الكاتب : عاطف الكيلاني
يافطات ... يافطات ... يافطات ... حيثما تكون ، وحيثما تذهب ، وحيثما يممت وجهك ، تواجهك اليافطات والإعلانات ... صور ... صور ... صور ,,, مرشحون للإنتخابات النيابية ، يحاصرونك بصورهم ... بطلعتهم ( غير البهيّة ) ... هذا أبيض , وذاك قمحيّ لون البشرة ، وثالث أسمر ... ورابع ( يبحلق بك بمنتهى العنجهية والغرور ) ، وخامس وسادس وعاشر ومائة وخمسمائة ... ويا سلام سلّم .
مهرجان للصور أكثر منه شيء آخر ... ابتسامات بلهاء تفتقر الى الرصانة تكسو وجوه أغلب المرشحين ... صور كثيرة بلا معنى وبدون ملامح ... ترى صورهم تتزاحم في شوارع وميادين وساحات العاصمة والمحافظات ، وكأنهم في مسابقة لاختيار ( ملك جمال الرجال ) في بلادنا ... وماذا عن الشعارات الإنتخابية ؟... لا شعارات ... لا برامج ... فقط ( انتخبوني ... وها هي صورتي ) ... ( انتخبوني ... فأنا أشقر الشعر ، أصلع مقدمة الرأس ، خفيف الحاجبين ) ... ( انتخبوني ... فأنا رياضيّ القوام ، ليس لي كرش يعيق حركتي ، وسوالفي قصيرة ) ... وإن كانت صاحبة الصورة ( المرشحة ) امرأة ... ( انتخبوني ... فأنا حضارية ، إن لم تصدقوني ، انظروا الى شكل شعري وتسريحتي ) ... ( انتخبوني ... فثيابي كلها من باريس وكذلك عطوري ) ... بازار مملّ أدخل فيه هؤلاء المرشحون شعبنا الأردني الصابر ... الشعب يريد برامج انتخابية لكل مرشح ، والمرشح يريد أن ( يجلطنا ) بالتفرّج الإجباري على صورته ... إن الواحد منهم ، يعتقد أنه كازانوفا عصره وأوانه ... فالنتينو ... دون جوان ... لا حول ولا قوة إلا بالله !ا
فوضى لا مثيل لها أدخلنا بها ( واضع ) قانون الإنتخاب ... قانون انتخاب متخلف وغير حضاري ويؤلب بعض المجتمع على بعضه الآخر ... قانون يفكك العشائر ويزرع الأحقاد ويهدم أضعاف ما يمكن له أن يبني ... لتكون النتيجة هذا الكرنفال الذي يسوده النفاق والتضليل والكذب والخداع ...
أتيح لي أن أحضر بعض المهرجانات لبعض المرشحين ( من باب الفضول الصحفي ، او من باب التخجيل ، أو من باب صلة قرابة أو صداقة ) ... يتكلم الخطباء في كل شيء إلا قضايا الوطن والمواطن ... لا سياسة ولا اقتصاد ولا من يحزنون ( ما لهم ولوجع الدماغ ) ... فقط هم يحسنون النفاق للمرشح ، فيجعلونه نصف إله في أقل من دقيقة ... وعندما يأتي دوره للحديث عن نفسه وعن دواعي ترشحه ، تجده ( حتى ) لا يتقن اللغة العربية ... فأيّ مجلس يرتجى إذن ؟
واهم من يعتقد أن المجلس القادم سيكون مختلفا عن المجلس الذي سبقه ... فلا قانون الإنتخاب يسمح بذلك ، ولا سويّة الأحزاب السياسية في بلادنا تسمح بذلك ... ستتغير بعض أسماء النواب في المجلس القادم ... ولكن ، لا تتفاءلوا !!! سيكونون أسوأ ممن سبقهم ، أو مثلهم في أحسن تقدير ...