اكثم الصرايرة
نحن لسنا انهزاميون، ولسنا متخاذلون، ولسنا عن واجباتنا الوطنية مستنكفون، ولسنا بالصفوف الخلفية جالسون. نحن مقاطعون لأجل التغيير ، و لسنا مقاطعون لأجل التخريب نحن مقاطعون لاجل اعادة الهيبة للناخبين ، ولسنا بحقوقهم مستهترين نحن مجبورون ولسنا مخيرون، ولمهزلتهم مقاطعون .
اذا ارادو ا ان يعاقبونا وعن قول الحق ان يمنعونا ، فالاجدر والاولى بهم ان يعاقبوا من بمصائر و اصوات الناخبين قد تلاعب , و عن سمعة البلد و نزاهة انتخاباته قد فرط و تنازل , هم ليسوا ببعيدين و على تراب الوطن ما زالوا متربعين , اليس على القانون لا يوجد كبير ؟
لقد حرمت الحكومات المتعاقبة هذا الشعب من أبسط حقوقه التي كفلتها له جميع الشرائع السماوية والقوانين البشرية ، فبعد أن حرمته من أسباب الحياة الكريمة بفسادها حرمته من حريته ومن حقه الانتخابي بعدما فصلت مسخاً مشوهاً وسمته قانون باسمه قيدت وكبلت أيادي المنتخبين، بداية بمنحهم صوت يتيم مروراً بدوائر انتخابية انتهاء بدوائر وهمية أعطت بعض المرشحين فرص النجاح بالتزكية، وحولت الانتخابات النيابية إلى انتخابات مجالس قروية . لن ننصت لنعيقهم ولن تغرينا دعاياتهم ولن تثيرنا توسلاتهم ولن ننخدع بأقنعتهم المزيفة فقد خدعنا مرات و مرات والغبي لا يلدغ من الجحر 5 مرات.
تلوموننا بأننا نتخلى عن حقنا وتتهمونا بالتخاذل، و نقول لكم إننا مللنا من أداء دور الكومبارس وسئمنا هذا الدور أفلم تملوا أنتم! ألم تملوا من الذهاب والانتخاب والغناء والقتال والاشتراك في هذه المسرحيات الهزلية لتؤدوا دور شاهد ما ( شفش حاجة).
اعلم بأنكم ستقولون بأن هنالك من يستحق الانتخاب، و أنها إن خليت بليت و ووو.......و أنا معكم ولن أتهم الصالح بعروة الطالح وسأعطيكم أيضاً أمثلة من منطقتي، فهناك بعض الشخصيات المحترمة من وجهة نظري قد رشحت نفسها هذه المرة في ، منهم من يستند لخلفيات حزبية و منهم يمتلك حضور اجتماعي قوي سبقته مواقف جريئة إبان أزمة المعلمين، لكني لو وددت المشاركة وتركت المقاطعة، لن استطيع انتخابهم بسبب قانون الدوائر والصوت الواحد المتخلف ، هذه الشخصيات وأمثالهم إن كتب لهم النجاح سيكونون أقلية متفرقة ليس لها غطاء حزبي موحد، أو قواسم مشتركة، فسيكون صوتهم خافت وسيضيع بين ضوضاء المنافقين، وستكون فرصة ذوبانهم كبيرة لأنهم سيدركون مبكراً أنهم وأفكارهم منبوذون بين أغلبية مطبوعة بخاتم الأموال والاكتساب والبحث عن المصالح الشخصية،و ان ثبتوا و قاوموا فتاثيرهم سيكون محدود ومع احترامنا لهم لكننا لن نصوت لنعطي الشرعية المفقودة للأغلبية الانتهازية القادمة المتكلة على التزوير وشراء الأصوات.
