شدد رجال دين وعلماء ومؤسسات دينية رسمية على ضرورة مشاركة جميع افراد المجتمع في الانتخابات النيابية ، مشيرين الى ان الواجب الشرعي والوطني يدعو كل فئات المجتمع للمشاركة في اختيار نواب الوطن حسب الكفاءة والمصلحة الوطنية بعيدا عن التعصب بكل اشكاله.
وأكدوا الاهمية الكبيرة لمشاركة الشباب والمرأة في الانتخابات من خلال الترشيح والاقتراع لمصلحة الوطن ، مشيرين الى ان المشاركة واجب على المواطن لاختيار الشخص الانسب والمؤتمن على دينه ووطنه وأمته.
ولفت رجال الدين الاسلامي والمسيحي في حوارات مع "الدستور" الى ان الاقتراع لما فيه مصلحة الوطن مسؤولية أمام الله عز وجل وواجب على الجميع ، مؤكدين أن مبدأ المقاطعة مرفوض وغير صحيح ، وانه على الاطراف التي اعلنت المقاطعة ان تعدل عنها وإن لم ترغب في المشاركة الكاملة فعليها تقليص اعداد المرشحين للتنافس على المجلس بدلا من المقاطعة نهائيا.
وأوضحوا أن إنجازات المملكة برؤاها الهاشمية التي تصون الخير العام للمجتمع والمواطنين تدعو الى المفاخرة بما تحقق ، وأن نترجم هذا الافتخار بممارسة ومسلك يكرسان عملنا كدافع وطني معنويّ مؤسَّس على الحرية والحس بالمسؤولية.
وكانت وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية اصدرت مؤخرا تعميماَ على خطباء وأئمة المساجد في كافة انحاء المملكة يتضمن عدم اتاحة الفرصة لاي جهة باستغلال المنابر لغايات انتخابية كما يتضمن توجيهات لأئمة المساجد لحث الناس على المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة.
وخلال لقاء عام جمع الوعاظ والائمة والواعظات والمرشدات على مستوى محافظة الزرقاء الاسبوع الماضي قال وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور عبدالسلام العبادي ان المشاركة في عملية الاقتراع للانتخابات النيابية المقبلة واجب شرعي ووطني ، مبينا ان من لا يهتم بامر المسلمين ليس منهم وان هذه المشاركة تؤكد اهمية المواطن في صنع القرار حيث الدور البارز والمهم للبرلمان في مجالات التشريع والرقابة منوها ان وزارة الاوقاف تحمل رسالة سامية يجب ان تنعكس على خدمة الوطن والمواطن والقضايا العامة.
واضاف العبادي ان الحكم الشرعي في هذا الاطار واضح حيث كثير من النصوص الشرعية دعت الى المشاركة الفاعلة في الانتخابات وضرورة الحيادية في دعوة الناس لاختيار مرشحيهم دون تخصيص.
وفي رد على سؤال وصل الى دائرة الافتاء حول "هل تشجيع الناس وحثهم على تسجيل بطاقاتهم الانتخابية ودعوتهم إلى ممارسة حقهم الانتخابي جائز شرعاً؟" اجابت لجنة الافتاء في الدائرة ان الانتخابات وسيلة شرعية لاختيار النواب ، وتمثل هذه الوسيلة إحدى آليات قاعدة الشورى التي تقررها الشريعة الإسلامية بالأدلة الكثيرة ، بل سبق الصحابة رضوان الله عليهم بالعمل بهذه الآلية في بداية التاريخ ، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله - في معرض حديثه عن جمع عبد الرحمن بن عوف أصوات الناس لصالح عثمان بن عفان أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما - : "نهض عبد الرحمن بن عوف يستشير الناس فيهما ، ويجمع رأي المسلمين برأي رؤوس الناس جميعا وأشتاتا ، مثنى وفرادى ، سرا وجهرا ، حتى خلص إلى النساء في خدورهن ، وحتى سأل الولدان في المكاتب ، وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة ، وفي مدة ثلاثة أيام بلياليهن" انتهى. "البداية والنهاية" (7 ـ 151)
واضافت اللجنة في فتواها: لقد عُرف النواب سابقا باسم "العرفاء" ، وهم الذين يتولون أمر سياسة الناس وحفظ أمورهم ، فكان صلى الله عليه وسلم يرجع إليهم لمعرفة آراء الناس في القضايا العامة ، وكان يقول: (ارْجًعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إًلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ) رواه البخاري.
واكدت اللجنة ان تشجيع الناس على الانتخاب والتصويت أمر مشروع ، بشرط أن يقترن بتوعية الناس نحو ضرورة انتخاب من يحفظ على الأمة دينها ، ولا يخالف دستور الدولة الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام ، فيحافظ على هذا المبدأ أثناء ممارسته السلطة التشريعية ، ولا يسوس الناس بما يخالف الشريعة ، ويراقب أيضا التزام الحكومة بما فيه فائدة للدين والوطن والأمة ، ولا يكون غرضه من الترشح هو المناصب الدنيوية الزائلة ، بل العمل لصالح دينه وأمته ، وبهذا نضمن أن يصل إلى مجلس النواب الصالحون القادرون على حمل الأمانة ، ونقطع الطريق على العاجزين والمفسدين.
