من جرب لحظات الإيمان العميق والمتجذر في النفس البشرية ..
ومن وصل روحه باتصال مباشر في ظلمة ليل دامس برب العالمين .. أنى له أن يعصي؟ ..
بل أنى له أن يشقى؟ ..
إن لذة الإيمان هي لذة تراكمية .. وليست كلذات الدنيا الرخيصة ..
والتي سرعان ما تخبو بانقضاء لحظتها ..
بل إن لذة الإيمان تحثك وتدعوك لعيش سعيد .. ولذة غامرة .. بل وإلى دار عامرة .. .
ما أجملها من لحظات .. الله .. ما أجمل تلك الدمعة التي انسكبت دونما إحساس أو شعور ..
اعلانات
وما أروع تلك السجدة التي نستشعرها بكل كياننا حينما نقبل بكامل جوارحنا وعواطفنا
لنعيش أقرب ما نكون من المولى جل في علاه..
وما أبهى دعوة السر التي انطلقت من غياهب القلب ليعلن أمام خالقه فقره وحاجته وعازته ..
إنها نشوة .. ولكنها الأجمل من بين نشوات البشر .. إنها عالم آخر ..
إنها تجرد كامل من كل ما في هذه الدنيا ..
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }سورةالرعد28..
إنها لحظات عميقة وإن امتدت ساعات .. فلا يشعر فيها صاحبها حتى يقضي مجلسه ..
عندها .. وعندها فقط .. يفهم معنى السعادة .. ويعيش معنى العزة .. ويستوعب هذه القوة ..فلو تحدثنا وتحدثنا وتحدثنا....
لن نستطيع وصف ذلك الموقف وتلك المشاعر ... ولله درك يا جنيد البغدادي...
لقد سُأل عن المحبة ...
((فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال : عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بأداء حقوقه
ناظر إليه بقلبه أحرق قلبه أنوار هيبته وصفا شرابه من كأس مودته وانكشف له الحياء
من أستار غيبه فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك فبأمر الله
وإن سكن فمع الله فهو لله وبالله ومع الله ))
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } سورة آل عمران
حقا "من ذاق عرف .. ومن عرف اغترف!"