نحن سنقاطع لأجل ألتغير ،وهي معادلة يصعب تفسيرها ويطول شرحها إن هي ذكرت أمام أناس غرباء عن وضعنا الانتخابي فالمشاركة هي الاساس و المقاطعة هي الاستثناء ، ولكنني أدرك أن غالبية المثقفين والمتعلمين و الاحرار المالكين لإرادتهم الباقين على كرامتهم سيفهمون هذا الطرح بسهولة لخبرتهم بتجاربنا الانتخابية، فلم تستطع المجالس السابقة التي تلت مجلس 89 وهو الوحيد الذي يمكننا تسميته بمجلس نواب أن تتقدم بالعملية الديمقراطية قيد أنمله، لا بل كانت في تراجع رهيب، حتى وصلنا للمجلس المطرود، الذي أظهر للجميع حجم الانحطاط الديمقراطي الذي وصلنا إليه بأيدي حكومات أبت أن تمنح الشعب شيء واحد يفرح به ويشعره بأن له كيان، ولم تفلح هذه الحكومة في التقاط إشارة التغيير التي أطلقها جلالة الملك حفظه الله وأبقاه عندما حل مجلس التجار. وطالبنا الحكومة باحترام هذه الخطوة و تحقيق التغيير المنشود الذي يعيد للمجلس هيبته ويعيد للشعب ثقته في صوته، ولكنها زادت الطين بله ،فشرذمت المجتمع إلى اوهام و أشلاء متناحرة متقاتلة راح ضحيتها مواطن حتى الآن .
إذن فالتغيير المنشود لم و لن يأتي على أيدي أناس بهذه العقليات العرفية المرعوبة من أي تغيير يمكنه أن يمس أبراجهم المحصنة حتى لو كان في مصلحة الشعب، وهاهم يقوموا بترحيل هذا الرعب من حكومة إلى أخرى ، و هذا المجلس القادم وفي ضوء هذه المعطيات، فإنه من غير المتوقع أن يحدث أي تغيير على قانون الانتخاب، وهذه نتيجة متوقعة لمجلس أغلب أعضائه من الباحثين عن تعظيم أرباحهم وسلطاتهم ونفوذهم، وليس من مصلحتهم إحداث أي تغيير يقلص من فرص عودتهم.
ان مقاطعتنا ما هي الا حركة احتجاجية واضحة وصريحة مناهضة لحكومات اعتادت التزوير وتنجيح أتباعها وإبعاد كل من هو ناطق معارض لتوجهاتها و افكارها ، و حاليا أصبحت هي السلاح الوحيد بأيدينا القادر على إيصال رسالة قوية و صريحة لا غموض فيها مفادها أننا لم نعد نقبل بهذا الواقع المرير و المزري و يتحتم على الحكومة الحالية ان بقيت او القادمة ان تتحلى بقدر من الشجاعة و المسؤولية وان تأخذ دورها الوطني للنهوض بالحياة و العملية الديمقراطية والارتقاء بها و محاولة الاقتراب بها من تجارب بعض الدول الشقيقة كالكويت ولبنان ،فهذه الدول عربية و ليست أجنبية .
أخواني المشككين في موقفنا نحن مقاطعون لأجل التغيير وليس لإحراج الحكومة ووضع العصا بالدواليب، وإلى كل من يتهمنا بالتخاذل أقول : ان معظم الشعب لم يتخاذل في السابق فماذا كانت النتيجة و ماذا حصل ؟ انتجنا مجالس مشوهة متخبطة تائهة ضائعة مستسلمة مستجدية على ابواب الحكومة مستلقية ، و هذا كلام يعرفة الاردنيون و رددوه مرارا و تكرارا و لكن بعد فوات الاوان ، ثم تغلبهم طيبتهم و يعاودوا الكرة بعد ان يكونوا حلفوا أغلظ الايمان بأن لا ينتخبوا أملا في مجالس تفش الغل و تضع مصلحة الشعب بين اعينها ,و ما ان ينقضي سنة او اقل حتى يعودوا لشكواهم و تذمرهم .
