الإدمان على "التنر" و"الآغو" ينهش أعدادا متزايدة من الأطفال والمراهقين

فيما تعد الرقابة العائلية والرسمية شبه غائبة عن اتساع دائرة لجوء أطفال وشباب يافعين إلى استنشاق المواد الكيماوية الطيارة، لا يدرك الكثير من هؤلاء الأطفال أن حالة "التسطيل" والنشوة، التي يسعون إليها في استنشاق هذه المواد كفيلة بإيقاعهم في فخ الإدمان وسلسلة من الكوارث الصحية والاجتماعية.

هم ضحايا لا تلتفت إليهم الجهات المعنية، ولا تطالهم مظلة الحماية القانونية، فيما لا يدرك الكثير منهم أن إدمانه قد يتسبب بوفاته، مرورا بتسببها بتلف في خلايا الدماغ، قد تحيله الى طفل متخلف عقليا.

وعلى الرغم من الخطورة التي تسببها المواد الطيارة، وعلى رأسها انتشارا بين أطفال منحرفين مادتا "الآغو" و"التنر"، وتداعياتها الصحية القاسية على أجسادهم الغضة، فإن القانون بقي عاجزا أو بعيدا عن فرض مظلته على هذا الانحراف، وعن ضبط متعاطيها، الذين لا تطالهم العقوبة ولا الرقابة، لعدم وجود نصوص قانونية خاصة بمثل هذه الحالات، كما تبين لـ "الغد" في تحقيقها الاستقصائي.

وعلى الرغم من وجود تشابه كبير بين تعاطي المخدرات واستنشاق المواد الطيارة، فيما يتعلق بآثارها الصحية الخطيرة وانعكاساتها الاجتماعية والجرمية، فإن النصوص القانونية تعاملت مع الحالة الأولى (المخدرات)، فيما غابت عن الثانية، أو بقيت في حدودها الدنيا.

ويرد مهتمون تزايد أعداد ضحايا استنشاق وإدمان المواد الطيارة من الأطفال الى غياب النصوص التشريعية الرادعة، إضافة الى ضعف تطبيق بعض القوانين ذات العلاقة بهذه الظاهرة، فيما يبقى دور الجهات المعنية بالطفولة وضبط الانحرافات هامشيا، ولا يرقى الى مستوى الوقاية. ويزيد الصورة قتامة انشغال العديد من الأسر عن أبنائها وضعف الرقابة العائلية لسلوكيات الأبناء، ما يترك الباب مفتوحا للتأثر السلبي بأقران السوء.

وأثبتت الدراسات العلمية خطورة استنشاق المذيبات الطيارة، مثل التنر والآغو والبنزين ومشتقاتها. وبينت أن تعاطيها لا يقل ضررا عن تعاطي المخدرات.

تزايد انتشار المواد الطيارة

ويرى مهتمون بالطفولة ومختصون أن اللجوء الى استنشاق المواد الطيارة الضارة والإدمان عليها ينتشر بصورة لافتة في المناطق الفقيرة، وفي بعض مناطق الحرفيين والأماكن والمشاغل التي تكثر فيها عمالة الأطفال، بخاصة تلك المشاغل وكراجات الحرف التي تستخدم في عملها هذه المواد.

لكن اللافت شبه الغياب الرسمي للرقابة والمتابعة لهذه القضية. يقول رئيس قسم الشمال لمكافحة المخدرات الرائد رشيد الشيشاني لـ "الغد" إن مراقبة الأطفال المتعاطين للمواد الطيارة "ليست من اختصاص القسم"، وأن مهامه تنحصر في متابعة وضبط مدمني المخدرات.

ويشير الشيشاني الى أن الأجهزة الأمنية معنية بضبط المتعاطين للمخدرات، الا ان الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم محمد الخطيب يشير الى ان الاجهزة الأمنية "تضبط المتعاطين للمواد الطيارة، إما بالصدفة أو ضمن عمليات التفتيش الدورية، أو في حال وردت اليها شكوى بوجود مجموعة من المتعاطين والمستنشقين لهذه المواد".

لكن الخطيب يقر بأن مسألة الرقابة والمتابعة الأمنية لمثل هذه الحالات "تبقى محدودة، لأن المتعاطين يمارسون طقوسهم بالخفاء في منازلهم أو في مناطق مهجورة"، ويؤكد أن للرقابة العائلية والتوعية الدور المهم في مكافحة مثل هذه الظواهر.

يسلمو اخي

هلا والله