويات أعلى من العلامات الالتهابية مقارنة بالرجال المتزوجين.
ولا تقل العوامل السلوكية أهمية عن العوامل البيولوجية؛ فالرجال غير المتزوجين، المطلقين أو الذين فقدوا زوجاتهم، لا يتغذون بشكل جيد مثلما يتغذى الرجال المتزوجون، كما تقل ممارستهم للتمارين الرياضية ويدخنون على الأكثر ويتناولون المشروبات الكحولية، ولديهم سلوكيات خطرة أخرى. وعلى النقيض من ذلك فإن الرجال المتزوجين يستفيدون على الأكثر من العناية الطبية الدورية ويحيون في مستويات معيشية أفضل.
الوحدة، الكآبة، والانعزال عن المجتمع، أيضا تسهم في حدوث عدد أعلى من الوفيات المرتبطة بفقدان الزوجة أو الطلاق، أو العزوبية الدائمة.
وقد أفادت دراسة لجامعة هارفارد بأن الرجال المنعزلين اجتماعيا لديهم خطر أعلى بنسبة 82% في حدوث الوفاة بسبب أمراض القلب مقارنة بالرجال الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية. كما أفاد معهد نيوإنغلاند للأبحاث بأن 66% من الرجال يعتمدون على دعم زوجاتهم الاجتماعي الأولي، بينما يعتمد 21% منهم فقط على الأشخاص الآخرين، ولا يعتمد 10% منهم على أي شخص. ولهذا فإن عدم وجود الزوجة يؤدي إلى خطر انعزال الرجل.
* آفاق
* الكثير من الرجال يتزوجون بدافع الحب، فيما يتزوج بعضهم طمعا في المال، ويتزوج آخرون لمختلف الأسباب الشخصية والعائلية. وحتى الآن لم يتزوج أحد بهدف الصحة، فهل يجب أن يتغير الحال حقا؟
الجواب: لا.. فالرجال السعداء في زواجهم يمكنهم أن يحمدوا الله على فوائد الصحة التي أضافها وجود زوجاتهم، أما الرجال التعساء في زواجهم فعليهم العمل مع زوجاتهم لتخفيف التوتر وتحسين علاقاتهم الزوجية.
وبدلا من الزواج بهدف تأمين الصحة، فإن على الرجال غير المتزوجين أن يسعوا لتحقيق بعض الفوائد الصحية المفتقدة. وهذا يعني انتقاءهم خيارات حكيمة حول النظام الغذائي، ممارسة الرياضة، تناول المشروبات الكحولية، والسلوكيات الصحية الأخرى.
* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».
* عوامل خطر مشتركة لدى كلا الزوجين
* غالبا ما يقال إن الزوجين اللذين عاشا حياة زوجية طويلة، يبدوان متشابهين. وقد يكون ذلك صحيحا أو خطأ، إلا أن باحثين إيطاليين أفادوا بأنه توجد لدى كلا الزوجين عوامل خطر متشابهة للإصابة بأمراض القلب. وفي الدراسة التي نشرت عام 2009 راجع الباحثون 71 دراسة سابقة شملت أكثر من 100 ألف زوج وزوجة. وقد ظهر أن لدى كلا الزوجين عموما عوامل خطر متشابهة، منها: ارتفاع ضغط الدم، السكري، الكولسترول، السمنة، التدخين. ويمكن تفسير بعض هذا التشابه بتوجهات الشخص لاختيار شريكة حياته مماثلة له، كما أن بعض عوامل الخطر تعتمد على عادات ونمط الحياة المشتركة؛ لهذا فقد أكد باحثون أستراليون نجاح برنامج وضعوه بهدف تحسين التغذية وممارسة الرياضة لكلا الزوجين في الوقت نفسه.
ويبدو العلاج الزوجي المشترك اليوم، وكأنه التوجه المقبل في هذا العصر.
* الزوجات المتعلمات وصحة الأزواج
* في أعوام الثمانينات من القرن الماضي افترضت عدة دراسات أن الرجال المتزوجين من زوجات متعلمات أكثر منهم كانوا يتوفون على الأكثر بسبب أمراض الشرايين التاجية مقارنة بالرجال المتزوجين من زوجات أقل تعليما منهم.
ومع ازدياد أعداد النساء المؤهلات تعليميا، ظهرت افتراضات أخرى؛ فقد وجدت دراسة نشرت عام 2002 أن ازدياد مؤهلات الزوجة التعليمية يقلل من خطر أمراض الشرايين التاجية ومن عوامل الخطر مثل ارتفاع ضغط الدم، السمنة، ارتفاع مستوى الكولسترول، التدخين، قلة ممارسة الرياضة. وأفادت دراسة عام 2009 بأن الرجال المتزوجين من زوجة متعلمة أكثر منهم قد قلت لديهم أيضا معدلات الوفيات مقارنة بالرجال المتزوجين من زوجات أقل تعليما منهم.
إن الزوجات الذكيات في العالم المعاصر يشجعن على اتباع نمط حياة صحي.