وفي هذه الانتخابات ماذا تغير , نفس الوجوه و نفس الشعارات و ان اختلفت بعض الاسماء , مرشحين اغلبهم بلا برامج او اهداف او حتى سيرة ذاتية محترمة تؤهلهم للترشيح اولا و ليس للنيابة ،ذهبنا أم جلسنا سيعودون هم بعينهم، ولكننا اخترنا أن لا نلعب دور الكومبارس هذه المرة، لإضفاء الشرعية على تزويرهم, فهذا القانون العقيم كيف له أن يلد مجلس قوي، و إن أصغينا هذه المرة و ذهبنا لن نحصل على أكثر من وعود و تطمينات لا تسمن و لا تغني ، دعونا نضحي هذه المرة بحقنا لنسمع و نوصل رسالة لم يستطع مئات النواب في الدورات السابقة إسماعها، ومما يثلج الصدر ويبعث على الطمأنينة ويؤكد بأن معظم الشعب قد فاق من غيبوبته تلك التقارير التي تؤكد بأن نسبة المشاركة لن تتجاوز النصف مليون من أصل أربعة ملايين أردني يحق لهم الانتخاب، وهذا إن حدث و لم يكن هناك تزوير كالعادة فإنه سيوجه رسالة قوية تحمل قرار شعبيا و طلبا ملحا بضرورة التغيير.
فهل ترون يا سادة سلاحاً أفضل من هذا في ظل هذه الظروف ؟ أم أنكم ستستمرون في النفخ بقربه مخزوقة وتضحكون على أنفسكم وتؤملوها بانفراج قادم وأنتم متأكدون أن القادم أسوأ. إخواني المتهمين أنا لست من الإخوان ولست من أصحاب الدولار ولست مدعوماً من أحد الجوار، أنا أردني بسيط قادم من أرض مؤتة المزار، مؤمناً بحتمية التغيير الذي لن يحدث إلا بمجلس قوي منبثق عن انتخابات حرة نزيهة مستنداً على دعم جماهيري من جميع الفئات، مجلس قادر على محاسبة المخطئين من الوزراء والمسؤولين الذين لا يجدون من يوقفهم، فالصحافة وإن كانت قوية لا تستطيع أن تسد مكان النواب.
و من البديهي أن تلهث الحكومة بكل أطيافها لاستجداء الناخبين أصواتهم، فالذاهبون منهم سيضمنون سلامتهم من أي محاسبة ومن أي مسائلة، والباقون سيضمنون استمراريتهم في ظل مجلس ضعيف مشتت غير قادر على إدارة نفسه. فيا أخي الناخب الذي وراء السراب راكض، أرأيت في العالم كله حكومة تلهث وتسخر كل طاقاتها وإمكانياتها الاعلامية و الدينية و التربوية و تطلق العنان لابواقها في كل مكان وتشحد الناس أصواتهم ؟ هل سمعت عن حكومة تطلب من شركات بأن تجري سحب على اصوات الناخبين ليربحوا اجهزة خلوية و كأننا في مسابقة رمضانية ؟ و اقترح ان تقوم شركات و مصانع اخرى برعاية الانتخابات كمصانع العصير و الارز و السكر و البامبرز و الحليب الكامل الدسم .........
هل سمعت عن حكومة تفتي للشعب بأن الانتخاب هو و اجب شرعي ؟! ولكنها لم تحدد ان كان فرض او سنة !!!!!
هل سمعت اخي الناخب عن مرشحين يشوون و يقدمون الشاورما بنوعية (الدجاج و اللحم ) داخل المقر الانتخابي ، واقترح ان يقدموا خدمة التوصيل للبيوت ! أسألت نفسك لماذا؟ هل لأن الشعب الأردني جاهل ولا يعرف حقوقه و وجباته وهو الشعب المسيس المحزب الذي كان عنده نواب إبان الحكم العثماني ! لا ولكنهم يعلمون أي جريمة هم مرتكبون وأي مجلس هم مقدمون و أي نواب على الشعب سيفرضون، ولأنهم يعلمون علم اليقين بأن مهزلتهم ومأتمهم لن يأتيه أي من هم بالوطن مؤمنين