ماجدة الرومي :لا يمكن ان انسى اتصال الملك حسين بي قبل رحيله ]
كشفت الفنانة ماجد الرومي الاثنين في حوار مع الصحفية بارعة أحمر في موقع CNN بالعربي ان من اكثر الاشخاص الذين اثروا في حياتها هو جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال رحمه الله .
وكشفت خلال اللقاء انها قبل رحيله اتصلت به لتطمئن على صحته , الا انه رد عليها احد مرافقيه , للتترك له رسالة بتمنياتها له بالشفاء العاجل , قبل ان تتفاجأ بجلالته يعاود الاتصال بها ليشكرها على اهتمامها .
وتاليا نص الحوار :يشبهها العارفون بأسطورة الغناء الفرنسي، أديت بياف، أو بالعملاق شارل ازنفور.. والأكيد أن الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي، باتت أيقونة الطرب والفن الراقي في العالم العربي، ورمزا للمرأة الحقيقية الشفافة، التي لا تخفي وجها آخر أمام الأضواء الكاشفة.
حب الناس لها لا يقتصر على أعمالها الفنية، بل يتجاوزه إلى شخصيتها الحساسة الذكية وحسها الإنساني.
فهي امرأة تفكر وتشعر وتغني كأنها في السماء، وتحرص في الوقت نفسه أن تبقي قدميها ثابتتان في الأرض، دون أن تغرق في الترف، وأوهام الشهرة، أو تسجن نفسها في برج عاجي لا يليق بترفعها ونبلها.
منذ أضاء صوتها "ليالي الأنس في فيينا" زنبقة في السادسة عشر ربيعا، واللبنانيون يشكرون السماء التي أهدتهم ماجدة، ويفخرون بحضورها وتعوض خجلهم بمن هبط بالغناء اللبناني إلى أوضع المستويات.
تحار عما تتحدث مع ماجدة الرومي أمام النور المتدفق من عينيها ليضيء وجها يأبى التخلي عن طفولته، رقيقا يخبئ ألف قصيدة، ويخفي هدوءا صاخبا مربكا ومدويا ليكشف شغفا في التعبير كنهر هادر ينبع من جبينها وشفتيها.
تتحدث عن فنها بحب وكذلك عن السلام، وبحب ووجع تتحدث عن آلام الإنسانية، أما عن تجربتها في كتابة بعض أغانيها، فبتواضع عميق وخجل ترويها.
التقتها CNN بالعربية بمناسبة تكريمها من قبل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي منحها نهاية الشهر الماضي الوسام الأرفع في الجمهورية، وهو الوسام الوطني للاستحقاق الثقافي.
صوت ماجدة وفنها سحر التونسيين، وعبروا عن حبهم بفيض من المديح تجلى في تدفقهم لحضور حفلاتها، وصدى إعلامي رائع لأعمالها.
وعن هذا الجمهور تقول: "لم أقابل جمهورا يشبه الجمهور التونسي أبدا، لديهم طريقة ملفتة للنظر، ويعبرون عن ذلك في اللحظة ذاتها سلبا كان أم إيجابا."
وماجدة تعتبر وسام الاستحقاق هذا " تقدير للالتزام الفني يفرحني، وليس مستغربا أن يأتي من تونس، فهذا البلد كان دائما المدافع الأكبر عن الثقافة والفنون الجميلة في أرقى أشكالها."
السيدة التي عرفت المجد في عطائها الفني عرفت الألم والخيانة أيضا في حياتها، ويحبها جمهورها لكل هذا، وخصوصا لشموخها وترفعها.
عن تجربتها تقول: "الحب يختصر الحياة بالنسبة لي، ولا مكان لأي شيء آخر، لا اعني الغرام وحسب، بل الحب بكل معانيه وفرح العطاء."
تتابع: " كرمني ملوك ورؤساء، وغنيت في أعلى المقامات، وفي مسيرتي التقيت بكل أنواع الناس، وبقي دائما مفهومي لعظمة الإنسان هي نبل نفسه. فما استطاعت نفس أن تكون كبيرة من دون حب. لم يترك في نفسي من كل هؤلاء ما أستعيده ببالي إلا من استطاع أن يكون تمثيلا لفكرة الحب."
وتستخلص: " فرحي الحقيقي هو أن أعيش بالحب، وهو ما أريد أن أحيا به حتى أغادر الدنيا.. أن اختصر عمري بهذه الكلمة."