الناطق الاعلامي لدائرة الافتاء العام مفتي العاصمة الشيخ الدكتور محمد الخلايلة حث المواطنين على المشاركة الفاعلة بالعملية الانتخابية ، مشيرا الى ان على المسلم ان يعيش امر المسلمين وان الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال "من لم يهتم لامر المسلمين فليس منهم".
واضاف الشيخ الخلايلة ان الاصل في المسلم ان يشارك ويدلي بصوته ويساهم بشكل فاعل في الانتخابات البرلمانية وصولا الى اختيار الانسان المؤتمن على وطنه وأمته ودينه والاكفأ لأن ذلك مسؤولية امام الله عزوجل وينبغي بالمسلم ان يوصل الرجل المناسب الى المكان المناسب ، كونه يعد واجبا شرعيا ووطنيا بالاضافة الى انه حق دستوري كفله الدستور الاردني ، لافتا الى ضرورة حسن ممارسة هذا الحق.
وقال المدير التنفيذي لمركز التعايش الديني الاب نبيل حداد انه ومنذ تأسيس إمارة شرق الأردن شكّل مفهوم المشاركة في الدور التشريعي وفي اتخاذ القرار ركناً أساساً من أركان فلسفة الحكم وسياسة الدولة التي أكّدت من خلال الدستور والممارسات القانونية والتشريعية أن الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الأصل أو العرق أو اللون أو الدين.
واضاف "ان الكتاب المقدس يعلّم واجب الطاعة لله والانتماء للوطن والمجتمع الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني والاسرة الاردنية الواحدة يستحقان أن يؤدي كل أبنائه واجب الوقوف مع الوطن في يوم الوطن وحرية وإرادة المواطن ، وطاعة لله الذي يأمرنا بالعمل للمشاركة في الخير العام الذي يقتضي اليوم وككل واجب أخلاقي ممارسة هذه المشاركة كالتزام ارادي كريم بالواجب يضطلع فيه المواطن وبدافع من ضميره في إحقاق خير الآخرين وخير المجتمع ، ومشاركة صادقة أمينة بعيدة عن المحاباة تعزز فرائض الاهتمام الواعي بنمو مؤسسات الدولة التي تحسن أوضاع الحياة في الوطن خدمة للخير الذي يوجّه للناس ويهم جميع الناس لتحقيق التنمية والرفاهية ، لافتا الى ان واجب الطاعة لله يفرض على الجميع أداء هذا الواجب الدستوري".
واشار إلى اننا نتطلع في يوم التاسع من تشرين الثاني القادم إلى مساهمة فاعلة مميزة ، تظهر تضامن الأسرة الأردنية الواحدة في وقوفها معاً تكريساً للمساواة والعدالة والشفافية والانصاف والنزاهة وتأمين حياة سياسية لائقة يستحقها الأردن والأردنيون ، موضحا أن إنجازات دولتنا الأردنية برؤاها الهاشمية التي تصون الخير العام للمجتمع والمواطنين تدعونا ان نفاخر بما تحقق ، وأن نترجم هذا الافتخار بممارسة ومسلك يكرسان عملنا كدافع وطني معنويّ مؤسَّس على الحرية والحس بالمسؤولية.
الامين العام لمجلس المنظمات والجمعيات الاسلامية المهندس محمد خير الكيلاني قال ان مبدأ المقاطعة غير صحيح لأن الاصل في الامور المشاركة الفاعلة في الانتخابات. واضاف ان مقاطعة الاسلاميين للعملية الانتخابية كان الاولى بها الا تتم وان يستعاض عنها بتقليل اعداد المترشحين للمجلس.
ولفت الكيلاني الى ان المشاركة بالعملية الانتخابية ستؤدي الى جعل جيل الشباب من المواطنين ان يعتاد على ممارسة هذا الحق الدستوري وممارسة الديمقراطية بأبهى صورها وصولا الى اختيار الاكفأ والاصلح ليمثل المواطنين خير تمثيل.
وطلب الامين العام من المترشحين التركيز على مختلف الامور الحياتية للمواطن وطرق حل المشكلات التي تعترضها ، مبينا انه لابد من التركيز على مشاكل البطالة والفساد وآليات حليها في شعاراتهم التي يرفعونها ، لافتا الى ان المشاركة في العملية الانتخابية واجب على الجميع وان النتيجة لذلك الا يغيب صوت المواطن عن ممارسته حقه الدستوري بالانتخاب ، وان ارتفاع نسبة المشاركة تزيد فرص التمثيل الكامل للمواطن في المجلس المنتخب.