ولكن، بماذا تحلم ماجدة الرومي اليوم بعدما حلمت طويلا بوطنها لبنان؟
تجيب الفنانة ماجدة: "حلمي يتخطى الصوت والنجاح.. أحلم أن أكون رسالة حب في الأرض.. معركتي في الحياة أن أحاول التعبير عن هذا الحب من خلال إيماني بالإنسان.. أريده ايجابيا يزرع الفرح والأمل من حوله، سموحا وسيع القلب."
وتستدرك قائلة:" أخاف أصحاب القلوب المظلمة، وتؤلمني بشاعتهم.. أصلي كي لا أشبههم أبدا، هؤلاء العاجزين عن الحب الخائفين من العطاء، نفوسهم مقفلة بأغلال من حديد، ويستحيل أن تلامسي الجانب الندي من نفسهم أو الطفل فيهم، يتسببون لي بحزن عميق."
وعن الخيبات تقول ماجدة: "غالبا ما نرسل طاقات ايجابية نحو أشخاص لا يتردد صداها فيهم ليعود نحونا، وانأ غالبا ما تأتيني هذه الطاقة الايجابية من حيث لا أتوقعها."
وعن مفهومها للحرية تقول: " أكثر الناس عبودية هم الذين لم يبلغوا رفعة الحب والعطاء. حتى أولئك الذين يعيشون حياتهم بالطول والعرض، ويرفلون بالعز والرفاه ظنا منهم أنهم أحرار، لا يدركون أن كل هذا من دون الحب عبودية."
وعما إذا كان يمكن لماجدة الرومي أن تلعب دورا يساهم في تخفيف البؤس والظلم من حولها، تصمت، وتتنهد، ثم تقول: "لا أفكر في هذا الاتجاه، اعتبر أن فني هو رسالتي في الأرض، وهذا يجب أن يساعد."
وتتابع قائلة: " ما أود تنميته، على الأقل في وطني لبنان، هو البعد الإنساني والرحمة. القلب الذي يسأل عن يتيم ويفتح باب الأمل ليأس. قد لا يكون هذا تغييريا، وقد لا يكفي، إلا انه بحدود ما اقدر عليه."
وتضيف: "حجم المآسي والحزن في الكون كبير جدا ومخيف، واعتقد أننا بحاجة إلى نفضه كاملة لا قدرة لي بها.. أنا انظر حولي وأقوم بما يحتاجه الآخر القريب. أصلي كل يوم ليساعدني ربي كي اشهد السلام في وطني، وهذا دور ملح أطالب نفسي به كل لحظة."
يعتصر الألم قلب ماجدة الشفاف بسبب ما يمر به لبنان من ظروف صعبة، فما مدى اليأس والخوف في نفسها على وطنها؟
تنتفض، وتقول: " لا أخاف على مصير وطني، تذكري بان لبنان يقيسنا بعيون الأبدية، بينما نقيسه نحن بعين الزمن."
وتعود لتسأل بغضب: "ماذا يفعلون بوطني؟ يؤلمني ما أشهده من صراعات تجرحني وتشعرني بالخسارات التي تلحق بشعب يعيش أزمات متلاحقة منذ عقود، والكارثة هي ضياع حياة الناس وعمرهم سدى.. هم العابرون لهذا الكون لسنوات معدودة."
وتضيف: " ألمي كبير لما يحصل في العالم، وأريد أن اغني للسلام في الأرض، وأنادي به، فهو بات كالخبز للناس. في لبنان خسرنا أرواحا ولا زلنا، واليوم أسال نفسي لماذا مات كل هؤلاء؟ ولا أجرؤ على سماع الجواب، لأنه خطير ولا أبوح به، اتركه يحرق قلبي."
وتكمل حديثها: "يتعاملون اليوم مع لبنان وكأنه مؤسسة للبيع والشراء، بعدما مات مئات الآلاف، وهاجر أكثر منهم وتفرقت العائلات.. ويعجز الباقون عن العيش بكرامة. اللبنانيون ضحايا العنف النفسي يقتلونهم كل يوم. وانأ أسال: لماذا يجب أن نموت عن الغير، وأن نكون ارض الصراعات؟ وأطالب بأن يكون لبنان للبنانيين."
وأسألها لماذا لا تعبر عن وجعها هذا عن طريق السينما؟
فتجيب: "ستستغربين لو قلت بان حلم حياتي الأول هو السينما، وليس الغناء.. اشعر أن بإمكاني تقديم الكثير للسينما، لو جاء الدور المناسب يوما."
ولكن، كيف تحافظ ماجدة على تماسكها وتستمر في الإبداع وسط كل هذا الألم؟
ترد ماجدة الرومي بنبرة الاعتراف، فتقول: "ليس من السهل أن يكون الإنسان ايجابيا في هذا العالم البشع، وأنا أيضا ككل الناس يخطر ببالي أن أنحدر نحو السلبية، لكنني معجبة جدا بأشخاص ايجابيين انطبعت تصرفاتهم في وجداني."
من هؤلاء تذكر ماجدة، المغفور له جلالة الملك حسين، فتقول: "تربطني بالعائلة الهاشمية علاقة محبة واحترام، وعندما كان الملك في آخر مراحل مرضه، وعلى مشارف الرحيل، اتصلت فرد احد مرافقيه، وقلت إنا ماجدة الرومي، أود أن اطمئن عن صحة جلالته، وأرجوك أن تبلغه إنني أصلي ليشفيه الله، فوعد بذلك. وبعد اقل من نصف ساعة، عاود الملك الاتصال بي، ليشكر اتصالي وسؤالي عنه."
وتتوقف ماجدة لتسال: "أترين كيف يصبح الكبار كبارا؟ سنوات طويلة مرت على هذه القصة، وأنا لا اقدر على نسيانها.. لا أريد نسيانها، بل احرص أن أطبقها في حياتي لأنني أراها تصرفا يليق بالإنسان.. هذا الملك، رحمه الله، واحد من الذين تركوا علامة في نفسي لتصرفه بكبر.. فهذا شيء جميل."
ويرى البعض أن ماجدة الرومي غائبة عن قضايا المرأة في العالم العربي، ولكنها تقول: " أقر بان المرأة العربية مظلومة ومستغلة، وهي غير سعيدة بشكل عام، إلا أن ما أطالب نفسي به هو دور للسلام في لبنان. أنا ارفض الحرب والظلم اللاحق بوطني، كذلك الوجع والعنف في العراق وفلسطين. الطاغي اليوم هو صوت المصالح والعنف والسياسة.. فمن يرفع صوت السلام؟"
وتتابع معتذرة: "لا يمكنني أن أعدك بالدفاع عن أي قضية أخرى اليوم، لكنني أؤكد لك أنني اعد نفسي بدور كبير في سبيل السلام، إذا قدرني الله، وبطريقة لا يتوقعها احد. ما عدت استطيع أن أرى حياتي بمقياس الناس، صرت أراها بمقياس الله. لدي يقين بأنني أخاطب موجة أعلى، ويهمني رأي ربي فيما افعل."
ترى ما الذي أوصل الفنانة القديرة ماجدة الرومي إلى هذه الحرية والروحانية، أهو النجاح أم الخيبات؟
فتجيب: "الوجع هو ما أوصلني إلى الحرية! أتدركين معاناة الإنسان قبل أن تطلع روحه! عندها (تطلع روحه) يكون شيئا رائعا... تبلغ الروح قمم الفرح والحرية.. لا يعود يخيفها الحزن ولا المصاعب ولا الفقر، أو يرهبها غاصب في الأرض، يصبح كل ذلك صغيرا، ويتلاشى أمام عظمة الخالق الذي كتب أقدار الناس."
بالنسبة لماجدة المؤمنة كل شيء يحدث لسبب، ويستمر لسبب، ويتوقف أيضا لسبب.. لكنها تقول: "لا اعرف لماذا يتواصل الوجع في وطني، اعرف إن كل واحد منا سيتحمل المسؤولية أمام ربه."
وتختم حديثها: "عندما ننظر إلى حياتنا من منظار الإيمان يصبح كل شيء صغيرا وسهلا.. لم يعد هناك ما يحبطني.. ما من شيء صعب عندي أو قادر أن يكسرني.. لدي قوة في نفسي ليست من ذاتي، بل من خالقي الذي أسلمته أمري."
وماجدة كانت عبرت عن هذا الشعور في أغنية "ما راح احزن عا شي"، التي كتبت كلماتها بنفسها، وهي تؤكد اليوم أن الآتي أجمل.